فصل الفراض] [حديث
ثم قصد الفراض ، فحميت الروم واغتاظت واستعانوا بمن يليهم من مشايخ أهل فارس ، واستمدوا تغلبا وإيادا والنمر فأمدوهم ، ثم ناهدوا خالدا حتى إذا صار الفراض بينهم ، قالوا: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم ، قال خالد: بل اعبروا إلينا ، قالوا: فتنحوا حتى نعبر ، فقال خالد: لا نفعل ولكن اعبروا أسفل منا ، وذلك للنصف من ذي القعدة سنة اثنتي عشرة ، فقالت الروم وفارس بعضهم لبعض: احتسبوا ملككم ، هذا رجل يقاتل عن دين ، والله لينصرن ولنخذلن ، فعبروا ، فقالت الروم: امتازوا حتى نعرف الحسن والقبيح من أينا يجيء ، ففعلوا فقاتلوا قتالا طويلا ، ثم هزمهم الله ، وقال خالد للمسلمين: ألحوا عليهم [ولا ترفهوا عنهم] . فقتل يوم الفرار مائة ألف ، وأقام هناك بعد الوقعة عشرا ، ثم أذن في القفول إلى الحيرة لخمس بقين من ذي القعدة ، وأمر عاصم بن عمرو أن يسير بهم ، وأمر شجرة بن الأغر أن يسوقهم ، وأظهر خالد أنه في الساقة . [ ص: 111 ]
[حجة خالد] وخرج خالد حاجا من الفراض متكتما بحجه ، يعتسف البلاد حتى أتى مكة بالسمت ، فتأتى له من ذلك ما لم يتأت له بدليل ، وصار طريقا من طرق أهل الحيرة ، فلما علم أبو بكر بذلك عتب عليه ، وكانت عقوبته له أن صرفه إلى الشام ، وكتب إليه:
سر حتى تأتي بجموع المسلمين باليرموك ، وإياك أن تعود لما فعلت ، وأتم يتم الله لك ولا يدخلك عجب فتخسر ، وإياك أن تدل بعملك فإن الله له المن ، وهو ولي الجزاء .
وهذا كله كان في سنة اثنتي عشرة