فصل
في مبايعته
روى الشيخان: أن - رضي الله عنه - خطب الناس مرجعه من الحج، فقال في خطبته: عمر بن الخطاب
(قد بلغني أن فلانا منكم يقول: لو مات بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إن عمر... كانت فلتة [وتمت]، أبي بكر ألا وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها، وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل بيعة ، وإنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أبي بكر عليا ومن معهما تخلفوا في بيت والزبير فاطمة، وتخلف الأنصار عنا بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى ، فقلت له: يا أبي بكر ، انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القوم، قالا: أين تريدون، يا معشر المهاجرين؟ فقلت: نريد إخواننا من الأنصار، فقال: لا عليكم ألا تقربوهم، واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين؟ فقلت: والله لنأتينهم. أبا بكر
فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل، فقلت: من هذا؟ قالوا: فقلت: [ ص: 151 ] ما له؟ قالوا: وجع، فلما جلسنا.. قام خطيبهم، فأثنى على الله بما هو أهله، وقال: سعد بن عبادة،
أما بعد: فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفت دافة منكم منكم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، ويحضنونا من الأمر.
فلما سكت... أردت أن أتكلم، وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي ، وقد كنت أداري منه بعض الحد، وهو كان أحلم مني وأوقر، فقال أبي بكر : على رسلك، فكرهت أن أغضبه، وكان أعلم مني، والله، ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري... إلا قالها في بديهته مثلها وأفضل منها حتى سكت، فقال: أبو بكر
أما بعد، فما ذكرتم فيكم من خير... فأنتم أهله، ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد [وهو جالس بيننا] فلم أكره مما قال غيرها، وكان والله، أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم.. أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبي عبيدة بن الجراح . أبو بكر
فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى خشيت الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا ، فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، أما والله، ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أوفق من مبايعة أبا بكر ، خشينا إن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة.. أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد). أبي بكر
وأخرج النسائي، وأبو يعلى، وصححه عن والحاكم قال: (لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم... قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم ابن مسعود رضي الله عنه فقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن [ ص: 152 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر عمر بن الخطاب أن يؤم الناس؟ ! فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ). أبا بكر