المسألة الثامنة : قوله تعالى : { فكلوا منها } ولا يخلو أن يكون الهدي تطوعا أو واجبا ، فأما فيأكل منه ، وأما هدي التطوع فللعلماء فيه أقوال ، أصولها ثلاثة : الأول : لا يأكل منه بحال ; قاله الهدي الواجب . الشافعي
الثاني : أنه يأكل من ، ولا يأكل من الواجب بحكم الإحرام قال هدي التمتع والقران . أبو حنيفة
الثالث : أنه يأكل من الواجب كله إلا من ثلاث : جزاء الصيد ، وفدية الأذى ، ونذر المساكين .
وتعلق بأنه وجب عليه إخراجه من ماله ، فكيف يأكل منه ؟ الشافعي
[ ص: 294 ] وتعلق بأن ما وجب بسبب محظور التحق بجزاء الصيد . أبو حنيفة
وتعلق بأن جزاء الصيد جعله الله للمساكين بقوله : { مالك أو كفارة طعام مساكين } ، وحكم البدل حكم المبدل ، وقال في : { فدية الأذى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } .
{ } ، ونذر المساكين مصرح به ، وأما غير ذلك من الهدايا فهو على أصل قوله تعالى : { وقال النبي صلى الله عليه وسلم في فدية الأذى : وأطعم ستة مساكين مدين لكل مسكين والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } .
وهذا نص في إباحة الأكل ، وقد ثبت في الصحيح { } . وإنما أذن الله تعالى في الأكل لأجل أن أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بدنه ، وأمر من كل بدنة ببضعة ، فطبخها وأكل منها ، وشرب من مرقها ، وكان من هديه واجبا ، وهو دم القران الذي كان عليه في حجه العرب كانت لا ترى أن تأكل من نسكها ، فأمر الله نبيه بمخالفتهم ، فلا جرم كذلك شرع وبلغ ، وكذلك فعل حين أهدى وأحرم .
وما تعلق به غير صحيح . فليست العلة ما ذكر من الحظر ، وإنما هو دعوى لا برهان عليها . أبو حنيفة