الآية الثالثة قوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا    } . 
فيها ست مسائل : المسألة الأولى قوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم    } : وهذه آية مشكلة ، واختلف أصحابنا في تأويلها على ثلاثة أقوال :  [ ص: 245 ] الأول أن معناها إذا ارتبتم . وحروف المعاني يبدل بعضها من بعض ، والذين قالوا هذا اختلفوا في الوجه الذي رجعت فيه إن بمعنى إذا ، فمنهم من قال : إن ذلك راجع إلى ما روي أن {  أبي بن كعب  قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ; إن الله قد بين لنا عدة الحائض بالأقراء فما حكم الآيسة والصغيرة ؟ فأنزل الله الآية   } . 
ومنهم من قال وهو الثاني : إن الله جعل عدة الحائض بالأقراء ، فمن انقطع حيضها  ، وهي تقرب من حد الاحتمال [ فواجب عليها العدة بالأشهر بهذه الآية ، ومن ارتفعت عن حد الاحتمال ] وجب عليها الاعتداد بالأشهر بالإجماع ، لا بهذه الآية ; لأنه لا ريبة فيها . 
الثالث : قال  مجاهد    : الآية واردة في المستحاضة ; لأنها لا تدري دم حيض هو أو دم علة . 
المسألة الثانية في تحقيق المقصود : أما وضع حروف المعاني إبدالا بعضها من بعض فإن ذلك مما لا يجوز . وإن اختلفوا في حروف الخفض ; وإنما الآية واردة على أن أصل العدة موضوع لأجل الريبة ; إذ الأصل براءة الرحم ، وترتاب لشغله بالماء ; فوضعت العدة لأجل هذه الريبة ، ولحقها ضرب من التعبد . 
ويحقق هذا أن حرف " إن " يتعلق بالشرط الواجب ، كما يتعلق بالشرط الممكن ، وعلى هذا خرج قوله : " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " . وقد بينا ذلك في ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين واللغويين . 
وأما حديث  أبي  فغير صحيح ، وقد روى ابن القاسم  ، وأشهب  ، وعبد الله بن الحكم  عن  مالك  في قوله تعالى : { إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر    } يقول في شأن العدة : إن تفسيرها : إن لم تدروا ما تصنعون في أمرها فهذه سبيلها . والله أعلم . 
				
						
						
