الآية الثانية قوله تعالى : { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا }
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى الأرض كلها لله ملكا وخلقا ، كما قال الله سبحانه وتعالى : { إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده } . والمساجد لله رفعة وتشريفا ، كما قال تعالى : { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } والكعبة بيت الله تخصيصا وتعظيما ، كما قال تعالى : { أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين } .
وفي موضع آخر : " والقائمين " فجعل الله تعالى الأرض كلها مسجدا [ كما قال صلى الله عليه وسلم : { } واصطفى منها مواضع ثلاثا بصفة المسجدية ، وهي : جعلت لي الأرض مسجدا ] وطهورا المسجد الأقصى وهو مسجد إيلياء ، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، والمسجد الحرام . واصطفى من الثلاثة المسجد الحرام في قول ، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في قول على اختلاف في أيها أفضل ، حسبما بيناه في مسائل الخلاف . فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { المسجد الحرام } [ ص: 277 ] واختلف في هذا الاستثناء ; هل هو على تفضيل المفضل أو احتماله ؟ فمنهم من قال : إنه مفضل بتفضيل صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام على مسجد المدينة . ومنهم من قال إنه محتمل ، وهو الصحيح ; لأن كل تأويل تضمن فيه مقدارا يجوز تقديره على خلافه ; على أنه قد روي من طريق لا بأس بها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المسجد الحرام ; فإن صلاة فيه خير من مائة صلاة في مسجدي } ، ولو صح هذا لكان نصا . صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا