الآية الحادية والعشرون قوله تعالى : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى }
فيها مسألتان : المسألة الأولى : في تحقيق المقام : هو مفعل بفتح العين ، من قام ، كمضرب بفتح العين أيضا ، من ضرب ; فمن الناس من حمله على عمومه في مناسك الحج ; والتقدير : " واتخذوا من مناسك إبراهيم في الحج عبادة وقدوة " .
والأكثر حمله على الخصوص في بعضها ، واختلفوا فيه : فقال قوم : هو الحجر الذي جعل إبراهيم عليه رجله حين غسلت زوج إسماعيل عليهما السلام رأسه .
وقد رأيت بمكة صندوقا فيه حجر ، عليه أثر قدم قد انمحى واخلولق ، فقالوا كلهم : هذا أثر قدم إبراهيم عليه السلام وهو موضوع بإزاء الكعبة .
[ ص: 60 ] وقال آخرون : هو الموضع الذي دعا إبراهيم عليه السلام فيه ربه تعالى حين استودع ذريته .
فمن حمله على العموم قال : معناه كما قدمنا مصلى : مدعى أي موضعا للدعاء .
ومن خصصه قال : معناه موضعا للصلاة المعهودة ; وهو الصحيح ; ثبت من كل طريق { أن عمر رضي الله عنه قال : وافقت ربي في ثلاث : قلت : يا رسول الله ; لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } .
الحديث ، { فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم طوافه مشى إلى المقام المعروف اليوم ، وقرأ : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } وصلى فيه ركعتين } ، وبين بذلك أربعة أمور : الأول : أن ذلك الموضع هو المقام المراد في الآية .
الثاني : أنه بين الصلاة وأنها المتضمنة للركوع والسجود لا مطلق الدعاء .
الثالث : أنه عرف وقت الصلاة فيه ، وهو عقب الطواف ، وغيره من الأوقات مأخوذ من دليل آخر .
الرابع : أنه أوضح أن ركعتي الطواف واجبتان ، فمن تركهما فعليه دم .


