وفي هذه السنة: الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب [رضي الله عنهم] . خرج
وسبب ذلك: أن إسحاق بن عيسى بن علي كان على المدينة ، فلما استخلف وفد إليه واستخلف على الهادي المدينة عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب [رضي الله عنهم] ، فخرج الحسين بالمدينة ، وصعد المنبر وعليه قميص أبيض وعمامة بيضاء ، فخطب وقال: أيها الناس أنا ابن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حرم الله وفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ، فإن لم أف لكم فلا بيعة لي في أعناقكم .
وجرت الحرب بينه وبين الولاة ، ثم خرج إلى مكة ، فبعث الهادي محمد بن سليمان للحرب ، فقتل الحسين وأصحابه ، وجيء برأسه إلى وكان الهادي ، مبارك التركي قد كره حرب الحسين ، وبعث إليه: والله لئن أسقط من السماء أحب إلي من أن أشوكك بشوكة ، ولا بد من الأعذار ، فخرج إليه في نفر يسير فانهزم ، فغضب عليه وأمر بقبض أمواله وتصييره في ساسة الدواب ، فلم يزل كذلك حتى مات الهادي ، . [ ص: 311 ] الهادي
وجرت في هذه السنة حادثة عجيبة:
أخبرنا أحمد بن علي بن المحلى قال: أخبرنا أخي أبو نصر هبة الله بن علي قال:
أخبرنا أبو سعد محمد بن أحمد بن الحسن الحاسب قال: حدثنا عبد العزيز أبو الحسن قال: حدثنا [أبو] محمد بن علي بن عبد الله الجوهري قال: حدثنا أبو الحسن الدمشقي قال: حدثنا الزبير قال: حدثني الحسن بن هانئ أبو نواس قال: حدثني أبو عمرو الأعجمي صاحب خبر السند أيام ثم ولاه المنصور موسى أول ما استخلف - قال: فكتب في خبره .
أن رجلا من أشراف أهل السند من آل المهلب بن أبي صفرة اشترى غلاما أسود وهو صغير ، فرباه وتبناه ، فلما اشتد الغلام هوي مولاته ، وراودها عن نفسها فأجابته ، فدخل مولاه يوما على غرة منه فإذا هو على بطن امرأته فعمد إليه فجب ذكره ، وتركه يتشحط في دمه ، ثم أنه أدركته عليه رقة وتخوف من فعله به ، فعالجه إلى أن أبل من علته ، فأقام بعد هذه الحادثة حينا يطلب غرة مولاه ليثأر منه ويدبر عليه أمرا يكون فيه شفاء قلبه وكان لمولاه ابنان ، أحدهما طفل ، والآخر يافع ، فغاب الرجل عن منزله في بعض أموره ، فأخذ الأسود الصبيين فصعد بهما ذروة سطح عال فنصبهما هناك وجعل يعللهما بالمطعم وباللعب ، إلى أن دخل مولاه فرفع رأسه ، فإذا بابنيه في شاهق والغلام ، فقال:
ويلك يا فلان عرضت ابني للموت ، قال: أجل قد ترى موضعهما ، فوالله الذي تحلف به لئن لم تجب نفسك كما جببتني لأرمين بهما . فقال: ويلك الله الله في وفي بني ، قال: دع عنك هذا ، فوالله ما هي إلا نفسي وإني لأسمح بها من شربة ماء أسقاها ، فجعل يكرر ذلك عليه ويأبى ، فذهب ليروم الصعود إليه فأهوى بهما ليرديهما من ذروة ذلك الشاهق ، فقال أبوهما: ويلك اصبر حتى أخرج مدية ، قال: افعل ما أردت ، فأخذ مدية واستقبله ليرى ما يصنع فرمى ذكره وهو يراه ، فلما علم أنه قد فعل رمى بالصبيين فتقطع الصبيان ، وقال: هذا الذي فعلت ثأري ، وهذا زيادة فيه ، فأخذ الأسود وكتب بخبره ، فكتب موسى إلى صاحب السند بقتل الغلام ، وقال: ما سمعت بأعجب من هذا ، وأمر أن يخرج من ملكه وملك نسائه كل أسود .
وفيها: حج بالناس في هذه السنة سليمان بن المنصور . [ ص: 312 ]
وكان على المدينة عمر بن عبد العزيز العمري ، وكان على مكة والطائف عبيد الله بن قثم ، وعلى اليمن إبراهيم بن سلم بن قتيبة ، وعلى اليمامة والبحرين سويد بن أبي سويد الخراساني ، وعلى صلاة الكوفة وأحداثها موسى بن عيسى ، وعلى صلاة البصرة وأحداثها محمد بن سليمان ، وعلى قضائها عمر بن عثمان ، وعلى جرجان الحجاج مولى وعلى الهادي ، قومس زياد بن حسان ، وعلى طبرستان والرويان صالح بن شيخ ابن أبي عميرة الأسدي .