المسألة الثالثة قوله : { وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين } أي مطيقين ، تقول : قرنت كذا وكذا إذا ربطته به ، وجعلته قرينه ، وأقرنت كذا بكذا إذا أطقته وحكمته ، كأنه جعله في قرن وهو الحبل ، فأوثقه به ، وشده فيه ; فعلمنا الله تعالى ، وعلمنا الله في آية أخرى على لسان ما نقول إذا ركبنا الدواب نوح عليه السلام ، وهو قوله تعالى : { ما نقول إذا ركبنا السفن وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم } . [ ص: 85 ]
وروي أن أعرابيا ركب قعودا له وقال : إني لمقرن له ، فركضت به القعود حتى صرعته ، فاندقت عنقه . وما ينبغي لعبد أن يدع قول هذا ، وليس بواجب ذكره باللسان ، وإنما الواجب اعتقاده بالقلب ، أما أنه يستحب له ذكره باللسان فيقول متى ركب وخاصة باللسان إذا تذكر في السفر : { سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون } { } يعني بالحور والكور تشتت أمر الرجل بعد اجتماعه . اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، والحور بعد الكور ، وسوء المنظر في الأهل والمال
وقال عمرو بن دينار : ركبت مع أبي جعفر إلى أرض له نحو حائط يقال لها مدركة ، فركب على جمل صعب ، فقلت له : أبا جعفر ، أما تخاف أن يصرعك . فقال : { } . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : على سنام كل بعير شيطان ، فإذا ركبتموها فاذكروا اسم الله كما أمركم ، ثم امتهنوها لأنفسكم ، فإنما يحمل الله
وقال علي بن ربيعة : { ركب دابة يوما ، فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فلما استوى على الدابة قال : الحمد لله . ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون . ثم قال : الحمد لله ، والله أكبر ثلاثا ، اللهم لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم ضحك فقلت له : ما أضحكك ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ، وقال كما قلت ، ثم ضحك ، فقلت له : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : لعبد أو قال : عجبا لعبد أن يقول : اللهم لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره علي بن أبي طالب } . شهدت