[خطبة الصديق رضي الله عنه بعد البيعة]
وقال في «السيرة»: حدثني ابن إسحاق قال: حدثني الزهري [ ص: 153 ] قال: (لما بويع أنس بن مالك، في السقيفة، وكان الغد... جلس أبو بكر على المنبر، فقام أبو بكر فتكلم قبل عمر ، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله قد جمع أمركم على خيركم، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبي بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة. أبا بكر
ثم تكلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت... فأعينوني، وإن أسأت.. فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله.. إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط... إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله.. فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله). أبو بكر
وأخرج في «مغازيه»، موسى بن عقبة وصححه عن والحاكم قال: عبد الرحمن بن عوف ، فقال: والله، ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة قط، ولا كنت راغبا فيها ولا سألتها الله في سر ولا علانية، أبو بكر ولكني أشفقت من الفتنة، وما لي في الإمارة من راحة، ولقد قلدت أمرا عظيما ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله. (خطب
فقال علي ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة، وإنا نرى والزبير: أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخيره، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي). أبا بكر
وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التيمي قال: ( لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم... أتى عمر فقال: ابسط يدك فلأبايعك، فإنك [ ص: 154 ] أمين هذه الأمة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبيدة لعمر: ما رأيت لك فهة قبلها منذ أسلمت، أتبايعني وفيكم الصديق وثاني اثنين؟ !). أبا عبيدة بن الجراح
الفهة: ضعف الرأي.
وأخرج ابن سعد أيضا عن محمد أن قال لعمر: (ابسط يدك نبايع لك، فقال له أبا بكر : أنت أفضل مني، فقال له عمر ، أنت أقوى مني، فقال أبو بكر : فإن قوتي لك مع فضلك، فبايعه). عمر
وأخرج عن أحمد حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من المدينة، فجاء فكشف عن وجهه فقبله وقال: فدى لك أبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا!! مات محمد ورب الكعبة...) فذكر الحديث. وأبو بكر
قال: أبو بكر يتقاودان حتى أتوهم، فتكلم وعمر ، فلم يترك شيئا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنهم إلا ذكره، وقال: لقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار واديا... لسلكت وادي الأنصار». ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد: «قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم»، فقال له سعد: صدقت، ونحن الوزراء وأنتم الأمراء. أبو بكر وانطلق
وأخرج عن ابن عساكر قال: (لما بويع أبي سعيد الخدري ... رأى من الناس بعض الانقباض، فقال: أيها الناس، ما يمنعكم؟ ألست أحقكم بهذا الأمر؟ ألست أول من أسلم؟ ألست ألست... فذكر خصالا). أبو بكر
[ ص: 155 ] وأخرج عن أحمد رافع الطائي، قال: حدثني عن بيعته، وما قالته الأنصار، وما قاله أبو بكر قال: (فبايعوني وقبلتها منهم، وتخوفت أن تكون فتنة تكون بعدها ردة). عمر،
وأخرج ابن إسحاق، وابن عائذ في «مغازيه» عنه أنه قال : ما حملك على أن تلي أمر الناس وقد نهيتني أن أتأمر على اثنين؟ ! قال: (لم أجد من ذلك بدا، خشيت على أمة لأبي بكر محمد صلى الله عليه وسلم الفرقة).
وأخرج عن أحمد قال: إني لجالس عند قيس بن أبي حازم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهر، فذكر قصة، فنودي في الناس: الصلاة جامعة، وهي أول صلاة في المسلمين نودي لها: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس، فصعد المنبر، ثم قال: (أيها الناس، لوددت أن هذا كفانيه غيري، ولئن أخذتموني بسنة نبيكم... ما أطيقها، إن كان لمعصوما من الشيطان، وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء). أبي بكر الصديق
وأخرج ابن سعد عن قال: لما بويع الحسن البصري قام خطيبا فقال: (أما بعد: فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره، ووالله، لوددت أن بعضكم كفانيه، ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لم أقم به، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - عبدا أكرمه الله بالوحي وعصمه به، ألا وإنما أنا بشر، ولست بخير من أحدكم، فراعوني، فإذا رأيتموني استقمت.. فاتبعوني، وإذا رأيتموني زغت... فقوموني، واعلموا أن لي شيطانا يعتريني، فإذا رأيتموني غضبت... فاجتنبوني، ولا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم). أبو بكر...
وأخرج ابن سعد في «رواة مالك» عن عروة قال: لما ولي والخطيب ... خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد: فإني قد [ ص: 156 ] وليت أمركم ولست بخيركم، ولكنه نزل القرآن، وسن النبي صلى الله عليه وسلم السنن، وعلمنا فعلمنا، فاعلموا أيها الناس: أن أكيس الكيس التقى، وأعجز العجز الفجور، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس، إنما أنا متبع ولست بمبتدع، فإذا أحسنت.. فأعينوني، وإن أنا زغت فقوموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. أبو بكر
(قال مالك:) لا يكون أحدا إماما أبدا إلا على هذا الشرط(.
وأخرج في «مستدركه» عن الحاكم - رضي الله عنه - قال: (لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم... ارتجت مكة، فسمع أبو قحافة ذلك، فقال: ما هذا؟ قالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أمر جليل فمن قام بالأمر بعده؟ قالوا: ابنك، قال: فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة؟ قالوا: نعم، قال: لا واضع لما رفعت، ولا رافع لما وضعت). أبي هريرة
وأخرج من طرق عن الواقدي عائشة، وابن عمر، وغيرهم: (أن وسعيد بن المسيب، بويع يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، أبا بكر سنة إحدى عشرة من الهجرة).
وأخرج في «الأوسط» عن الطبراني قال: (لم يجلس ابن عمر في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر حتى لقي الله، ولم يجلس أبو بكر الصديق في مجلس عمر حتى لقي الله، ولم يجلس عثمان في مجلس أبي بكر حتى لقي الله). عمر
[ ص: 157 ]