ذكر إخباره - صلى الله عليه وسلم - بما قاله جماعة من المنافقين الذين خرجوا معه
قال محمد بن إسحاق ، ومحمد بن عمر - رحمهم الله تعالى - كان رهط من المنافقين يسيرون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخرجوا إلا رجاء الغنيمة منهم : وديعة بن ثابت أخو بني عمرو بن عوف .
والجلاس بن سويد بن الصامت .
ومخشن بالنون - قال أبو عمرو وابن هشام مخشي بالتحتية - ابن حمير من أشجع ، حليف لبني سلمة ، زاد محمد بن عمر : وثعلبة بن حاطب .
فقال بعضهم لبعض ، عند محمد بن عمر : فقال ثعلبة بن حاطب : أتحسبون جلاد بني الأصفر كجلاد العرب بعضهم بعضا ، لكأني بكم غدا مقرنين في الحبال ، إرجافا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإرهابا للمؤمنين .
وقال الجلاس بن عمرو ، وكان زوج أم عمير ، وكان ابنها عمير يتيما في حجره : والله لئن كان محمد صادقا لنحن شر من الحمير ، فقال عمير : فأنت شر من الحمير ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - صادق وأنت الكاذب ، فقال مخشن بن حمير : والله لوددت أن أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وإننا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه ! ! .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - : "أدرك القوم فإنهم قد اخترقوا ، فاسألهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل بلى قلتم كذا وكذا" لعمار بن ياسر
فانطلق إليهم فقال لهم ذلك ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته وقد أخذ عمار وديعة بن ثابت بحقبها ورجلاه تسفيان الحجارة وهو يقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ، ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم [التوبة 65 ، 66] وحلف فأنزل الله تعالى : الجلاس ما قال من ذلك شيئا ، يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فأنزل الله سبحانه وتعالى : [التوبة 74] . [ ص: 446 ]
وقال مخشن : يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي ، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن أو عبد الله ، وكان الذي عفي عنه في هذه الآية ، وسأل الله تعالى أن يقتل شهيدا ولا يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، ولم يعرف له أثر .