الباب الثاني في سيرته صلى الله عليه وسلم في العمامة والعذبة والتلحي
وفيه أنواع :
الأول : في صفة عمامته صلى الله عليه وسلم .
قال في زاد المعاد : كانت له عمامة تسمى السحاب ، كساها عليا قلنسوة .
روى الطبراني والبيهقي وأبو موسى المدني- وإسناده على شرط الصحيح- إلا أبا عبد السلام- وهو ثقة- عن أبي عبد السلام بن أبي حازم رحمه الله تعالى قال : رضي الله تعالى عنهما : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم ؟ قال : كان يدير كور العمامة على رأسه يقرنها ، وفي رواية ويغرزها من ورائه ، ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه لابن عمر . قلت
وروى قال : أخبرنا ابن عساكر أبو سعيد بن البغدادي أخبرنا أبو المظفر محمود بن جعفر بن محمد ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم بن سلمة قالا : أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن علي بن أحمد الشيرازي ، أخبرنا أبو سمرة حدثنا : موسى بن نصر عن أبيه عن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي هريرة ما خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة إلا وهو معتم ، وربما خرج في إزار ورداء ، وإن لم تكن عمامته وصل الخرقة بعضها على بعض ، واعتم بها ، ورواه ابن عدي الهيثم بن جميل عن موسى بن مطير عن أبيه عن عبد الله بن عمر ، فذكره ، قال وأبي هريرة هذا الإسناد أشبه ، وكان الأول عن ابن عساكر : وبعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت الواو . أبي هريرة ،
الثاني : في لبسه صلى الله عليه وسلم العمامة السوداء ، والدسمة والحرقانية وغير ذلك .
روى الخطابي عن وابن عساكر رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم معتما بعمامة سوداء ، قد أرخى طرفها بين يديه .
وروى الحارث بن أبي أسامة ، وأبو القاسم البغوي ، عن وابن عدي ، رضي الله تعالى عنهما جابر بن عبد الله مكة وعليه عمامة سوداء- زاد في رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح
بغير إحرام .
وروى عن ابن عدي رضي الله تعالى عنه أنس . [ ص: 272 ] أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتم بعمامة سوداء
وروى والأربعة مسلم في الشمائل عن والترمذي عمرو بن حريث أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء ، ولمسلم : قد أرخى طرفها بين كتفيه .
وروى الإمام أحمد عن والترمذي رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وعليه عمامة دسمة .
وروى أيضا عن رضي الله تعالى عنهما جابر بن عبد الله . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء
وروى عن النسائي عمر بن حريث رضي الله تعالى عنه قال : رأيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة حرقانية .
وروى بسند ضعيف- عن ابن عدي- رضي الله تعالى عنه قال : جابر كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء يلبسها في العيدين ، ويرخيها خلفه .
وروى عن أبو داود رضي الله تعالى عنه قال : أنس رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة مطوية ، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ، ولم ينقض العمامة .
وروى ابن سعد عن الحسن رضي الله تعالى عنه قال : كانت عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء .
الثالث : في لبسه صلى الله عليه وسلم العمامة الصفراء وعصبه رأسه .
قال الإمام في الإحياء : وربما لم تكن العمامة فيشد صلى الله عليه وسلم العصابة على رأسه ، وعلى جبهته . الغزالي
روى عن البخاري رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس . دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عصابة دسماء
وروى عن رضي الله تعالى عنهما قال : الفضل بن عباس دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه ، وعلى رأسه عصابة صفراء فسلمت عليه ، فقال : «يا فضل» ، قلت :
لبيك يا رسول الله ، قال : «اشدد بهذه العصابة رأسي» ، ففعلت ، ثم قعد ، فوضع كفه على منكبي ، ثم قام ، فدخل المسجد
الحديث . [ ص: 273 ]
وروى الحاكم عن والطبراني عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما قال : . رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبين مصبوغين بزعفران : رداء وعمامة
وروى ابن سعد عن يحيى بن عبد الله بن مالك مرسلا قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه كلها بالزعفران : قميصه ورداءه وعمامته .
وروى أيضا عن قال : زيد بن أسلم . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه كلها بالزعفران حتى العمامة
وروى من طريق ابن عساكر سليمان بن أرقم عن عن سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه قال : أبي هريرة خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قميص أصفر ، ورداء أصفر ، وعمامة صفراء .
وروى عن البخاري رضي الله تعالى عنه قال : ابن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه بالصفرة .
وروى عن ابن عساكر عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير أنه بلغه أن الملائكة نزلت يوم بدر عليهم عمائم صفر ، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة صفراء .
الرابع : في سيرته صلى الله عليه وسلم في العذبة .
روى الترمذي وحسنه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسدل عمامته بين كتفيه .
وروى مسلم وأبو داود عن وابن حبان رضي الله تعالى عنه قال : عمرو بن حريث على المنبر- انتهى وعليه عمامة سوداء ، قد أرخى طرفها بين كتفيه . أبو داود : كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- زاد
وروى مسلم وأبو داود وابن ماجه عن والنسائي رضي الله تعالى عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح جابر مكة ، وعليه عمامة سوداء- زاد النسائي : قد أرخى طرف العذبة بين كتفيه . [ ص: 274 ]
وروى عن النسائي رضي الله تعالى عنه قال : عمرو بن أمية الضمري كأني أنظر الساعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامته السوداء ، قد أرخى طرفها بين كتفيه .
وروى من طرق الطبراني الحجاج بن رشدين بن سعد عن رضي الله تعالى عنه قال : ثوبان . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتم أرخى عمامته بين يديه ومن خلفه
وروى عن أبو نعيم رضي الله تعالى عنهما ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتم أرسل لها ذؤابة من خلفه .
وروى من طريق الطبراني عيسى بن يونس عن رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «عليكم بالعمائم فإنها سيماء الملائكة ، وأرخوها خلف ظهوركم»
وروى بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يولي واليا حتى يعممه ويرخي لها من الجانب الأيمن نحو الأذن . الطبراني
الخامس : في سيرته صلى الله عليه وسلم في التلحي وأمره صلى الله عليه وسلم بالتلحي ونهيه عن الاقتعاط .
قال في زاد المعاد : كان صلى الله عليه وسلم يتلحى بالعمامة تحت الحنك انتهى .
روى الترمذي عن والنسائي رضي الله تعالى عنه قال : بلال يمسح على الخفين والخمار . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى ابن سعد بسند جيد عن ابن طاوس عن أبيه إنه كان يعتم ، ولا يجعل تحت حلقه ولحيته من العمامة شيئا .
وروى عنه أنه عبد الرزاق كان يكره أن يعتم ، ولا يجعل تحت ذقنه شيئا ، ويقول : «تلك لبسة الشيطان» .
السادس : لبس العمامة وإرخاء طرفها من سيماء الملائكة عليهم السلام .
قال الله سبحانه وتعالى : بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين [آل عمران 125] ، ذكر غير واحد من المفسرين أن السومة- بضم السين- السيماء : وهي العلامة .
روى بسند فيه الطبراني حسن له شهر بن حوشب- وغيره وبقية رجاله ثقات- [ ص: 275 ] عن الترمذي قالت : رأيت جبريل عليه عمامة حمراء مرخيها بين كتفيه . عائشة
وروى بسند حسن عن ابن جرير وهو بدري ، قال : خرجت الملائكة يوم بدر في عمائم صفر ، قد طرحوها بين أكتافهم . أبي أسيد الساعدي ،
وروى في اللباس في مستدركه عن الحاكم رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة . أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم على برذون وعليه عمامة حمراء قد أرخى طرفها بين كتفيه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «هل رأيتيه ؟ » قلت : نعم ، قال : «ذاك جبريل عليه السلام فأمرني أن أمضي إلى بني قريظة»
وروى أيضا عنها قالت : على دابة يناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة قد أسدلها خلفه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : دحية بن خليفة الكلبي
«ذاك جبريل أمرني أن أخرج إلى بني قريظة» انتهى . رأيت رجلا يوم الخندق على صورة
السابع : في تعميمه صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه .
روى أبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة وابن منيع في الشعب عن والبيهقي رضي الله تعالى عنه قال : علي . عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم بعمامة سدلها خلفي
وروى أبو يعلى برجال ثقات ، والبزار وابن أبي الدنيا والطبراني ، في الزهد- وحسن إسناده والبيهقي أبو الحسن الهيثمي عن رضي الله تعالى عنهما ابن عمر أن يتجهز لسرية يبعثه عليها فأصبح عبد الرحمن وقد اعتم بعمامة كراديس سوداء ، فنقضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعممه وأرخى له أربع أصابع ، أو قريبا من شبر ، ثم قال : «هكذا فاعتم يا ابن عوف ، فإنه أعرب وأحسن» . عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
وروى من طريق الطبراني مقدام بن داود عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة . [ ص: 276 ] عمم رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عوف ، وأرخى له أربع أصابع ، قال : «إني لما صعدت إلى السماء رأيت أكثر الملائكة عليهم السلام معتمين»