وبعث أهل العراق إلى الرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج من الحسين مكة متوجها إلى العراق في عشر ذي الحجة ومعه طائفة من آل بيته رجالا ونساء وصبيانا، فكتب يزيد إلى واليه بالعراق بقتاله، فوجه إليه جيشا أربعة آلاف عليهم عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص، فخذله أهل الكوفة كما هو شأنهم مع أبيه من قبله، فلما أرهقه السلاح... عرض عليهم الاستسلام والرجوع، أو المضي إلى يزيد، فيضع يده في يده، فأبوا إلا قتله، فقتل وجيء برأسه في طست، حتى وضع بين يدي ابن زياد، لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيد أيضا.
وكان قتله بكربلاء، وفي قتله قصة فيها طول لا يحتمل القلب ذكرها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقتل معه ستة عشر رجلا من آل بيته.
ولما الحسين ... مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضا. قتل
وكان قتله يوم عاشوراء، [ قتل بكربلاء، وتعرف أيضا بالطف، قتله سنان بن أنس النخعي، وهو جد ويقال: بل قتله رجل من شريك القاضي، مذحج، وقيل: بل قتله شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، جز رأسه وأتى به وقال: عبيد الله بن زياد،
أوقر ركابي فضة أو ذهبا إني قتلت الملك المحجبا [ ص: 342 ] قتلت خير الناس أما وأبا
وخيرهم إذ ينسبون نسبا
قال (إنما ينسب قتل أبو عمر بن عبد البر: إلى الحسين عمر بن سعد؛ لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها إلى قتال عبيد الله بن زياد وأمر عليهم الحسين، عمر بن سعد، ووعده أن يوليه إن ظفر بالحسين وقتله، وكان في تلك الخيل - والله أعلم - قوم من بني مضر من اليمن، والله أعلم) ].
وكسفت الشمس ذلك اليوم، واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله، ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله.
وقيل: إنه لم يقلب حجر ببيت المقدس يومئذ... إلا وجد تحته دم عبيط، وصار الورس الذي في عسكرهم رمادا، ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم، وتكلم رجل في بكلمة، فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره. الحسين