المسألة الثانية : روى الأئمة بأجمعهم عن  أبي هريرة  ، وزيد بن خالد الجهني    { أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن    . قال : إن زنت فاجلدوها ثلاثا ثم بيعوها ولو بضفير   } . قال ابن شهاب    : لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة . وروى  مسلم  وأبو داود   والنسائي  عن  علي بن أبي طالب    : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم من أحصن منهم ومن لم يحصن   } . وهذا نص عموم في جلد من تزوج ومن لم يتزوج . 
المسألة الثالثة : قال  مالك   والشافعي    : يقيم السيد الحد على مملوكه دون رأي الإمام    . وقال  أبو حنيفة    : لا يقيمه إلا نائب الله وهو الإمام ; لأنه حق الله تعالى . ودليلنا قوله تعالى : { فعليهن نصف ما على المحصنات    } ولم يعين من يقيمه ; فبينه النبي صلى الله عليه وسلم وجعل ذلك إلى السادات ، وهم نواب الله في ذلك ، كما ينوب آحاد الناس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فإن قيل : وكيف يتفق للسيد أن يقيم حد الزنا ; أيقيمه بعلمه أم بالشهود فيتصدى منصب قاض وتؤدى عنده الشهادة ؟  [ ص: 519 ] قلنا : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها   } . وهو حديث صحيح عند الأئمة . 
والزنا يتبين بالشهادة ، وذلك يكون عند الحاكم ; أو بالحمل ، ولا يحتاج فيه السيد إلى الإمام ، ولكنه يقيمه عليها بما ظهر من حملها إذا وضعته وفصلت من نفاسها ; لقول  علي  في الصحيح : { إن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فأمرني أن أجلدها الحد ، فوجدتها حديثة عهد بنفاس ، فخفت إن أنا جلدتها أن أقتلها فتركتها فأخبرته . فقال : أحسنت   } . ولهذا خاطب السادات بذكر الإماء اللاتي يتبين زناهن بالحمل  ، وسكت عن العبيد الذين لا يظهر زناهم إلا بالشهادة    . 
				
						
						
