المسألة الرابعة : في : يبعد في الشريعة أن تسمى وسطى بعدد أو وقت وما العدد والزمان من الحظ في الوسط والتخصيص عليه ، وقد كان اللبيب يمكنه أن يبدئ في ذلك ويعيد ، إلا أنه تكلف ، والحق أحق أن يتبع . تحقيقها
قال الله تعالى : { حافظوا على الصلوات } معناه لفضلهن ، وخصوا الفضلى منهن بزيادة محافظة أي الزائدة الفضل ، وتعيينها متعذر .
وقد اختلف العلماء فيها على سبعة أقوال : الأول : أنها الظهر ; قاله . زيد بن ثابت
الثاني : أنها العصر قال في إحدى روايتيه . علي
الثالث : المغرب ; قاله . البراء
الرابع : أنها العشاء الآخرة .
الخامس : أنها الصبح ; قال ، ابن عباس ، وابن عمر وأبو أمامة ، والرواية الصحيحة عن . علي
السادس : أنها الجمعة .
السابع : أنها غير معينة .
وكل قول من هذه الأقوال مستند إلى ما لا يستقل بالدليل : أما من قال : إنها الظهر ، فلأنها أول صلاة فرضت .
وأما من قال : إنها العصر ، فتعلق بحديث رضي الله عنه : { علي } . شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا
[ ص: 300 ] وأما من قال : إنها المغرب ; فلأنها وتر بين أشفاع .
وأما من قال : العشاء ; فلأنها وسطى صلاة الليل بين المغرب والصبح .
وأما من قال : إنها الصبح ; فلأنها في وقت متوسط بين الليل والنهار ; قاله مالك . وابن عباس
وقال غيرهما : هي مشهودة ، والعصر وإن كانت مثلها فتزيد الصبح عليها بوجهين : أحدهما : أنها أثقل الصلوات على المنافقين .
والثاني : أن في الموطأ عن : { عائشة } . حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين
وهذا يدل على أن الصلاة الوسطى غير صلاة العصر ، ويعارض حديث رضي الله عنه ويبين أن المراد به أنها كانت وسطى بين ما فات وبقي . علي
وأما من قال : الجمعة : فلأنها تختص بشروط زائدة ; وهذا يدل على شرفها وفضلها .
وأما من قال : إنها غير معينة ، فلتعارض الأدلة وعدم الترجيح ، وهذا هو الصحيح ; فإن الله خبأها في الصلوات كما خبأ ليلة القدر في رمضان ، وخبأ الساعة في يوم الجمعة ، وخبأ الكبائر في السيئات ; ليحافظ الخلق على الصلوات ، ويقوموا جميع شهر رمضان ، ويلزموا الذكر في يوم الجمعة كله ، ويجتنبوا جميع الكبائر والسيئات .