الباب الثامن في ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا مقطوع السرة
عن رضي الله تعالى عنه قال: أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كرامتي على ربي أني ولدت مختونا ولم ير أحد سوأتي".
رواه وأبو نعيم الطبراني من طرق. قال في الزهر: سنده جيد. انتهى. وابن عساكر
وصححه الحافظ ضياء الدين المقدسي وروي من حديث رواه العباس بن عبد المطلب ابن سعد وحسن مغلطاي سنده في كتابه دلائل النبوة ومن حديث ابنه عبد الله رواه ابن عدي ومن حديث وابن عساكر رواه أبي هريرة أيضا. ومن حديث ابن عساكر رواه أنس . قال أبو نعيم مغلطاي في دلائله: بسند جيد. ومن حديث رواه ابن عمر . ابن عساكر
وقد جزم - بأنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا - جماعة من العلماء منهم هشام بن محمد بن السائب في كتاب الجامع. وابن حبيب في المحبر. وابن دريد في الوشاح، في العلل والتلقيح. وقال وابن الجوزي في المستدرك: تواترت الأخبار بأنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا. وتعقبه الحاكم الذهبي فقال: ما أعلم صحة ذلك فكيف يكون متواترا.
وأجيب باحتمال أن يكون أراد بتواتر الأخبار اشتهارها وكثرتها في السيرة، لا من طريق السند المصطلح عليه عند أئمة الحديث.
وقيل: إن جبريل ختنه صلى الله عليه وسلم. حين شق صدره. رواه عن الخطيب موقوفا. ولا يصح سنده. وقال أبي بكرة الذهبي : إنه خبر منكر. وقال الذهبي : إن جده صلى الله عليه وسلم ختنه على عادة العرب .
ورواه قال أبو عمر الحافظ أبو الفضل العراقي : وسنده غير صحيح. قال الحافظ قطب الدين الخيضري رحمه الله تعالى في الخصائص: وأرجحها عندي الأول. وأدلته مع ضعفها أمثل من أدلة غيره.
قلت: قد قدمنا أن له طريقا جيدة صححها الحافظ الضياء. وقد قال الزركشي : إن تصحيح أعلى مزية من تصحيح الضياء الحاكم.
قال الخيضري: فإن قيل إن فيه أي في بعض نقص في حق من يوجد كذلك. فيقال: هذا في حقه صلى الله عليه وسلم غاية الكمال لأن القلفة ربما تمنع من تكميل النظافة والطهارة، وتمنع كمال لذة الجماع فأوجد الله تعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا مكملا سالما من سائر النقائص والمعايب فإن قيل: إذا كان كذلك فلم ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا التي هي حظ الشيطان، ولو كان كما ذكرت لخلقه سالما منها؟ شق صدره صلى الله عليه وسلم واستخرج منه العلقة السوداء
[ ص: 348 ] قلت: لا سواء لأن الختان والإسرار من الأمور الظاهرة التي تحتاج إلى فعل الآدمي، فخلقه الله تعالى سليما منها لئلا يكون لأحد عليه منة، كما في كمال الطهارة، وأما إخراج العلقة التي هي حظ الشيطان فمحلها القلب ولا اطلاع للآدمي عليها، ولو خلق الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم سليما منها لم يكن للآدميين اطلاع على حقيقته، فأظهره الله تعالى لعباده على يد جبريل ليتحققوا كمال باطنه كما برز لهم مكمل الظاهر انتهى. وهو مأخوذ من كلام السبكي يأتي ذكره في باب شرح صدره صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن سعد بسند رجاله ثقات عن إسحاق بن أبي طلحة مرسلا رحمه الله تعالى أن آمنة قالت: وضعته نظيفا، ما ولدته كما يولد السخل، ما به قذر، ووقع إلى الأرض وهو جالس على الأرض بيديه.