المسألة الرابعة : قوله تعالى : { مقام إبراهيم } فيه قولان : أحدهما : أنه الحجر المعهود ، وإنما جعل آية للناس ; لأنه جماد صلد وقف عليه إبراهيم ، فأظهر الله فيه أثر قدمه آية باقية إلى يوم القيامة .
الثاني : قال : { ابن عباس مقام إبراهيم } هو الحج كله ; وهذا بين ، فإن إبراهيم قام بأمر الله سبحانه ، ونادى بالحج عباد الله ، فجمع الله العباد على قصده ، وكانت شرعة من عهده ، وحجة على العرب الذين اقتدوا به من بعده . [ ص: 373 ]
وفيه من الآيات أن عاد آمنا ; فإن الله سبحانه قد كان صرف القلوب عن القصد إلى معارضته ، وصرف الأيدي عن إذايته ، وجمعها على تعظيم الله تعالى وحرمته . وهذا خبر عما كان ، وليس فيه إثبات حكم ، وإنما هو تنبيه على آيات ، وتقرير نعم متعددات ، مقصودها وفائدتها وتمام النعمة فيه بعثه من دخله خائفا محمدا صلى الله عليه وسلم ; فمن لم يشهد هذه الآيات ويرى ما فيها من شرف المقدمات لحرمة من ظهر من تلك البقعة فهو من الأموات .