الآية الحادية والستون
قوله تعالى : { فاعتزلوا النساء في [ ص: 220 ] المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ويسألونك عن المحيض قل هو أذى } فيها اثنتان وعشرون مسألة :
المسألة الأولى : سبب السؤال : وقد اختلف العلماء فيه على قولين : فروى : { أنس بن مالك اليهود إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت ، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل الله تعالى : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى } فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤاكلوهن ويشاربوهن ، وأن يكونوا في البيت معهن ، وأن يفعلوا كل شيء ما خلا النكاح . فقالت اليهود : ما يريد محمد أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه ، فجاء ، أسيد بن الحضير ، فقالا : يا رسول الله ; ألا نخالف وعباد بن بشر اليهود فنطأ النساء في المحيض فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه قد وجد عليهما . قال : فقاما فخرجا عنه فاستقبلتهم ا هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهما فسقاهما ، فعلما أنه لم يجد عليهما . } وهذا حديث صحيح متفق عليه من الأئمة . كانت
المسألة الثانية : كان غضب النبي صلى الله عليه وسلم عليهما لأحد أمرين ; إما كراهية من كثرة الأسئلة ، ولذلك كان عليه السلام يقول : { } . ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم
[ ص: 221 ] وإما أن يكون كره الأطماع المتعلقة بالرذائل ، وإن كانت مقترنة باللذات ; والوطء في حالة الحيض رذيلة يستدعي عزوف النفس . وعلو الهمة الانكفاف عنه لو كان مباحا ، كيف وقد وقع النهي عنه لا سيما ممن تحقق في الدين علمه ، وثبت في المروءة قدمه كأسيد وعباد .
وقد روي عن قال : { مجاهد } وهذا ضعيف يأتي القول فيه إن شاء الله تعالى . كانوا يأتون النساء في أدبارهن في المحيض فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى الآية