المسألة التاسعة : قوله تعالى : { فإن فاءوا } : والمعنى : إن رجعوا ، والرجوع لا يكون إلا عن مرجوع عنه ، وقد كان تقدم منه يمين واعتقاد ; فأما اليمين فيكون الرجوع عنها بالكفارة ، لأنها تحلها ، وأما الاعتقاد فيكون الرجوع عنه بالفعل ; لأن اعتقاده مستتر لا يظهر إلا بما يكشف عنه من فعل [ ص: 246 ] يتبين به ; كحل اليمين بالكفارة أو إتيان ما امتنع منه ; فأما مجرد قوله : رجعت فلا يعد فيئا ; وإذا ثبت هذا التحقيق فلا معنى بعده لقول إبراهيم : إن الفيء قوله رجعت . وأبي قلابة
أما أنه تبقى هنا نكتة وهي أن يحلف فيقول : والله لقد رجعت فهل تنحل اليمين التي قبلها أم لا ؟ قلنا : لا يكون فيئا ، لأن هذه اليمين توجب كفارة أخرى في الذمة ، وتجتمع مع اليمين الأول ، ولا يرفع الشيء إلا بما يضاده وهذا تحقيق بالغ .
المسألة العاشرة : إذا كان ذا عذر من مرض أو مغيب فقوله : رجعت فيء ; قاله الحسن وعكرمة .
وقال : يقال له كفر أو أوقع ما حلفت عليه ; فإن فعل ، وإلا طلقت عليه . مالك
وعن ابن القاسم أنه يكفي في اليمين بالله قوله : رجعت ، ثم إذا أمكنه الوطء ، فلم يطأ طلق عليه ، ولو كفر ثم أمكنه الوطء لزوال العذر لم تطلق عليه .
وقال : تستأنف له المدة إذا انقضت ، وهو مغيب أو مريض ثم زال عذره . أبو حنيفة
قلنا : لا تستأنف له مدة ; لأن هذا العذر لا يمنعه عن الكفارة ; فإن كان فعلا لا يقدر عليه إلا بالخروج فيفعله عند خروجه . وقد بيناها في كتاب " المسائل " مستوفاة الحجج . لأبي حنيفة
المسألة الحادية عشرة : إذا فلا تظهر فيئته عندنا إلا بالفعل ، لأن اعتقاد الكراهة قد ظهر بالامتناع ، فلا يظهر اعتقاده للإرادة إلا بالإقدام ; وهذا تحقيق بالغ . ترك الوطء مضارا بغير يمين