المسألة الثالثة : قوله تعالى : { لولا كتاب من الله سبق } في إحلال الغنيمة لعذبتم بما اقتحمتم فيها مما ليس لكم اقتحامه إلا بشرع ، فكان هذا دليلا على أن إنه لا عقوبة عليه كالصائم إذا قال : هذا يوم نوبي فأفطر الآن . العبد إذا اقتحم ما يعتقده حراما مما هو في علم الله حلال
أو هذا يوم حيضي فأفطر [ ص: 436 ] ففعلا ذلك .
وكأن النوب والحيض الموجبان للفطر ; ففي مشهور المذهب فيه الكفارة ، وبه قال . الشافعي
وقال : لا كفارة عليه ، وهي الرواية الأخرى . أبو حنيفة
ولنا في إسقاط الكفارة عمدة ; فهو أن حرمة اليوم ساقطة عند الله ، فصادف الهتك محلا لا حرمة له في علم الله فكان بمنزلة ما لو قصد وطء امرأة قد زفت إليه ، وهو يعتقد أنها ليست بزوجه فإذا هي زوجه .
وتعلق من أوجب الكفارة بأن طروء الإباحة لا ينتصب عذرا في عقوبة التحريم عند الهتك ، كما لو وطئ امرأة ثم نكحها ، وهذا لا يلزم ; لأن علم الله تعالى مع علمنا قد استوى في هذه المسألة بالتحريم .
وفي المسألة التي اختلفنا فيها اختلف علمنا وعلم الله ، فكان المعول على علم الله في إسقاط العقوبة ، كما قال : { لولا كتاب من الله } .