جماع أبواب غسله وتكفينه ، والصلاة عليه ، ودفنه ، وموضع قبره ، والاستسقاء به وفضل ما بينه وبين المنبر ، وفضل مسجده وحياته في قبره ، وعرض أعمال أمته عليه وحكم تركته زاده الله فضلا وشرفا لديه
الباب الأول في غسله- صلى الله عليه وسلم- ومن غسله ، وما وقع في ذلك من الآيات
قال : فلما بويع ابن إسحاق أقبل الناس على جهاز رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الثلاثاء . أبو بكر
وروى ابن سعد ، عن علي ، وأبو داود ومسدد ، وأبو نعيم وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي الذهبي عن - رضي الله تعالى عنها- قالت : لما أرادوا غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اختلفوا فيه ، فقالوا : والله ما ندري كيف نصنع أنجرد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثيابه كما نجرد موتانا ، أم نغسله وعليه ثيابه ، فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم ، حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره ، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن غسلوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليه ثيابه ، فقاموا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليه قميصه ، فغسلوه يفاض عليه الماء والسدر فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم [فكانت عائشة تقول : لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ، ما غسله إلا نساؤه] . عائشة
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنه- قال : لما أخذنا في جهاز رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أغلقنا الباب دون الناس جميعا ، فنادت الأنصار : نحن أخواله ، ومكاننا من الإسلام مكاننا . ونادت قريش : نحن عصبته ، فصاح علي- : يا معشر المسلمين ، كل قوم أحق بجنازتهم من غيرهم فننشدكم الله ، فإنكم إن دخلتم أخرتموهم عنه ، والله لا يدخل عليه إلا من دعي . أبو بكر
وروى الإمام الشافعي وابن الجارود وابن حبان وأبو داود والطيالسي عن وأبو يعلى - رضي الله تعالى عنه- قال : لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : اختلف الذين يغسلونه [ ص: 322 ] فسمعوا قائلا يقول ، لا يدرون من هو : اغسلوا نبيكم وعليه قميصه ، فغسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قميصه وقالت ابن عباس : ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا نساؤه . عائشة
وروى عن ابن ماجه بريدة - رضي الله تعالى عنه- قال : لما أخذوا في ناداهم مناد من الداخل أن لا تنزعوا عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قميصه . غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وله طرق كثيرة مرسلة .
وروى ابن سعد وأبو داود والبيهقي وصححه عن والحاكم - رضي الله تعالى عنه- قال : غسلت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فذهبت أنظر ما يكون من الميت ، فلم أر شيئا ، وكان طيبا حيا وميتا علي [وولي دفنه وإخباءه دون الناس أربعة : علي والعباس والفضل ، وصالح مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- . ولحد رسول الله لحدا ، ونصب عليه اللبن نصبا
وروى ابن سعد والبزار بسند فيه ضعف عنه قال : والبيهقي أوصى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن لا يغسله أحد غيري؛ فإنه لا يرى أحد عورته إلا طمست عيناه .
قال علي : فكان الفضل وأسامة يناولان الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين .
قال علي : فما تناولت عضوا إلا كأنما يقلبه معي ثلاثون رجلا حتى فرغت من غسله .
وروى من طريق البيهقي أبي معشر عن محمد بن قيس مرسلا وفيه ضعف قال : قال وما كنا نريد أن نرفع منه عضوا لنغسله إلا رفع لنا حتى انتهينا إلى عورته ، فسمعنا من جانب البيت صوتا لا تكشفوا عن عورة نبيكم علي : .
وروى ابن سعد عن عبد الله بن الحارث : غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجعل يقول : طبت حيا وميتا ، وقال : وسطعت ريح طيبة لم يجدوا مثلها قط عليا . أن
وروى مثله عن الطبراني . ابن عباس
وروى ابن سعد عن عبد الواحد بن أبي عون قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لعلي : [ ص: 323 ] «اغسلني إذا مت» فقال : يا رسول الله ، ما غسلت ميتا قط! قال : إنك ستهيأ أو تيسر ، قال علي : فغسلته فما آخذ عضوا إلا تبعني ، والفضل آخذ بحضنه يقول : أعجل يا علي ، انقطع ظهري .
وروى ابن سعد عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال : وولي غسل سفلته علي ، والفضل محتضنه ، وكان غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- علي ، والفضل ، وأسامة بن زيد وشقران ، العباس وأسامة بن زيد وشقران يصبون الماء .
وروى ابن سعد بسند ضعيف عن - رضي الله تعالى عنهما- وعن ابن عباس أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : أن العباس لم يحضر غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : لأني كنت أراه يستحي أن أراه حاسرا .
وفي عدة أحاديث أنه حضر غسله .
وروى ابن سعد من طرق عن قال : التمس علي من النبي- صلى الله عليه وسلم- عند غسله ما يلتمس من الميت فلم يجد شيئا ، فقال : بأبي أنت وأمي ، طبت حيا وميتا . سعيد بن المسيب
وروى عن البيهقي علباء بن أحمر قال : كان علي والفضل يغسلان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فنودي علي : ارفع طرفك إلى السماء .
وروى عن ابن ماجه - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « علي » . إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئر غرس
وروى ابن سعد عن والبيهقي أبي جعفر محمد بن علي قال : غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاثا بالسدر ، وغسل وعليه قميص وغسل من بئر يقال لها الغرس [ لسعد بن حيثمة بقباء] وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يشرب منها وولي غسله علي ، والفضل محتضنه ، والعباس يصب الماء ، فجعل الفضل يقول : أرحني ، قطعت وتيني ، إني لأجد شيئا يترطل علي مرتين .
وروى ابن سعد عن مرسلا قال : غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الشعبي علي وأسامة والفضل ابن العباس وكان علي يقول وهو يغسله : بأبي أنت وأمي ، طبت حيا وميتا .
وفي رواية قال : غسل [ ص: 324 ] علي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والعباس قاعد والفضل محتضنه وعلي يغسله وعليه قميص ، وأسامة يختلف .
وروى أيضا عن إبراهيم قال : غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العباس ، وعلي ، والفضل- وفي لفظ- والعباس يسترهم .
ورواه عن وزاد : ابن شهاب ، وصالح مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
وروى الإمام عن أحمد - رضي الله تعالى عنه- قال : اجتمع القوم لغسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وليس في البيت إلا أهله : عمه ابن عباس العباس بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، والفضل بن عباس ، وقثم بن عباس ، وأسامة بن زيد بن حارثة ، وصالح مولاه . فلما اجتمعوا لغسله نادى مناد من وراء الناس ، وهو أوس بن خولي الأنصاري ، أحد بني عوف بن الخزرج ، وكان بدريا على فقال : يا علي ننشدك الله وحظنا من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال له علي : ادخل ، فدخل ، فحضر غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولم يل من غسله شيئا ، فأسنده علي إلى صدره ، وعليه قميصه ، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي ، وكان أسامة بن زيد ، وصالح مولاه يصبان الماء ، وجعل علي يغسله ولم ير من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيئا مما يرى من الميت ، وهو يقول : بأبي وأمي ، ما أطيبك حيا وميتا! حتى إذا فرغوا من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكان يغسل بالماء والسدر جففوه ، ثم صنع به ما يصنع بالميت . علي بن أبي طالب
وروى ابن سعد في «الإكليل» عن والحاكم هارون بن سعد قال : صلى الله عليه وسلم- . كان عند علي مسك ، فأوصى أن يحنط به ، وكان علي يقول : هو فضل حنوط رسول الله-
وروى عن ابن إسحاق عكرمة - رحمه الله تعالى- قال : لما قبض الله تعالى نبيه- صلى الله عليه وسلم- غسله علي بن أبي طالب ، وكان العباس يناولهم الماء من وراء الستر ، ما يمنعني أن أغسله إلا أنا كنا صبيانا نحمل الحجارة في المسجد . والفضل بن عباس ،