الأول : قول -رضي الله تعالى عنها- في بعض أسفاره : عائشة
روى ابن سعد وابن حبان وأبو عمر في «الاستذكار» والنووي وابن دقيق العيد : كان ذلك في غزوة بني المصطلق ، وهي المريسيع .
قال الحافظ : فإن كان ما جزموا به ثابتا حمل على أنه سقط منها في تلك السفرة مرتين لاختلاف القصتين؛ أي : قصة سقوط العقد ، وحديث الإفك ، وقصة سقوط العقد في حديث التيمم كما هو بين في سياقهما استبعد بعض شيوخنا ذلك ، قال : لأن المريسيع من ناحية مكة بين قديد والساحل ، وهذه القصة كانت من ناحية خيبر لقولها في الحديث : حتى إذا كنا بالبيداء ، أو بذات الجيش ، وهما بين المدينة وخيبر ، كما جزم به النووي .
قال الحافظ : وما جزم به مخالف لما جزم به ابن التين ، فإنه قال : البيداء أدنى شيء إلى مكة من ذي الحليفة ، ثم ساق حديث هذا ثم ساق حديث عائشة قال : ابن عمر ، الحديث . قال : بيداؤكم هذا الذي تكذبون فيها ما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد . . . والبيداء هو الشرف الذي قدام ذي الحليفة في طريق مكة .
وقال أيضا : ذات الجيش من المدينة على بريد وبينها وبين العقيق سبعة أميال .
وقال الحافظ : العقيق من طريق مكة لا من طريق خيبر ، فاستقام ما قاله ابن التين ، ويؤيده ما رواه في «مسنده» عن الحميدي سفيان قال : حدثنا عن أبيه في هذا الحديث ، فقال فيه : «إن القلادة سقطت ليلة هشام بن عروة الأبواء» والأبواء بين مكة والمدينة .
وفي رواية علي بن مسهر في الحديث عن عن أبيه قال : «وكان ذلك المكان يقال له : هشام بن عروة الصلصل» رواه جعفر الفريابي في كتاب «الطهارة» .
«والصلصل» بصادين مهملتين مضمومتين ، وبعد كل منهما لام ، الأولى ساكنة .
قال هو جبل عند البكري : ذي الحليفة ، فعرف من تضافر هذه الروايات تصويب ما قاله ابن التين . [ ص: 61 ]
قلت : جزم محمد بن حبيب الأخباري في تعدد سقوط العقد ، سقط عقد في غزوة ذات الرقاع ، وفي غزوة بني المصطلق انتهى . عائشة
الثاني : ورد ما يدل على تأخر سقوط العقد ، فروى عن ابن أبي شيبة -رضي الله تعالى عنه- قال : أبي هريرة الحديث ، فهذا يدل على تأخرها عن لما نزلت آية التيمم لم أدر كيف أصنع . . . غزوة بني المصطلق؛ لأن إسلام كان في السنة السابعة ، وهي بعدها بلا خلاف كما تقدم في غزوة ذات الرقاع . ومما يدل على تأخر القصة عن قصة الإفك ما رواه أبي هريرة من طريق الطبراني عن عباد بن عبد الله بن الزبير -رضي الله تعالى عنها- قالت : لما كان من أمر عقدي ما كان ، وقال أهل الإفك ما قالوا ، خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أخرى ، فسقط أيضا عقدي حتى حبس الناس على الماء ، فقال عائشة يا بنية في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس ، فأنزل الله تعالى الرخصة في التيمم فقال أبو بكر : إنك لمباركة . أبو بكر :
في إسناده محمد بن حميد الرازي في إسناده مقال .
الثالث : النكتة في قول -رضي الله تعالى عنها- : فعاتبني عائشة -رضي الله تعالى عنه- ولم تقل : أبي لأن قضية الأبوة الحنو ، وما وقع من العتاب بالقول ، والتأنيب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر ، فلذلك أنزلته منزلة الأجنبي فلم تقل : أبي . أبو بكر
الرابع : استدل بهذا الحديث على أن ولهذا استعظموا نزولهم على غير ماء . ووقع من الوضوء كان واجبا عليهم قبل نزول آيته ، في حق أبي بكر ما وقع . عائشة
قال معلوم عند جميع أهل المغازي أبو عمر : ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند ، قال : وفي قوله : [في هذا الحديث «آية التيمم» إشارة إلى أن الذي طرأ إليهم من العلم حينئذ حكم التيمم لا حكم الوضوء . قال : والحكمة في نزول آية الوضوء -مع تقدم العمل به- ليكون فرضه متلوا بالتنزيل] . الخامس : إنما قال أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يصل منذ افترضت الصلاة عليه إلا بوضوء ، ما قاله؛ لأنه كان رأس من بعث في طلب العقد الذي ضاع ، قوله : ما هي بأول بركتكم ، يعني أنها مسبوقة بغيرها من البركات ، والمراد بآل أبي بكر نفسه وأهله وأتباعه . أسيد بن الحضير
وفي رواية عند عمرو بن الحارث «لقد بارك الله للناس فيكم» . [البخاري] :
وفي تفسير [إسحاق البستي] من طريق عائشة عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها : ما كان كان أعظم بركة قلادتك . [ ص: 62 ]
السادس : في رواية عند الشيخين : فبعث ناسا في طلب العقد .
وفي أخرى عند «فبعث أبي داود : وناسا معه» . أسيد بن الحضير
وطريق الجمع بين هذه الروايات أن أسيدا كان رأس من بعث؛ فلذلك سمي في بعض الروايات دون غيره ، وكذا أسند الفعل إلى واحد مبهم ، وهو المراد به ، كأنهم لم يجدوا العقد أولا ، فلما رجعوا ونزلت آية التيمم وأرادوا الرحيل وأثاروا البعير وجده أسيد بن حضير ، فعلى هذا فقوله في رواية عروة : «فوجدها» أي : بعد جميع ما تقدم من التفتيش وغيره .
السابع : في لفظ عن «انقطع عقدي» . عائشة :
وفي لفظ : «سقطت قلادة لي» .
وفي لفظ : أنها «استعارت قلادة من أسماء» -يعني أختها- فهلكت : يعني ضاعت .
والجمع بينهما أن إضافة القلادة إلى لكونها في يدها وتصرفها ، وإلى عائشة أسماء لكونها ملكها ، وجنح في التفسير إلى تعددها؛ حيث أورد حديث الباب -التيمم- في تفسير المائدة وحديث البخاري -أي : بلفظ الاستعارة- في تفسير سورة النساء . عروة
النوع السابع : في حوادث السنة الرابعة .
فيها : تحريم الخمر .
روى عن أبو داود قالت : لما نزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة [عائشة] حرمت التجارة في الخمر . خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقرأهن علينا ، وقال :
قال يحتمل أن يكون هذا متصلا بعد تحريم الخمر . القاضي عياض :
وفيها نهي أو أوحي إليه بمنع بظاهر الحديث؛ لأن سورة المائدة التي فيها تحريم الخمر من آخر ما نزل من القرآن ، وآية الربا آخر ما نزل ، ويحتمل أن يكون هذا بعد بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- تحريم الخمر ، فلما نزلت آية الربا اشتملت على تحريم ما عدا البيع الصحيح أكد تحريم ذلك . بيع الخمر
وأعلم -صلى الله عليه وسلم- أن التجارة في الخمر من جملة ذلك ، ثم كرر تحريمه والإعلام بذلك عام الفتح بالنداء .
قال شيخنا -رحمه الله تعالى- : قد وقفت في بعض طرق الحديث على ما يزيل الإشكال ، ما خرجه في «تاريخ بغداد» من طريق الخطيب عن الحسن بن عرفة داود بن الزبير [ ص: 63 ] قال : عن عبد الأعلى بن الحجاج عن أبي الضحى ، عن عن مسروق قالت : عائشة يدل على أنه كان في الآيات المذكورة تحريم الخمر ، وكأنه نسخت تلاوته . لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر ، فنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك ،
وفيها : فرضت صلاة الخوف .
وقيل : في السابعة .
وفيها : رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي واليهودية .
وفيها : ولد رضي الله تعالى عنهما . الحسين بن علي
وفيها : وفاة زينب بنت خزيمة -رضي الله تعالى عنها- .
وفيها : تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -رضي الله تعالى عنها- . أم سلمة
وفيها : تزوج -رضي الله تعالى عنها- . زينب بنت جحش
وقيل : في الخامسة .
وفيها : نزل الحجاب .
وفيها : نزل قصر الصلاة في السفر .
وفيها : أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -رضي الله تعالى عنه- أن يتعلم كتاب يهود . زيد بن ثابت
النوع الثامن : في حوادث السنة الخامسة .
فيها : تزوج ريحانة بنت يزيد النصرانية ، وجويرية بنت الحارث .
وفيها : حديث الإفك ، وصححه الذهبي .
وقيل : في السادسة سابق -صلى الله عليه وسلم- بين الخيل .
وفيها :
زلزلت المدينة فقال -صلى الله عليه وسلم- : «إن الله يستعتبكم فاعتبوه» .
وفيها : وفاة -رضي الله تعالى عنه- في ذي الحجة . سعد بن معاذ
وقال ابن كثير : وكانت بعد منصرف الأحزاب بخمس وعشرين ليلة ، وكان قدوم الأحزاب في شوال سنة خمس .
وروى من طريق الإمام أحمد علقمة بن وقاص ، والشيخان من طريق عن عروة عائشة ، والإمام أحمد وصححه عن والترمذي وفي حديث كل ما ليس في الآخر ، جابر ، سعدا أصيب يوم الخندق رماه حبان بن العرقة -لعنه الله- رماه في الأكحل فقطعه ، فضرب [ ص: 64 ] النبي -صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعوده من قريب ، وحسمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنار فانتفخت يده ، فتركه فنزفه الدم ، فحسمه أخرى فانتفخت يده ، فلما رأى ذلك سعد قال : اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة ، فاستمسك عرقه فما قطر منه قطرة حتى نزلوا على حكمه ، فأرسل إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحكم أن تقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم ، يستعين بهم المسلمون ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسعد : أصبت حكم الله فيهم ، ثم دعا سعد فقال : اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي من أن أجاهد فيك ، من قوم كذبوا رسولك ، وأخرجوه ، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فابقني لهم -حيا أجاهدهم فيك ، وإن كنت قد وضعت الحرب فافجرها واجعل موتي فيها ، فانفجرت من ليلته فلم ترعهم ومعهم في المسجد أهل خيمة من بني غفار إلا الدم يسيل إليهم ، فقال : يا أهل الخيمة : ما هذا الذي يأتينا من قبلكم ؟ فإذا سعد جرحه يغذو فمات منها- رحمه الله تعالى ورضي عنه- . أن
وروى برجال الصحيح- عن الطبراني- قالت : لما توفي أسماء بنت يزيد صاحت أمه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : سعد بن معاذ «ليرقأ دمعك ، وليذهب حزنك ، فإن ابنك أول من ضحك الله له ، واهتز له عرش الرحمن» .
وروى بسند جيد عن الطبراني -رضي الله تعالى عنها- قالت : عائشة بكى سعد بن معاذ وبكى أبو بكر حتى عرفت بكاء عمر من بكاء أبي بكر وبكاء عمر من بكاء عمر فقلت أبي بكر ، هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبكي ؟ قالت : لا ، ولكنه كان يقبض دمعه على لحيته . لعائشة : لما مات
وروى بسند حسن عنها قالت : الطبراني ودموعه تحادر على لحيته . سعد بن معاذ رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جنازة
وروى عن البيهقي -رضي الله تعالى عنه- قال : جابر جبريل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : من هذا العبد الصالح الذي مات ، ففتحت له أبواب السماء ، وتحرك له العرش ، فخرج فإذا سعد قد مات . جاء
وروى أيضا عن -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ابن عمر سعد بن معاذ : «تحرك له العرش ، وتبع جنازته سبعون ألف ملك» .
وروى أيضا عن معاذ بن رفاعة الزرقي -رضي الله تعالى عنه- قال : أخبرني من شئت من رجال قومي جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- في جوف الليل معتجرا بعمامة من استبرق فقال [ ص: 65 ] له : من الميت الذي فتحت له أبواب السماء ، واهتز له العرش ؟ فقام مبادرا إلى فوجده قد قبض . سعد بن معاذ أن
وروى أيضا عن الحسن قال : «اهتز له عرش الرحمن فرحا بروحه» .
وروى عن أبو نعيم سعد بن أبي وقاص أن لما مات بعد الخندق خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسرعا فإنه ينقطع بسبعة رجال فما يرجع ويسقط رداؤه فلا يلوي عليه ، وما نفح أحد على أحد ، فقالوا : يا رسول الله ، إن كدت لتقطعنا ، قال : خشيت أن تسبقنا الملائكة إلى غسله ، كما سبقتنا إلى غسل سعد بن معاذ حنظلة .
وروى برجال الصحيح- عن البزار- -رضي الله تعالى عنهما- ابن عمر سبعون ألف ملك ، ما وطئوا الأرض قبلها» وقال حين دفن : «سبحان الله ، لو انفلت أحد من ضغطة القبر لانفلت سعد بن معاذ سعد بن معاذ» . أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «لقد نزل لموت
وروى الإمام أحمد والبزار برجال الصحيح- والطبراني- والإمام أحمد برجال ثقات- ، عن والطبراني- أبي رمثة ، عن والإمام أحمد أسيد بن حضير ، -برجال الصحيح- عن والطبراني أسامة بن زيد وابن السكن ، عن والطبراني معيقب -رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : سعد بن معاذ» . «اهتز عرش الرحمن لموت
وروى عن البيهقي سلمة بن أسلم بن حريش قال : دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما بالبيت أحد إلا سعد مسجى ، فرأيته يتخطاه ، وأومأ أقف فوقفت ورددت من ورائي ، وجلس ساعة ثم خرج ، فقلت : يا رسول الله ، ما رأيت أحدا وقد رأيتك تتخطاه ، فقال : «ما قدرت على مجلس حتى قبض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه» .
وروى عن أبو نعيم الأشعث بن قيس بن سعد بن أبي وقاص قال : «لقد شيعه سبعون ألفا من الملائكة ، ما وطئوا الأرض قط» . قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ ركبتيه وقال : دخل ملك فلم يجد مجلسا ، فأوسعت ، فلما حملوا جنازته وكان من أعظم الناس وأطولهم قال قائل من المنافقين : ما حملنا نعشا أخف من اليوم فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
وروى ابن سعد عن قال : قال القوم : محمود بن لبيد يا رسول الله ، ما حملنا ميتا أخف علينا من سعد ؟ قال : «ما منعكم أن يخف عليكم وقد شيعته من الملائكة كذا وكذا ، لم يهبطوا قط قبل يومهم ، قد حملوه معكم» .
وروى ابن سعد عن وأبو نعيم محمد بن شرحبيل بن حسنة قال : سعد ، ضمه ضمة ثم فرج الله عنه» . قبض إنسان يومئذ بيده من تراب قبره قبضة فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك ، فإذا هي مسك ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «سبحان الله» حتى عرف ذلك في وجهه فقال : «الحمد لله ، لو كان أحد [ ص: 66 ] ناجيا من ضمة القبر لنجا منها
وروى ابن سعد عن -رضي الله تعالى عنه- قال : كنت ممن يحفر أبي سعيد الخدري لسعد قبره ، فكان يفوح علينا المسك ، كلما حفرنا قترة من تراب حتى انتهينا إلى اللحد .
وروى الشيخان عن رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : جابر «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ» .
وروى ابن إسحاق : ولسعد يقول الرجل من الأنصار :
وما اهتز عرش الله من موت هالك سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو
وروى عن -رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس قالت أمه كبيشة بنت رافع [بن معاوية] حين احتمل على نعشه وهي تبكيه :ويل ام سعد سعدا صرامة وجدا
وسؤددا ومجدا وفارسا معدا
سد به مسدا
وفي لفظ : قال -صلى الله عليه وسلم- أم سعد] . «لا تزيدون على هذا ، وكان -والله- ما علمت حازما في أمر الله قويا في أمر الله ، كل النوائح تكذب [إلا
وروى عنه قال : ابن إسحاق سعد ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسبح الناس معه ، ثم كبر فكبر الناس معه ، فقالوا : يا رسول الله ، مما سبحت ؟
فقال : «لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج عنه» . لما دفن
وروى ابن أبي الدنيا -برجال ثقات- عن والطبراني قالت : أسماء بنت زيد بن السكن لأم سعد : «لا يرقأ دمعك ويذهب حزنك ، فإن ابنك لأول من ضحك الله عز وجل له واهتز له العرش» . قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وروى عن البيهقي أمية بن عبد الله أنه سأل بعض أهل سعد : ما بلغكم من قول [ ص: 67 ] رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا ؟ فقالوا : ذكر لنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن ذلك فقال : «كان يقصر في بعض الطهور من البول» .
وروى -برجال ثقات- عن الطبراني عطارد -رحمه الله تعالى- في الجنة خير من هذا ، ثم قال : يا غلام ، اذهب به إلى أبي جهم بن حذيفة ، وقل له : يبعث إلي بالخميصة . سعد بن معاذ أنه أهدى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثوب ديباج كساه إياه كسرى ، فدخل أصحابه فقالوا : أنزلت عليك من السماء ؟ فقال : ما تعجبون من ذا لمنديل من مناديل
وروى -برجال الصحيح- عن البزار -رضي الله تعالى عنه- أنس أكيدر الدومة أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبة من سندس ، فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتعجب الناس منها ، فقال : أتعجبون من هذه ، فوالله الذي نفسي بيده لمناديل في الجنة خير منها ، ثم أهداها إلى سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله ، تكرهها وألبسها ؟ قال : يا عمر ، إنما أرسلت بها إليك لتبعث بها وجها ، فتصيب بها مالا ، وذلك قبل أن ينهى عن الحرير . عمر ، أن
وروى -برجال ثقات- عن أبو يعلى -رضي الله تعالى عنها- قالت : ثلاثة من الأنصار ، كلهم من عائشة بني عبد الأشهل لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر ، وفيها ماتت أم سعد بن معاذ -رضي الله تعالى عنهما- .
وفيها : بهم صلاة الكسوف ، وجعلت اليهود يضربون بالسوط ، ويقولون : سحر القمر . كسف القمر في جمادى الآخرة ، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وفيها : أصابت قريشا شدة ، فبعث إليهم بفضة يتألفهم بها . حذيفة
وفيها : وفد بلال بن الحارث المزني ، وهو أول وافد مسلم . ثم قدم ضمام بن ثعلبة قيل : وفيها إسلام خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص .
وقيل : في الثالثة .
النوع التاسع : في أحوال السنة السادسة
فيها : قحط الناس فاستسقى لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسقوا في رمضان .
وفيها : إسلام أبي العاص بن الربيع -رضي الله تعالى عنه- وفيها : نزول سورة الفتح .
وفيها : فرض الحج على الصحيح .
وفيها : خسفت الشمس .
وفيها : ظاهر أوس بن الصامت امرأته خولة . [ ص: 68 ]
وفيها :
قال -صلى الله عليه وسلم- «من كنت مولاه فعلي مولاه» .
النوع العاشر : في أحوال السنة السابعة
فيها : تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وصفية بنت حيي ، -رضي الله تعالى عنهم- . وميمونة بنت الحارث
وفيها قدم جعفر بن أبي طالب ، وأبو موسى ومن معه من الحبشة .
وفيها : أسلم أبو هريرة وعمران بن الحصين -رضي الله تعالى عنهما- .
وفيها : بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك ، واتخذ الخاتم يختم الكتب .
وفيها : حرمت الحمر الأهلية .
وفيها : نهى عن متعة النساء .
وفيها : اتخذ المنبر كما جزم به ابن سعد ، وقيل : في السنة الثامنة .
قال الحافظ : وفيه نظر ، لذكر العباس وتميم الداري فيه ، وكان قدوم العباس بعد الفتح في آخر سنة ثمان ، وقدوم تميم سنة تسع .
وفيها : كانت قصة أبي سفيان مع هرقل في الشام .
وفيها : جاءته مارية القبطية -رضي الله تعالى عنها- هدية ، وبغلته دلدل .
وفيها : أكل من الشاة المسمومة .
وفيها : استشهد غلامه مدعم .
وفيها : في المحرم سحر النبي -صلى الله عليه وسلم- .
وفيها : عمرة القضية .
وفيها : مطر الناس :
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أصبح الناس بين مؤمن بالله وكافر بالكوكب ، ومؤمن بالكوكب وكافر بالله .
وفيها : رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع ، وقدم من عند حاطب بن أبي بلتعة المقوقس .
النوع الحادي عشر : في حوادث السنة الثامنة
فيها : قدم خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة فأسلموا . وعمرو بن العاص ،
قال ابن أبي خيثمة : كان ذلك سنة خمس .
وقال سنة سبع . [ ص: 69 ] الحاكم :
وفيها : اتخذ المنبر ، وحنين الجذع ، وهو كما جزم به أول منبر عمل في الإسلام ، وغير واحد . ابن النجار
قال الحافظ : وفيه نظر؛ لما ورد في حديث الإفك في الصحيحين عن -رضي الله تعالى عنها- قالت : فثار عائشة الأوس والخزرج حتى كادوا أن يقتتلوا ، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فنزل يخفضهم حتى سكنوا ، فإن حمل على التجوز في ذكر المنبر وإلا فهو أصح مما مضى .
روى الشيخان عن والبيهقي -رضي الله تعالى عنه- سهل بن سعد علاثة امرأة قد سماها سهل أن مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواد المنبر أجلس عليهن إذا كلمت الناس ، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة . أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى
وفي رواية : فعمل هذه الثلاث درجات ، ثم جاء بها فأرسلته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بها فوضعت ها هنا .
وروى الإمام الشافعي والإمام أحمد عن وابن ماجه -رضي الله تعالى عنه- قال : أبي بن كعب
فلما صنع وضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موضعه الذي هو فيه ، فكان إذا بدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يخطب عليه تجاوز الجذع الذي كان يخطب إليه أولا ، ثم إن الجذع خار حتى تصدع وانشق ، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما سمع صوت الجذع مسحه بيده حتى سكن ، ثم رجع إلى المنبر ، وكان إذا صلى صلى إليه ، فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده حتى بلي [فأكلته الأرض وعاد رفاتا] . كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشا ، وكان يخطب إلى ذلك الجذع ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، هل لك أن تجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة حتى يراك وتسمع الناس خطبتك ؟ قال : نعم ، فصنع له ثلاث درجات ، هي التي أعلى المنبر .
وروي عن -رضي الله تعالى عنه- قال : أنس كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة يسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد ، فخطب الناس ، فجاءه رومي فقال : ألا أصنع لك شيئا تقعد عليه كأنك قائم ، فصنع له منبرا له درجتان ومقعد على الثالثة ، فما قعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر خار الجذع .
وفيها : مولد إبراهيم ابن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
وفيها : وفاة -صلى الله عليه وسلم- . زينب بنت سيدنا رسول الله
وفيها : أقام عتاب بن أسيد -رضي الله تعالى عنه- للناس الحج ، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما فتح مكة استعمله عليها للصلاة والحج ، كما ذكره الإمام أبو الحسن [ ص: 70 ] الماوردي في «حاويه» في «السير» و «الحج» فحج بالناس تلك السنة على ما كان عليه الناس في الجاهلية .
وفيها : أخذ الجزية من مجوس هجر .
وفيها : وهبت يومها سودة حين أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلاقها . لعائشة
وفيها : إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى بضم السين ، واسم أبي سلمى ربيعة بن رياح -براء مكسورة وياء- .
روى البيهقي وأبو بكر محمد بن القاسم بن بشار وأبو البركات عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الأسعد الأنباريان قال : خرج كعب وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العراف فقال
بجير لكعب : اثبت في عجل هذا المكان حتى آتي هذا الرجل يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأسمع ما يقول ، فثبت كعب وخرج بجير فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمع كلامه فآمن به ، وذلك أن زهيرا -فيما يزعمون- كان يجالس أهل الكتاب فسمع منهم أنه قد آن مبعث نبي .
ورأى زهير في منامه أنه قد مد سببا من السماء ، وأنه قد مد يده ليتناوله ففاته ، فأوله بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يبعث ، وأنه في آخر الزمان لا يدركه ، وخبر بنيه بذلك وأوصاهم إن أدركوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسلموا ، ولما اتصل خبر إسلام بجير لأخيه أغضبه ذلك فقال :
ألا أبلغن عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا
فبين لنا إن كنت لست بفاعل على أي شيء غير ذلك دلكا
على خلق لم تلق أما ولا أبا عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ولا قائل إما عثرت لعا لكا
سقاك بها لمأمون كأسا روية فأنهلك المأمون منها وعلكا
فكتب بجير إلى أخيه يذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أهدر دمه وقال : من لقي كعبا فليقتله ، وليقول له النجاء وما أراك تنفلت ، ثم كتب إليه بعد ذلك : اعلم أن رسول الله لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا قبل ذلك منه ، وأسقط ما كان قبل ذلك ، فإذا جاءك كتابي هذا فأسلم وأقبل .
وذكر أن بجيرا كتب إليه : ابن إسحاق
من مبلغ كعبا فهل لك في التي تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله لا العزى ولا اللات وحده فتنجو إذا كان النجاء وتسلم
[ ص: 71 ] لدى يوم لا تنجو ولست بمفلت من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه ودين أبي سلمى علي محرم
بانت سعاد . . . . . . . . . .
يمدح بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
النوع الثاني عشر : في حوادث السنة التاسعة .
فيها توفي -رضي الله تعالى عنه- في رجب . النجاشي
روى عن البخاري والشيخان عن جابر ، -رضي الله تعالى عنهما- أبي هريرة أن [ ص: 72 ] رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وقال : توفي اليوم رجل من الحبشة اسمه أصحمة فهلم فصفوا . فصففنا ، فصلى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبر عليه أربع تكبيرات ، وقال : استغفروا لأخيكم .
وفيها تتابع الوفود ، وكانت تسمى سنة الوفود .
وفيها آلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا يدخل على نسائه شهرا .
قال يقال : إنه ذبح ذبحا فقسمته عائشة بين أزواجه ، فأرسلت إلى ابن حبيب : بنصيبها فردته ، فقال : زيديها فزادت ثلاثا فقال : لا أدخل عليكن شهرا . زينب بنت جحش
وفيها : بيع المسلمين أسلحتهم ، وقالوا : انقطع الجهاد ، فقال -صلى الله عليه وسلم- : لا ينقطع الجهاد حتى ينزل عيسى ابن مريم .
وفيها : جاء جبريل يعلم الناس دينهم .
فقيل : وفيها فرض الحج .
وفيها : أمر -صلى الله عليه وسلم- بهدم المسجد الضرار بعد عوده من تبوك .
روى بسند صحيح- عن عن أبيه عن هشام بن عروة سعيد بن جبير سعد بن أبي خيثمة ، وبنو عمرو بن عوف مسجدا ، وأرسلوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعوه ليصلي فيه ، فأتاهم فصلى فيه فحسدتهم أخوالهم بنو عمرو بن عوف ، فقالوا : نحن نصلي في مربط حمار لية لا ، لعمر الله ، ولكنا نبني مسجدا فنصلي فيه ، ويجيء أبو عامر فيؤمنا فيه ، وكان أبو عامر فر من الله ورسوله فلحق بمكة ، ثم لحق بعد ذلك بالشام ، فتنصر فمات بها ، فبنوا مسجدا وأرسلوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة ، والليلة المطيرة ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إني لعلى جناح سفر وحال وشغل ، ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه ، فلما قفل ونزل بذي أوان أنزل عليه فيه القرآن : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا [التوبة] .
فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وأخاه عاصم بن عدي ، فقال : انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه؛ فانطلقوا مسرعين حتى أتوا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال انظروا حتى أخرج إليهم بنار من أهلي ، فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل ، فأشعل فيه نارا ثم خرجوا يشتدون حتى أتوا [المسجد وفيه أهله ، فحرقوه ، وهدموه ، وتفرق أهله عنه ، ونزل فيه من القرآن ما نزل مالك : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا ] . أن موضع مسجد قباء كان لامرأة يقال لها : لية ، كانت تربط حمارا لها فيه ، فابتنى بها
[ ص: 73 ]
وفيها : موت عدو الله عبد الله بن أبي ابن سلول في ذي القعدة ، بعد أن مرض عشرين يوما .
روى عن البخاري -رضي الله تعالى عنهما- ابن عمر عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله ، أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصل عليه واستغفر له ، فأعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- قميصه . . . الحديث . وروي أيضا عن أن -رضي الله تعالى عنه- قال : جابر أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبر عبد الله بن أبي بعد ما دفن ، فأخرجه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه .