وفيها مسألة بديعة ; وهي : [ ص: 17 ] المسألة الثامنة عشرة : [ مسألة بديعة ، تثنية الاستثناء في الجملة الواحدة ] : وهي وهي ترد على قسمين : أحدهما : أن يتكرر ، ويكون الثاني من الأول ، كقوله تعالى : { تثنية الاستثناء في الجملة الواحدة إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته } .
الثاني : أن يكون جميعا من الأول ، كقوله هاهنا : إلا ما يتلى عليكم إلا الصيد وأنتم محرمون ، فقوله : { إلا ما يتلى عليكم } استثناء من بهيمة الأنعام على أحد القولين وأظهرهما ، وقوله : إلا الصيد استثناء آخر أيضا معه .
وقد مهدنا ذلك في كتاب ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين "
المسألة التاسعة عشرة : في تمثيل لهذا التقدير من حديث النبي صلى الله عليه وسلم : وذلك ما روي { قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بين أبا قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري مكة والمدينة وهم محرمون وأنا حل على فرس لي ، فكنت أرقى على الجبال ، فبينما أنا كذلك إذ رأيت الناس مشرفين لشيء ، فذهبت لأنظر ، فإذا هو حمار وحشي ، فقلت لهم : ما هذا ؟ فقالوا : لا ندري . فقلت : هو حمار وحشي . قالوا : هو ما رأيت . وكنت نسيت سوطي . فقلت لهم : ناولوني سوطي . فقالوا : لا نعينك عليه ، فنزلت وأخذته ثم صرت في أثره ، فلم يكن إلا ذاك حتى عقرته ; فأتيت إليهم فقلت : قوموا فاحتملوا . فقالوا : لا نمسه ، فحملته حتى جئتهم به ، فأبى بعضهم ، وأكل بعضهم . قلت : أنا أستوقف لكم النبي صلى الله عليه وسلم فأدركته ، فحدثته الحديث ، فقال لي : أبقي معكم منه شيء ؟ قلت : نعم . قال : فكلوا فهو طعمة أطعمكموها الله } أن
. فأحل لهم الحمر مطلقا إلا ما يتلى عليهم ، إلا ما صادوه وهم محرمون منها ; وما صاده غيرهم فهو حلال لهم ، فإنما حرم عليهم منه ما وقع إليهم بصيدهم ، إلى تفصيل يأتي بيانه إذا صيد لهم ، فإن حرم فإنما هو بدليل آخر غير هذه الآية .