المسألة الثانية : قال : من أبو حنيفة ; فلا يعتق إلا أن يكرع فيه ; فإن شرب بيده أو اغترف بإناء منه لم يعتق ; لأن الله تعالى فرق بين الكرع في النهر وبين الشرب باليد . قال : إن شرب عبدي من الفرات فهو حر
وهذا فاسد ; فإذا أجرينا الأيمان على الألفاظ ، وقلنا به معهم ; لأن شرب الماء ينطلق على كل هيئة وصفة في لسان العرب من غرف باليد أو كرع بالفم انطلاقا واحدا ، فإذا وجد الشرب المحلوف عليه لغة وحقيقة حنث فاعله .
[ ص: 310 ] وأما هذه الآية فلا حجة فيها ; فإن الله تعالى جعل ما لزمهم من هذه القصة معيارا لعزائمهم وإظهار صبرهم في اللقاء ; فكان من كسر شهوته عن الماء ، وغلب نفسه على الإمعان فيه إلا غرفة واحدة يطفئ بها سورته ، ويسكن غليله ، موثوقا به في الثبات عند اللقاء في الحرب وكسر النفس عن الفرار عن القتال ، وبالعكس من كرع في النهر واستوفى الشرب منه ، وهذا منزع معلوم ليس من اليمين في ورد ولا صدر .