الآية الخامسة والثلاثون : 
قوله تعالى : { ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما  [ ص: 579 ] فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا     } . 
فيها مسألتان : المسألة الأولى : روي أنه { تفاخر  ثابت بن قيس بن شماس  ويهودي ، فقال اليهودي : والله ، لقد كتب الله علينا أن نقتل أنفسنا . فقال ثابت    : والله لو كتب الله سبحانه علينا لفعلنا . قال  أبو إسحاق السبيعي    : قال رجل من الصحابة لو أمرنا لفعلنا ، والحمد لله الذي عافانا . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي   } . قال  ابن وهب    : قال  مالك    : القائل ذلك  أبو بكر الصديق    . 
المسألة الثانية : حرف " لو " تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره ، فأخبر الله سبحانه أنه لم يكتب ذلك علينا لعلمه بأن الأكثر ما كان يمتثل ذلك فتركه رفقا بنا ; لئلا تظهر معصيتنا ، فكم من أمر قصرنا عنه مع خفته ، فكيف بهذا الأمر مع ثقله ؟ أما والله لقد ترك المهاجرون  مساكنهم خاوية وخرجوا يطلبون بها عيشة راضية ، والحمد لله . 
				
						
						
