الآية العاشرة قوله تعالى : { ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين } .
فيها مسألتان : [ ص: 28 ] المسألة الأولى : جاء في كتاب التفسير أن إبليس حاول آدم على أكلها ، فلم يقدر عليه ، وحاول حواء ، فخدعها فأكلت فلم يصبها مكروه ، فجاءت آدم فقالت له : إن الذي تكره من الأكل قد أتيته فما نالني مكروه .
فلما عاين ذلك آدم اغتر فأكل ، فحلت بهما النقمة والعقوبة ، وذلك لقول الله سبحانه : { ولا تقربا هذه الشجرة } فجمعهما في النهي ، فلذلك لم تنزل بهما العقوبة حتى وجد المنهي عنه منهما جميعا .
واستدل بهذا بعض العلماء على أن من أن الطلاق والعتق لا يقع بدخول إحداهما . قال لزوجتيه أو أمتيه : إن دخلتما علي الدار فأنتما طالقتان أو حرتان
وقد اختلف علماؤنا رحمة الله عليهم في ذلك على ثلاثة أقوال :
فقال ابن القاسم : لا تطلقان ولا تعتقان إلا باجتماعهما في الدار في الدخول ، حملا على هذا الأصل ، وأخذا بمقتضى مطلق اللفظ .
وقال مرة أخرى : تعتقان جميعا ، وتطلقان جميعا بوجود الدخول من إحداهما ; لأن بعض الحنث حنث ، كما لو حلف ألا يأكل هذين الرغيفين ، فإنه يحنث بأكل أحدهما ، بل بأكل لقمة منهما حسبما بيناه في أصول المسائل .
وقال : تعتق وتطلق التي دخلت وحدها ; لأن دخول كل واحدة منهما شرط في طلاقها أو عتقها . أشهب
وقد قال في كتاب مالك فيمن محمد بن المواز : إنها لا تطلق حتى تضع الآخر . قال لزوجته : إن وضعت فأنت طالق [ ص: 29 ] وهي حامل ، فوضعت ولدا ، وبقي في بطنها آخر
وقال مرة أخرى : تطلق بوضع الأول .
والصحيح أن اليمين إن لم يكن لها نية وبساط يقتضي ذلك من الجمع بينهما أو بساط أو نية ، فإن القول قول ، ويشبه أن يكون هذا من علمائنا اختلاف حال لا اختلاف قول ; فأما الحكم بطلاقهما أو عتقهما معا بدخول واحدة منهما فبعيد ; لأن بعض الشرط لا يكون شرطا إجماعا ، وأما [ الحكم ] بالحنث بأكل بعض الرغيفين ; فلأنه محلوف عليه ، وبعض الحنث حنث حقيقة ; لأن الاجتناب الذي عقده لا يوجد منه . أشهب