المسألة الخامسة : ثم قال بعد ذلك : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم } يعني : في الوأد للبنات مخافة السباء وعدم الحاجة وما حرمن من النصرة ، كما كانت الجاهلية تفعله . {
وقيل : كما فعل عبد المطلب حين نذر ذبح ولده عبد الله .
وحقيقة التزيين إظهار الجميل ، وإخفاء القبيح ، وقد يتغلب بخذلان الله للعبد ، كما يتحقق بتوفيقه له . ومن الباطل الذي ارتكبوه بتزيين الشيطان تصويره عندهم جواز أكل الذكور من القرابين ، ومنع الإناث من أكلها ، كالأولاد والألبان ، : وكان تفضيلهم للذكور لأحد وجهين ، أو بمجموعهما
إما لفضل الذكر في نفسه على الأنثى ، وإما لأن الذكور كانوا سدنة بيوت الأصنام ; فكانوا يأكلون مما جعل لهم منها ; وذلك كله تعد في الأفعال ، وابتداء في الأقوال ، وعمل بغير دليل من الشرع ; ولذلك القول بالاستحسان أبي حنيفة وهي : أنكر جمهور من الناس على
المسألة السادسة : فقالوا : إنه يحرم ويحلل بالهوى من غير دليل ، وما كان ليفعل ذلك أحد من أتباع المسلمين ، فكيف ، وعلماؤنا من المالكية كثيرا ما يقولون : القيام كذا في مسألة ، والاستحسان كذا ، والاستحسان عندنا وعند الحنفية هو العمل بأقوى الدليلين . أبو حنيفة
وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف .
نكتته المجزئة هاهنا أن العموم إذا استمر والقياس إذا اطرد فإن مالكا يريان تخصيص العموم بأي دليل كان من [ ص: 279 ] ظاهر أو معنى ، ويستحسن وأبا حنيفة أن يخص بالمصلحة ، ويستحسن مالك أن يخص بقول الواحد من الصحابة الوارد بخلاف القياس . أبو حنيفة
ويرى مالك تخصيص القياس ببعض العلة ، ولا يرى وأبو حنيفة العلة الشرع إذا ثبت تخصيصا ، ولم يفهم الشريعة من لم يحكم بالمصلحة ولا رأى تخصيص العلة ، وقد رام الشافعي الجويني رد ذلك في كتبه المتأخرة التي هي نخبة عقيدته ونخيلة فكرته فلم يستطعه ، وفاوضت الطوسي الأكبر في ذلك وراجعته حتى وقف ، وقد بينت ذلك في المحصول والاستيفاء بما في تحصيله شفاء إن شاء الله تعالى .
فإن قال أصحاب : فقد تاخمتم هذه المهواة ، وأشرفتم على التردي في المغواة ; فإنكم زعمتم أن اليمين يحرم الحلال ويقلب الأوصاف الشرعية ، ونحن براء من ذلك ؟ قلنا : هيهات ، ما حرمنا إلا ما حرم الله ، ولا قلنا إلا ما قال الله ، ألم تسمعوا قوله : { الشافعي يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } ، وهي : المسألة السابعة : وسنبينها في سورة التحريم إن شاء الله .