[ ص: 349 ] سورة آل عمران فيها ست وعشرون آية الآية الأولى قوله تعالى : { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم    } قال بعض علمائنا : هذه الآية دليل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإن أدى إلى قتل الآمر به    . وقد بينا في كتاب " المشكلين " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآياته وأخباره وشروطه وفائدته    . وسنشير إلى بعضه هاهنا فنقول : المسلم البالغ القادر يلزمه تغيير المنكر ; والآيات في ذلك كثيرة ، والأخبار متظاهرة ، وهي فائدة الرسالة وخلافة النبوة ، وهي ولاية الإلهية لمن اجتمعت فيه الشروط المتقدمة . 
وليس من شرطه أن يكون عدلا عند أهل السنة    . وقالت المبتدعة    : لا يغير المنكر إلا عدل ، وهذا ساقط ; فإن العدالة محصورة في قليل من الخلق ، والنهي عن المنكر عام في جميع الناس . فإن استدلوا بقوله تعالى : { أتأمرون الناس بالبر    } وقوله تعالى { كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون    } ونحوه . قلنا : إنما وقع الذم هاهنا على ارتكاب ما نهي عنه ، لا عن نهيه عن المنكر  [ ص: 350 ] 
وكذلك ما روي في الحديث من { أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقيل له : هم الذين ينهون عن المنكر ويأتونه  ، إنما عوقبوا على إتيانهم   } . ولا شك في أن النهي عنه ممن يأتيه أقبح ممن لا يأتيه عند فاعله فيبعد قبوله منه . 
وأما القدرة فهي أصل ، وتكون منه في النفس وتكون في البدن إن احتاج إلى النهي عنه بيده ، فإن خاف على نفسه من تغييره الضرب أو القتل  ، فإن رجا زواله جاز عند أكثر العلماء الاقتحام عند هذا الغرر ، وإن لم يرج زواله فأي فائدة فيه ؟ والذي عنده : أن النية إذا خلصت فليقتحم كيفما كان ولا يبالي . 
فإن قيل : هذا إلقاء بيده إلى التهلكة . قلنا : قد بينا معنى الآية في موضعها ، وتمامها في شرح المشكلين ، والله أعلم . فإن قيل : فهل يستوي في ذلك المنكر الذي يتعلق به حق الله تعالى مع الذي يتعلق به حق الآدمي  ؟ قلنا : لم نر لعلمائنا في ذلك نصا . وعندي  أن تخليص الآدمي أوجب من تخليص حق الله تعالى ; وذلك ممهد في موضعه . . 
				
						
						
