المسألة الثالثة : في تفسير التهلكة : فيه ستة أقوال : الأول : لا تتركوا النفقة .
الثاني : لا تخرجوا بغير زاد ، يشهد له قوله تعالى : { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } .
[ ص: 166 ] الثالث : لا تتركوا الجهاد .
الرابع : لا تدخلوا على العساكر التي لا طاقة لكم بها .
الخامس : لا تيأسوا من المغفرة ; قاله البراء بن عازب . قال الطبري : هو عام في جميعها لا تناقض فيه ، وقد أصاب إلا في اقتحام العساكر ; فإن العلماء اختلفوا في ذلك .
فقال القاسم بن مخيمرة ، والقاسم بن محمد ، وعبد الملك من علمائنا : لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة وكان لله بنية خالصة ; فإن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة .
وقيل : إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل ; لأن مقصده واحد منهم ، وذلك بين في قوله تعالى : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله } .
والصحيح عندي جوازه ; لأن فيه أربعة أوجه : الأول : طلب الشهادة .
الثاني : وجود النكاية .
الثالث : تجرية المسلمين عليهم .
الرابع : ضعف نفوسهم ليروا أن هذا صنع واحد ، فما ظنك بالجميع ، والفرض لقاء واحد اثنين ، وغير ذلك جائز ; وسيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى .


