ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر .
2723 - أحمد بن جعفر بن مسلم بن راشد ، أبو بكر الختلي
[ ص: 244 ] ولد سنة ثمان وسبعين ومائتين ، سمع أبا مسلم الكجي ، وخلقا كثيرا ، وكتب من التفاسير والقراءات شيئا كثيرا ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، كتب عنه وكان صالحا دينا مكثرا ثقة ثبتا ، وروى عنه الدارقطني ابن رزقويه ، والبرقاني ، وأبو نعيم [ الأصبهاني ] ، أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب حدثنا أبو القاسم الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا قال: حضرنا عند أبي بكر بن مسلم لنسلم عليه ، فقال له بعض الحاضرين: أبقاك الله ، فقال: ما أحب البقاء؛ لأني منذ سنة لم أحضر الجمعة ، وهذه الصيفة كلها لم أنم بالليل على السطح ، ومنذ شهر لم آكل الخبز ، إنما أسف الفتيت ، فلست أحب الحياة وهذه حالي . قال: فانصرفنا من عنده فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات . توفي في ربيع الأول من هذه السنة ، ودفن في [ باب ] مقبرة الخيزران إلى جانب ، ابن المنادي
2724 - الحسين بن محمد بن أحمد أبو علي الماسرجسي الحافظ .
رحل وسمع وكتب الكثير وفي بيته وسلفه بضع عشر محدثا ، وصنف المسند الكبير في ألف وثلاثمائة جزء مهذبا بعلله ، وجمع حديث جمعا لم يسبق إليه ، وصنف المغازي ، والقبائل ، وأكثر المشايخ والأبواب ، وخرج على كتاب الزهري البخاري ، ومسلم ، وتوفي يوم الثلاثاء تاسع رجب من هذه السنة . وكان ثبتا
2725 - عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن أبي أحمد الجرجاني الحافظ
[ ص: 245 ] ولد يوم السبت غرة ذي القعدة سنة سبع وستين ، وهي السنة التي مات فيها ، وكان أبو حاتم الرازي أبو أحمد عالما بالحديث ، غاية فيه ، وله كتاب "الكامل في الجرح والتعديل" . قال حمزة السهمي : سألت أن يصنف في ضعفاء المحدثين ، فقال: أليس لي عندك كتاب الدارقطني ؟ قلت: بلى . قال: فيه كفاية ، لا يزاد عليه . ابن عدي
توفي غرة جمادى الآخرة من هذه السنة . ابن عدي
2726 - معد بن إسماعيل بن عبيد الله ، أبو تميم صاحب مصر .
وهو أول من ظهر منهم بالمغرب ، ويلقب المعز لدين الله ، وتقلد الأمر في يوم الجمعة تاسع عشرين شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ، فأقام ناظرا ثلاثا وعشرين سنة ، وخمسة أشهر ، وستة وعشرين يوما ، منها بمصر ثلاث سنين ، وكان جوهر قد دخل مصر سنة ثمان وخمسين ، فوطد الأمور بمصر لمعد وبنى له القاهرة وأقام له الخطبة فدخل إلى مصر سنة اثنتين وستين .
وكان بطاشا ، أحضر يوما أبا بكر النابلسي الزاهد ، وكان ينزل الأكواخ من أرض دمشق ، فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل المسلم عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهما واحدا ، وفينا تسعة . فقال: ما قلت [ هكذا ، فظن أنه رجع عن قوله ، فقال: كيف قلت ؟ ] قال: قلت إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم أيضا ، فإنكم غيرتم الملة ، وقتلتم الصالحين ، ادعيتم نور الإلهية ، فأمر حينئذ أن يشهر ، فشهر في اليوم الأول ، وضرب بالسياط في اليوم الثاني ، وأخرج في اليوم الثالث فسلخ ، سلخه رجل يهودي ، وكان يقرأ القرآن ولا يتأوه . قال اليهودي: أيداخلني له رحمة ، فطعنت بالسكين في فؤاده حتى مات عاجلا .
حكى صاحب النابلسي قال: مضيت مستخفيا أول يوم فتراءيت له وهو يشهر ، [ ص: 246 ] فقلت: ما هذا ؟ فقال: امتحان ، فلما كان اليوم الثاني رأيته يضرب فقلت: ما هذا ؟ فقال: كفارات . فلما أخرج في اليوم الثالث يسلخ ، قلت: ما هذا ؟ قال: أرجو أن تكون درجات .
وكان كافور الأخشيدي قد بعث إلى هذا النابلسي بمال فرده ، وقال للرسول: قل له: قال الله إياك نعبد وإياك نستعين والاستعانة به تكفي . فرد كافور الرسول إليه ، وقال له: اقرأ له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، فأين ذكر كافور ها هنا ، وهل المال إلا له ؟ ! فقال أبو بكر : كافور صوفي لا نحن ، فقبله .
المعز مغرى بالنجوم ، فحكم له ، فاستشار منجميه ، فأشير عليه أن يعمل سردابا تحت الأرض ويتوارى فيه إلى أن يجوز الوقت ، فعمل على ذلك ، وأحضر قواده ، وقال: قد جعلت ولدي نزارا خليفتي مدة غيبتي ، ووصى إلى ولده ، وجعل وكان جوهر يدبره ، ونزل إلى السرداب ، فأقام فيه سنة ، وكانت المغاربة إذا رأت غماما ساريا ترجل الفارس منهم إلى الأرض ، وأومأ بالسلام تقديرا أن المعز فيه ، ثم خرج بعد ذلك وجلس للناس ، وأقام مديدة ، ثم توفي في هذه السنة [ وأقام بعده ابنه ويلقب بالعزيز ] .