الآية الثانية والعشرون قوله تعالى : { فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم    } . فيها سبع مسائل :  [ ص: 517 ] 
المسألة الأولى : معنى الإحصان  هاهنا مما اختلف فيه ; فقال قوم : هو الإسلام ; قائله  ابن مسعود  والشعبي  والزهري  وغيرهم . وقال آخرون : أحصن : تزوجن ; قاله  ابن عباس   وسعيد بن جبير    . وقال  مجاهد    : هو أن يتزوج العبد حرة والأمة حرا ، ويروى عن  ابن عباس    . وقال  الشافعي    : تحد الكافرة على الزنا  ، ولا يشترط الإسلام ولا النكاح . وقرئ أحصن بفتح الهمزة وأحصن بضمها ، فمن قرأ بالفتح قال معناه : أسلمن ، والإسلام أحد معاني الإحصان . ومن قرأ أحصن بالضم قال معناه : زوجن . 
وقد يحتمل أن يكون أحصن بفتح الهمزة زوجن ، فيضاف الفعل إليهن لما وجد بهن . وقد يحتمل أن يكون أحصن بضم الهمزة : أسلمن : معناه منعن بالإسلام من أحكام الكفر . والظاهر في الإطلاق هو الأول . ومن شرط نكاح الحر والحرة لا معنى له ولا دليل عليه . والإحصان هو الإسلام من غير شك ; لأنه أول درجات الإحصان ، فلا ينزل عنه إلا بدليل ، ويكون تقدير الآية : ومن لم يستطع أن ينكح الحرائر المؤمنات فلينكح المملوكات المؤمنات ، فإذا أسلمن فعليهن نصف ما على الحرائر من الحد . ولا يتنصف الرجم ، فليسقط اعتباره . ويكون المراد ما يتشطر وهو الجلد ، وعلى قول الآخرين يكون التقدير : فإذا تزوجن فعليهن نصف ما على الأبكار من العذاب ، وهو الجلد . ونحن أسد تأويلا لوجهين : أحدهما : أن قوله : المؤمنات ، يقتضي الإسلام . فقوله : { فإذا أحصن    } يجب أن يحمل على فائدة مجردة . 
الثاني : أن المسلمة داخلة تحت قوله : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة    } ، فتناولها عموم هذا الخطاب . فإن قيل : فخذوا الكافر بهذا العموم .  [ ص: 518 ] قلنا : الكافر له عهد ألا نعترض عليه . فإن قيل : فالرقيق لا عهد له . قلنا : الرق عهد إذا ضرب عليه لم يكن بعده سبيل إليه إلا بطريق التأديب والمصلحة لتظاهره بالفاحشة إن أظهرها . 
				
						
						
