المسألة الثانية :
الأصح والأشهر أن خروجهم إنما كان فرارا من الطاعون ، وهذا حكم باق في ملتنا لم يتغير .
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { عبد الرحمن بن عوف وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه } . إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ،
واختلف العلماء في وجه الحكم في ذلك : : الأول : ما فيه من التعرض للبلاء ; وذلك لا يجوز في حكم الله تعالى فإن صيانة النفس عن كل مكروه مخوف واجب . أما الدخول ففيه الخلاف على أربعة أقوال
الثاني : إنما نهى عن دخوله لئلا يشتغل عن مهمات دينه بما يكون فيه من الكرب [ ص: 305 ] والخوف ، بما يرى من عموم الآلام وشمول الأسقام .
الثالث : ما يخاف من السخط عند نزول البلاء به ، وذهاب الصبر على ما ينزل من القضاء .
الرابع : ما يخاف عليه من سوء الاعتقاد ، كأن يقول : لولا دخولي في هذا البلد لما نزل بي مكروه .
وأما الخروج فإنما نهي عنه لما فيه من ترك المرضى مهملين مع ما ينتظم به مما تقدم . والله أعلم .