[ ص: 355 ] فصل في الصحيحين عن { عطاء قال له : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال : هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، فقال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك . فقالت أصبر ، قالت : فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها . ابن عباس } أن
أما الصرع عن أخلاط رديئة فمتفق عليه وهو علة تمنع الأعضاء النفسية عن الأفعال والحركة والانتصاب منعا غير تام ، وله أسباب مختلفة ذكره الأطباء وذكروا علاجه . وأما فهو قولنا وقول الصرع من الأرواح الخبيثة أهل السنة وخالف فيه المعتزلة . وأما الأطباء فاعترف به بعضهم ، وقيل أئمتهم بأن علاجه بمقابلة الأرواح الخيرة الشريفة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة فتعارض أفعالها وتبطلها .
قال أبقراط بعد أن ذكر الأول قال : وأما الصرع الذي يكون من الأرواح فلا ينفع فيه هذا العلاج . وأنكر هذا الصرع بعض الأطباء ، وقدماء الأطباء كانوا يسمون هذا الصرع المرض الإلهي لكون هذه العلة تحدث في الرأس فتضر بالجزء الإلهي الذي مسكنه الدماغ . وعلاج هذا الصرع إما من جهة المصروع بصدق توجهه وقت إفاقته إلى خالق هذه الأرواح القادر على كل شيء ، والتعوذ الصحيح بالقلب واللسان وإما من جهة من يعالجه بذلك . [ ص: 356 ] علاج الصرع
ومعلوم أن الأرواح تختلف في ذاتها وصفاتها ، وبحسب ذلك قد يخرج بأيسر شيء أو بوعظ أو بتخويف ، وقد لا يخرج إلا بالضرب على اختلافه أيضا فيفيق المصروع ولا ألم به .
وكان الشيخ تقي الدين يعالج هذا الصرع بذلك كله وتارة بقراءة آية الكرسي ويأمر المصروع بكثرة قراءتها وكذا من يعالجه بها وبقراءة المعوذتين ، وفي الغالب أن الأرواح الخبيثة لا تتسلط إلا على فاعل غير متيقظ ولا معامل لربه تبارك وتعالى .
وصرع المرأة في الحديث والله أعلم من الصرع الأول ، واحتج به على أن أفضل وفيه أن التوجه إلى الله سبحانه يجلب من النفع ويدفع من الضر ما لا يفعله علاج الأطباء ، وإن تأثيره وتأثر الطبيعة عنه أعظم من الأدوية البدنية وتأثر الطبيعة عنها . ترك التداوي
وعقلاء الأطباء معترفون بأن فعل القوى النفسية وانفعالاتها في شقاء الأمراض عجائب ، وأما الصرع بملاهي الدنيا وشهواتها على اختلاف أنواعها وعدم التفكر والاعتبار وغلبة الغفلة والهوى حتى إن بعض القلوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح أو في الصحيحين { مسلم } نعوذ بالله من ذلك ، فهذا الصرع مما عم أمره وغلب على الناس إلا من عصم الله ، والناس فيه متفاوتون جدا على ما هو معروف ، ويأتي آخر فصول الطب دواء العشق وما يتعلق به . : لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما آثر من هواه