المسألة الرابعة :
كما كتب } [ ص: 107 ] وجه التشبيه فيه محتمل لثلاثة أوجه الزمان ، والقدر ، والوصف ، ومحتمل لجميعها ، ومحتمل لاثنين منها ; فإن رجع إلى الزمان فقد روي أن قوله تعالى : { النصارى كانوا يصومون رمضان ، ثم اختلف عليهم الزمان فكان يأتي في الحر يوما طويلا ، وفي البرد يوما قصيرا ; فارتأوا برأيهم أن يردوه في الزمان المعتدل .
وإن رجع إلى العدد ففيه ثلاثة أقوال : الأول : أنه ثلاثة أيام ، وقد روي أنه كان ذلك في صدر الإسلام .
الثاني : أنه يوم عاشوراء ، روي في " الصحيح { المدينة وجد الناس يصومون عاشوراء ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم أنجى الله فيه موسى عليه السلام وأغرق فيه فرعون ; فقال : نحن أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه } ، فكان هو الفريضة ، حتى نزل رمضان ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم } . هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب الله عليكم صيامه ، من شاء صامه ومن شاء أفطره
الثالث : أنه ثلاثون يوما ، كما فرض على النصارى في أول الأمر ، ثم غيروه لأسباب مروية .
وإن رجع إلى الوصف ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } وقد كان شرع من قبلنا [ ص: 108 ] يصومون عن الكلام كله ، وفي شرعنا الأمر بالصيام عن قول الزور متأكد على الأمر به في غير الصيام . من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه
والمقطوع به أنه التشبيه في الفرضية خاصة ; وسائره محتمل ، والله أعلم .