الأول : قال الحافظ : كان بين ابتداء هجرة الصحابة وبين العقبة الأولى والثانية وبين هجرته صلى الله عليه وسلم شهران وبعض شهر على التحرير .
الثاني : قول رضي الله عنها : «ما كنت أرى أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت عائشة يبكي من الفرح» . قال في الروض : «قالت ذلك لصغر سنها وأنها لم تكن علمت بذلك» وقد تطرقت الشعراء لهذا المعنى فأخذته استحسانا له فقال أبا بكر الطائي يصف السحاب :
دهم إذا وكفت في روضة طفقت عيون أزهارها تبكي من الفرح
وذكر لأبي الطيب وزاد على هذا المعنى :فلا تنكرن لها صرعة فمن فرح النفس ما يقتل
ورد الكتاب من الحبيب بأنه سيزورني فاستعبرت أجفاني
غلب السرور علي حتى أنه من فرط ما قد سرني أبكاني
يا عين صار الدمع عندك عادة تبكين في فرح وفي أحزان
الثالث : نقل في الروض عن بعض شيوخ أهل المغرب أنه سئل عن امتناعه من أخذ الراحلة مع أن أنفق عليه ماله ، فقال : أحب ألا تكون هجرته إلا من مال نفسه . [ ص: 253 ] أبا بكر
الرابع : وذلك يوم الاثنين . روى الإمام كانت هجرته صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من النبوة عن أحمد أنه قال : ابن عباس المدينة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين» . قال «ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل «تواترت الأخبار أن خروجه كان يوم الاثنين ودخوله الحاكم : المدينة كان يوم الاثنين ، إلا أن محمد بن موسى الخوارزمي قال : أنه خرج من مكة يوم الخميس» . قال الحافظ «يجمع بينهما بأن خروجه من مكة كان يوم الخميس وخروجه من الغار كان ليلة الاثنين لأنه أقام فيه ثلاث ليال : هي ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد وخرج في أثناء ليلة الاثنين» .
الخامس : ذكر بعض أهل السير أن لما رأى المشركين وهو في الغار ، ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : «لو جاءونا من ههنا خرجنا من ههنا» . فنظر أبا بكر إلى الغار وقد انفرج من الجانب الآخر ، وإذا البحر قد اتصل به وسفينة مشدودة إلى جانبه» . أبو بكر قال الحافظ ابن كثير :
وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة العظيمة ولكن لم يرد ذلك بإسناد قوي ولا ضعيف ، ولسنا نثبت شيئا من تلقاء أنفسنا ولكن ما صح أو حسن قلنا به والله أعلم .
السادس : السر في اتخاذ رافضة العجم اللبد المقصصة على رؤوسهم التعظيم للحيات للدغهن ليلة الغار . أبا بكر
السابع :
روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : والحاكم ليلة الغار بضعة عشر يوما ما لنا طعام إلا البرير» أبا بكر- لقد لبثت مع صاحبي- يعني
قال «معناه : مكثنا مختفين من المشركين في الغار وفي الطريق بضعة عشر يوما» . الحاكم
قال الحافظ : «لم يقع في رواية ذكر الغار ، وهي زيادة في الخبر من بعض رواته ، ولا يصح حمله على حالة الهجرة لما في الصحيح من أن أحمد عامر بن فهيرة كان يروح عليهما في الغار باللبن ، ولما وقع لهما في الطريق من لقاء الراعي ومن النزول بخيمة أم معبد وغير ذلك ، ويظهر أنها قصة أخرى» .
الثامن : قال السهيلي : «انتبه أيها العبد المأمور بتدبر كتاب الله تعالى لقوله : إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا [التوبة 40] الآية ، كيف كان معهما بالمعنى وباللفظ؟ أما المعنى : فكان معهما بالنصر والإرفاد ، والهداية والإرشاد . وأما اللفظ : فإن اسم الله تبارك وتعالى كان يذكر إذا ذكر رسوله وإذا دعي فقيل يا رسول الله أو فعل رسول الله . ثم كان لصاحبه كذلك ، يقال : يا خليفة رسول الله ، وفعل خليفة رسول الله ، فكان يذكر معهما بالرسالة والخلافة ثم ارتفع ذلك فلم يكن لأحد من الخلفاء ولا يكون» . [ ص: 254 ]
التاسع : قال المهلب بن أبي صفرة رحمه الله : «إنما شرب النبي صلى الله عليه وسلم من لبن الغنم لأنه حينئذ كان في زمن المكارمة ولا يعارضه : لأن ذلك وقع في زمن التشاح ، أو الثاني محمول على التسور ، والأول لم يقع فيه ذلك ، بل قدم «لا يحلبن أحد شاة إلا بإذنه» سؤال الراعي : هل أنت حالب؟ فقال : نعم ، كأنه سأله : هل أذن صاحب الغنم في حلبها لمن يرد عليه؟ فقال : نعم ، أو جرى على العادة المألوفة للعرب في إباحة ذلك والإذن في الحلب للمار وابن السبيل ، فكان كل راع مأذونا له في ذلك» . أبو بكر
وقال «إنما شرب من ذلك على أنه ابن سبيل ، وله شرب ذلك إذا احتاج ولا سيما النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبعد من قال : «إنما استجازه لأنه مال حربي لأن القتال لم يكن فرض بعد ولا أبيحت الغنائم» وقال الحافظ : «قول الداودي : أفي غنمك لبن؟ الظاهر أن مراده بهذا الاستفهام : أمعك إذن في الحلب لمن يمر بك على سبيل الضيافة؟ ويحتمل أن أبي بكر : لما عرف مالك الغنم عرف رضاءه بذلك لصداقته له أو إذنه العام بذلك» . أبا بكر
العاشر : ذكر هنا أبو نعيم ابن مسعود ، لما وقع في بعض طرقه ، قال : قصة إسلام لعقبة بن أبي معيط بمكة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وقد فرا من المشركين ، فقالا : «يا غلام هل معك من لبن»؟ فذكر الحديث ، ويأتي بتمامه في المعجزات . «كنت غلاما يافعا أرعى غنما
قال في البداية والفتح : «قوله في هذا السياق : «وقد فرا من المشركين» ، ليس المراد به وقت الهجرة ، وإنما ذلك في بعض الأحوال قبل الهجرة ، لأن كان ممن أسلم قديما وهاجر إلى ابن مسعود الحبشة كما تقدم ذلك ، وقصته ثابتة في الصحاح .
الحادي عشر : ذكر في «العيون» قصة سراقة قبل قصة أم معبد والتزم في أولها أنه يرتب الوقائع . وذكر في «الإشارة» قصتها قبل قصة سراقة ، وتبعته في ذلك وهو الصحيح الذي صرح جماعة .
الثاني عشر : ذكر رزين أن قريشا أقامت أياما لا يدرون أين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعوا صوتا على أبي قبيس وهو يقول : [ ص: 255 ]
فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف المخالف
فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ويا سعد سعد الخزرجيين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا على الله في الفردوس منية عارف
الثالث عشر : في بيان غريب ما سبق :
«قبل المدينة» ، بكسر القاف وفتح الموحدة : أي جهتها .
«على رسلك» بكسر أوله : أي على مهلك والرسل السير الرقيق .
«بأبي أنت» : أنت مبتدأ وخبره : بأبي أي : مفيدا بأبي ، ويحتمل أن يكون أنت تأكيدا للفاعل يرجو وبأبي قسم .
«حبس نفسه» : منعها من الهجرة .
«السمر» : بسين مهملة مفتوحة وضم الميم : وهو الخبط بفتح المعجمة والموحدة وبالطاء المهملة ، هذا المدرج في تفسير الزهري . ويقال : السمرة اسم شجرة أم غيلان ، وقيل ورق الطلح ، والخبط ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر .
«نحر الظهيرة» : أي أول الزوال وهو أشد ما يكون من حرارة النهار ، والغالب في الحر القيلولة .
«متقنعا» : أي متطيلسا وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى في أبواب لباسه صلى الله عليه وسلم .
«فدى» : بكسر الفاء والقصر وفي رواية فداء بالمد . [ ص: 256 ]
«الصحابة» : بالنصب أي أريد أو أسألك المصاحبة ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف .
«أمناه» : بكسر الميم .
«أحث» : بحاء مهملة فمثلثة أفعل تفضيل من الحث وهو الإسراع وفي رواية : أحب بالموحدة والأول أصح .
«الجهاز» : بفتح الجيم أفصح من كسرها ، وهو ما يحتاج إليه المسافر .
«ذات النطاق» : وفي رواية : ذات النطاقين- بكسر النون- وهو ما يشد به الوسط ، وقيل هو ثوب تلبسه المرأة ، ثم تشد وسطها بحبل ، ثم ترسل الأعلى على الأسفل . والمحفوظ في هذا الحديث أن أسماء شقت نطاقها نصفين فشدت بأحدهما الزاد واقتصرت على الآخر ، ثم قيل لها : ذات النطاق وذات النطاقين ، فالتثنية والإفراد بهذين الاعتبارين . وعند ابن سعد أنها شقت نطاقها فأوكت بقطعة منه الجراب وشدت فم القربة بالباقي فسميت ذات النطاقين .
«الخوخة» : بخاءين معجمتين مفتوحتين بينهما واو ساكنة : باب صغير .
«ثور» : بالمثلثة .
«الرصد» : بفتحتين جمع راصد كخادم وخدم .
«استبرأه» : يقال : استبرأت الشيء طلبت آخره لقطع الشبهة عني .
«ألقمه الجحر» : الجحر بجيم فحاء مهملة : أي أدخله فيه .
«العقب» : بعين مهملة مفتوحة فقاف مكسورة فموحدة : مؤخر الرجل .
«لدغه» : بالدال المهملة والغين المعجمة : عضه .
«الراءة» : وهي شجرة معروفة قال هي من أعلاث الشجر- بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وتعجم- وتكون مثل قامة الإنسان ولها خيطان وزهر أبيض تحشى به المخاد فيكون كالريش . لخفته ولينه لأنه كالقطن . قال في النور : وغالب ظني أن هذه الشجرة التي وصف أبو حنيفة الدينوري : أبو حنيفة أنها العشر كذا رأيتها بأرض بركة الحاج خارج القاهرة وهي تنفتق عن مثل قطن يشبه الريش في الخفة ورأيت من يجعله في اللحف في القاهرة . [ ص: 257 ]
«فتيان» : جمع كثرة لفتى وهو الشاب الحدث .
«الهراوى» بفتح الهاء : جمع هراوة بكسرها .
«ذرأ» : بمعجمة فمهملة فهمزة : أي دفع .
«أثر» : محركة والأثر بقية الشيء أو الخبر ، وخرج في أثره بعده .
«الأرب» بالفتح : الحاجة .
«ينشب» : يلبث .
«حو» بالحاء المهملة والواو : جمع .
«الغار» : نقب في الجبل .
«الطرف» : بفتح الطاء [المهملة] وسكون الراء .
«فالصدق» : أي ذو الصدق وهو النبي صلى الله عليه وسلم .
«لم يرما» بفتح أوله وكسر ثانيه : أي لم يبرحا .
«من أرم» : أي أحد .
«ظنوا» : حسبوا .
«الحمام» : اسم جنس جمع واحده حمامة يقع على الذكر والأنثى .
«البرية» : بتخفيف الراء : الخلق .
«النسج» : بالجيم الحياكة .
«الحوم» : الطواف .
«الوقاية» : بكسر الواو : الحفظ .
«أغنت» : أجزأت .
«الدروع المضاعفة» : المنسوجة حلقتين حلقتين تلبس للحفظ من العدو .
«الأطم» بضمتين : الحصون .
«المنيف» : العالي . [ ص: 258 ]
«حب» رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي محبوبه .
نواجذه» : بفتح النون وكسر الجيم وضم الذال المعجمة : جمع ناجذ وهو السن من الأضراس ويأتي الكلام على ذلك في باب ضحكه وتبسمه .
«كمنا» : بفتح الكاف والميم ويجوز كسرها أي اختفيا فيه .
«ثقف» : بثاء مثلثة مفتوحة فقاف مكسورة ويجوز إسكانها وضمها ففاء : أي فطن يدرك حاجته بسرعة .
«لقف» : بفتح اللام وكسر القاف ويجوز سكونها : أي سريع الفهم .
«يدلج» بتشديد الدال المهملة بعدها جيم : أي يخرج بسحر .
«يكادان» : وفي رواية يكتادان : أي يطلب لهما فيه المكروه وهو الكيد .
«منحة» : بكسر الميم وسكون النون فحاء مهملة .
«رسل» بكسر الراء بعدها مهملة ساكنة : اللبن .
«الرضيف» : براء فضاد معجمة ففاء وزن رغيف : اللبن المرضوف الذي رضفت فيه الحجارة المحماة بالشمس أو النار لينعقد وتزول رخاوته ، وهو بالرفع ويجوز الجر .
«ينعق» : بكسر العين المهملة أي يصيح بغنمه ، والنعق هو صوت الراعي إذا زجر الغنم ، وفي رواية : ينعق بهما بالتثنية أي يسمعهما صوته إذا زجر غنمه .
«الديل» : بكسر الدال المهملة وسكون التحتية .
«الخريت» : بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء فمثناة تحتية ساكنة فمثناة فوقية ، وهو الماهر بهداية الطريق .
«العتبى» : بضم العين المهملة الرضا .
«بوائق الدهر» : غوائله وشروره واحدها بائقة وهي الداهية . [ ص: 259 ]
«قائم الظهيرة» : أي نصف النهار ، سمي قائما لأن الظل لا يظهر حينئذ فكأنه واقف .
«رفعت لنا صخرة» : أي ظهرت .
«الفروة» معروفة ويقال فيها فرو بحذف الهاء وهو الأشهر في اللغة ولا يتجه أن يكون المراد بها الفروة من الحشيش لقوله : كانت معي .
«وأنا أنفض لك ما حولك» أنفض بفتح الهمزة وسكون النون وضم الفاء بعدها ضاد معجمة ، أي أتحسسه وأتعرف ما فيه ممن تخافه- قاله في التقريب وفي النهاية- أي أحرسك وأطوف هل أرى طلبا .
«لرجل من المدينة أو مكة» : شك في ذلك أحمد بن يزيد ، ورواه من طريق مسلم الحسن بن محمد بن أعين عن زهير فقال فيه : «لرجل من أهل المدينة» ، ولم يشك . ووقع في رواية «فسمى رجلا من ابن جريج : أهل مكة» ، ولم يشك . قال الحافظ : «والمراد بالمدينة مكة ، ولم يرد المدينة النبوية لأنها حينئذ لم تكن تسمى المدينة ، وإنما كان يقال لها يثرب .
وأيضا لم تجر العادة للرعاة أن يبعدوا في الرعي هذه المسافة البعيدة . ووقع في رواية فقال : «لرجل من قريش سماه فعرفته» ، وهذا يؤيد ما قررته لأن قريشا لم يكونوا يسكنون إسرائيل المدينة النبوية» .
«أفي غنمك لبن»؟ بفتح اللام والموحدة ، وحكى القاضي أن في رواية لبن ، بضم اللام وتشديد الموحدة جمع «لابن» أي ذات لبن .
«العناق» : بفتح العين المهملة : الأنثى من المعز : «فأخذت قدحا فحلبت» :
وفي رواية : «أمرت الراعي فحلب» ، ويجمع بأنه يجوز في قوله «فحلبت» : مراده أمرت بالحلب .
«كثبة» : بضم الكاف وسكون المثلثة وفتح الموحدة : أي قدر قدح ، وقيل : حلبة خفيفة .
«برد أسفله» : بفتح الراء على المشهور وقال الجوهري بضمها . [ ص: 260 ]