الآية التاسعة والعشرون قوله تعالى : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون }
استدل بها علماؤنا على على الجملة . وجوب تبليغ الحق وبيان العلم
وللآية تحقيق هو أن العالم إذا قصد الكتمان عصى ، وإذا لم يقصده لم يلزمه التبليغ إذا عرف أن معه غيره .
قال رضي الله عنه : لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب الله عز وجل ما حدثتكموه : [ ص: 73 ] قال عثمان عروة : الآية { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب }
قال : إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ، والله لولا آية في كتاب الله ما حدثت شيئا ، ثم تلا هذه الآية ، وكان أبو هريرة أبو بكر رضي الله عنهما لا يحدثان بكل ما سمعا من النبي صلى الله عليه وسلم إلا عند الحاجة إليه . وعمر
وكان أقلهم حديثا مخافة أن يواقع الكذب ; ولكنهم رأوا أن العلم عم جميعهم فسيبلغ واحد إن ترك آخر . الزبير
فإن قيل : فالتبليغ فضيلة أو فرض ، فإن كان فرضا فكيف قصر فيه هؤلاء الجلة ، كأبي بكر ، وعمر ، وأمثالهم ، وإن كان فضيلة فلم قعدوا عنها ؟ فالجواب : أن من سئل فقد وجب عليه التبليغ لهذه الآية ; ولما روى والزبير أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وعمرو بن العاص } وأما من لم يسأل فلا يلزمه التبليغ إلا في القرآن وحده . من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار
وقد قال : إن حديث سحنون أبي هريرة وعمرو هذا إنما جاء في الشهادة .
[ ص: 74 ] والصحيح عندي ما أشرنا إليه من أنه إن كان هناك من يبلغ اكتفي به ، وإن تعين عليه لزمه ، وسكت الخلفاء عن الإشارة بالتبليغ ; لأنهم كانوا في المنصب من يرد ما يسمع أو يمضيه مع علمهم بعموم التبليغ فيه ، حتى إن كره كثرة التبليغ ، وسجن من كان يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ; وقد بينا تحقيقه في شرح الحديث الصحيح . عمر
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضيلة التبليغ أنه قال : { } . والله أعلم . نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها