جماع أبواب ذكر رسله- صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك ونحوهم وذكر بعض مكاتباته وما وقع في ذلك من الآيات
الباب الأول في أي وقت يعلن ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
روى ابن سعد عن وجماعة ابن عباس عن وابن أبي شيبة جعفر عن عمرو دخل حديث بعضهم في بعض الحديبية في ذي الحجة سنة ست أرسل الرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام ، وكتب إليهم كتبا فقيل له : يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إن الملوك لا يقرؤون كتابا إلا مختوما فاتخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومئذ خاتما من فضة نقشه ثلاثة أسطر ، محمد رسول الله ، فختم به الكتب ، فخرج ستة نفر في يوم واحد وذلك في المحرم سنة سبع ، وأصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعث إليهم . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما رجع من
وروى ابن سعد عن بريدة والزهري ويزيد بن رومان قالوا : والشعبي . بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عدة إلى عدة ، وأمرهم بنصح عباد الله تعالى- فذكر ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «هذا أعظم ما كان من حق الله تعالى عليهم في أمر عباده»
وقال في زاد المعاد : الحديبية سنة ست ، كتب إلى ملوك الأرض وأرسل إليهم رسله ، فكتب إلى الروم فقيل : إنهم لا يقرؤون كتابا إلا أن يكون مختوما ، فاتخذ خاتما من فضة ونقش عليه ثلاثة أسطر محمد سطر ، ورسول سطر ، والله سطر ، وختم به الكتب إلى ملوك الأرض ،
وبعث ستة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع ، فأولهم بعثه إلى عمرو بن أمية الضمري النجاشي واسمه أصحمة بن أبجر .
وتفسير «أصحمة بالعربية : عطية » ، فعظم كتاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأسلم وشهد شهادة الحق ، وكان من أعلم الناس بالإنجيل ، وصلى عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- يوم مات بالمدينة وهو بالحبشة ، هكذا قال جماعة : منهم «لما رجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من وغيرهم وليس كما قال هؤلاء ، فإن الواقدي أصحمة النجاشي الذي صلى عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليس هو الذي كتب إليه .
الثاني : لا يعرف إسلامه ) بخلاف الأول ، فإنه مات مسلما ، وقد روى في [ ص: 345 ] صحيحه من حديث مسلم قتادة عن أنس - رضي الله تعالى عنه- : كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وليس كتب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى بالنجاشي الذي صلى عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وليس هو أصحمة الذي أسلم على يد جعفر ، وأكرم أصحابه كما سبق في حديث . أنس
واختلف في إسلام هذا فاختار ابن سعد وغيره أنه أسلم وخالفهم ، قال ابن حزم ابن القيم : قال : أن هذا أبو محمد بن حزم الذي بعث إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- النجاشي لم يسلم ، والأول اختيار عمرو بن أمية ابن سعد وغيره ، والظاهر قول . ابن حزم
وروى الشيخان عن - رضي الله تعالى عنه- قال : أنس كسرى وقيصر ، وإلى ، وإلى كل جبار ، يدعوهم إلى الله تعالى ، وليس النجاشي بالنجاشي الذي صلى عليه . كتب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى
وروى الإمام أحمد بسند جيد عن والطبراني - رضي الله تعالى عنه- قال : جابر كسرى وقيصر ، وإلى كل جبار . كتب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت إلى
وروى ابن عبد الحكم في الفتوح في الدلائل عن والبيهقي قال : حدثنا ابن إسحاق قال : الزهري دحية الكلبي بن خليفة على هرقل بكتاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فأسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن أبيت فإن إثم الأكارين عليك
فلما انتهى إليه كتابه وقرأه أخذه فجعله بين فخذه وخاصرته ثم كتب إلى رجل من أهل رومية كان يقرأ من العبرانية ما يقرأ يخبره مما جاءه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فكتب إليه أنه النبي المنتظر لا شك فيه فاتبعه فأمر بعظماء الروم فجمعوا له في دسكرة ملكه ثم أمر بها فأشرجت عليهم واطلع عليهم من علية له وهو منهم خائف فقال : يا معشر الروم إنه جاءني كتاب أحمد وإنه والله للنبي الذي كنا ننتظر ونجد ذكره في كتابنا نعرفه بعلاماته وزمانه فأسلموا واتبعوه تسلم لكم دنياكم وآخرتكم فنخروا نخرة رجل واحد وابتدروا أبواب الدسكرة فوجدوها مغلقة دونهم فخافهم فقال : ردوهم علي فكرهم عليه فقال لهم : يا معشر الروم إنما قلت لكم هذه المقالة أغمزكم لأنظر كيف صلابتكم في دينكم فلقد رأيت منكم ما سرني فوقعوا له سجدا ثم فتحت لهم أبواب الدسكرة فخرجوا . حدثنا أسقف من النصارى قد أدرك ذلك الزمان قال : لما قدم
وقال الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في فتوح مصر : لما كانت سنة ست من الهجرة ورجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الحديبية ، بعث إلى الملوك ، قام ذات يوم على المنبر ، فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه وتشهد ثم قال : أما بعد ، فإني أبعث [ ص: 346 ]
بعضكم إلى ملوك العجم ، فلا تختلفوا علي كما اختلف بنو إسرائيل على عيسى ابن مريم ، وذلك أن الله تعالى أوصى إلى عيسى أن ابعث إلى ملوك الأرض فبعث الحواريين ، فأما القريب مكانا فرضي ، وأما البعيد مكانا فكره وقال : لا أحسن كلام من تبعثني إليه ، فقال عيسى : اللهم ، أمرت الحواريين بالذي أمرت فاختلفوا علي فأوحى الله تعالى إليه أن سأكفيك فأصبح كل إنسان يتكلم بلسان الذي أرسل إليه ، فقال المهاجرون : يا رسول الله ، تالله ، لا نختلف عليك أبدا في شيء فمرنا وابعثنا .
تنبيه :
اعلم أن محمد بن عمر الأسلمي ، ذكر أن إرسال الرسل كان سنة ست ، وذكر أن إرسال الرسل كان بعد غزوة البيهقي مؤتة .
قال ابن كثير : ولا خلاف بينهم ، لأن بدء ذلك كان قبل فتح مكة وبعد الحديبية أبي سفيان لهرقل حين سأله هل يغدر ؟ فقال : لا ، ونحن منه في مدة ما ندري ما هو صانع فيها ، وفي لفظ لقول : البخاري أبو سفيان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- » وقال «وذلك في المدة التي ماد فيها : كان ذلك ما بين ابن إسحاق الحديبية ووفاته- صلى الله عليه وسلم- .
ونحن نذكر ذلك هنا على ترتيب أسماء الرسل . [ ص: 347 ]