الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
485 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=34657ما من ثلاثة لا يؤذنون ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) .
الحديث أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال : صحيح الإسناد ولكن لفظ أبي داود : { nindex.php?page=hadith&LINKID=34657ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية } .
والحديث استدل به على nindex.php?page=treesubj&link=1462_22675وجوب الأذان والإقامة لأن الترك الذي هو نوع من استحواذ الشيطان يجب تجنبه . وإلى وجوبهما ذهب أكثر العترة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك والإصطخري كذا في البحر nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد [ ص: 39 ] والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود كذا في شرح الترمذي ، وقد حكى الماوردي عنهم تفصيلا في ذلك فحكى عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن الأذان والإقامة واجبان معا لا ينوب أحدهما عن الآخر فإن تركهما أو أحدهما فسدت صلاته
وقال الأوزاعي : يعيد إن كان وقت الصلاة باقيا ، وإلا لم يعد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : الإقامة واجبة دون الأذان فإن تركها لعذر أجزأه ولغير عذر قضى .
وفي البحر أن القائل بوجوب الإقامة دون الأذان الأوزاعي وروي عن أبي طالب أن الأذان واجب دون الإقامة .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة أنهما سنة . واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على ثلاثة أقوال ، الأول : أنهما سنة .
الثاني : فرض كفاية .
الثالث : سنة في غير الجمعة وفرض كفاية فيها وروى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه أنهما سنة مؤكدة واجبة على الكفاية . وقال آخرون : الأذان فرض على الكفاية
ومن أدلة الموجبين للأذان قوله في حديث مالك بن الحويرث الآتي . { nindex.php?page=hadith&LINKID=3581فليؤذن لكم أحدكم } .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9876فأذنا ثم أقيما } . ومنها حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المتفق عليه بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1997أمر nindex.php?page=showalam&ids=115بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة } والآمر له النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي . ومنها ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد الآتي من قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=24696إنها لرؤيا حق إن شاء الله ثم أمر بالتأذين } . وما سيأتي من قوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=61لعثمان بن أبي العاص : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13085اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا } .
ومنها حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11613إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أغزى بنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم } ومنها طول الملازمة من أول الهجرة إلى الموت لم يثبت أنه ترك ذلك في سفر ولا حضر إلا يوم المزدلفة ، فقد صحح كثير من الأئمة أنه لم يؤذن فيها وإنما أقام
على أنه قد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود { nindex.php?page=hadith&LINKID=72504أنه صلى الله عليه وسلم صلاها في جمع بأذانين وإقامتين } وبهذا الترك على ما فيه من الخلاف احتج من قال بعدم الوجوب ، وخص بعض القائلين بالوجوب الرجال بوجوبهما ولم يوجبهما على النساء استدلالا بحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33861ليس على النساء أذان ولا إقامة } عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بإسناد صحيح إلا أنه قال ابن الجوزي : لا يعرف مرفوعا . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وابن عدي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء مرفوعا ، وفي إسناده الحكم بن عبد الله الأيلي وفيه ضعف جدا . وبحديث { النساء عي وعورات فاستروا عيهن بالسكوت وعوراتهن بالبيوت } .
486 - ( وعن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=3581إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم } . متفق عليه ) .
قوله : ( أحدكم ) يدل على أنه nindex.php?page=treesubj&link=1727_22689لا يعتبر السن والفضل في الأذان كما يعتبر في إمامة [ ص: 40 ] الصلاة . وقد استدل بهذا من قال : nindex.php?page=treesubj&link=24995_22682بأفضلية الإمامة على الأذان لأن كون الأشرف أحق بها مشعر بمزيد شرف لها .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري . { nindex.php?page=hadith&LINKID=39453فإذا أنتما خرجتما فأذنا } . ولا تعارض بينه وبين ما في حديث الباب لأن المراد بقوله : " أذنا " أي من أحب منكما أن يؤذن فليؤذن وذلك لاستوائهما في الفضل . والحديث استدل به من قال : بوجوب الأذان لما فيه من صيغة الأمر وقد تقدم الخلاف في ذلك .
487 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=98978إن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ) . وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير بألفاظ مختلفة
قوله : ( أطول الناس أعناقا ) هو بفتح الهمزة جمع عنق . واختلف السلف والخلف في معناه فقيل : معناه أكثر الناس تشوفا إلى رحمة الله لأن المتشوف يطيل عنقه لما يتطلع إليه فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل : إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق . وقيل : معناه أنهم سادة ورؤساء ، والعرب تصف السادة بطول العنق . وقيل : معناه أكثر أتباعا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : أكثر الناس أعمالا ، قال القاضي عياض وغيره : وروى بعضهم إعناقا بكسر الهمزة أي إسراعا إلى الجنة وهو من سير العنق ، قال ابن أبي داود : سمعت أبي يقول : معناه أن الناس يعطشون يوم القيامة فإذا عطش الإنسان انطوت عنقه ، والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة
وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=72570يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة . } زاد السراج " لقولهم : لا إله إلا الله " وظاهره الطول الحقيقي فلا يجوز المصير إلى التفسير بغيره إلا لملجئ . والحديث يدل على nindex.php?page=treesubj&link=24995_22682فضيلة الأذان وأن صاحبه يوم القيامة يمتاز عن غيره ولكن إذا كان فاعله غير متخذ أجرا عليه ، وإلا كان فعله لذلك من طلب الدنيا والسعي للمعاش ، وليس من أعمال الآخرة . وقد استدل بهذا الحديث من قال : إن الأذان أفضل من الإمامة ، وهو نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم وقول أكثر أصحابه .
وذهب بعض أصحابه إلى أن الإمامة أفضل ، وهو نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا قاله النووي ، وبعضهم ذهب إلى أنهما سواء ، وبعضهم إلى أنه إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة وجمع خصالها فهي أفضل ، وإلا فالأذان قاله أبو علي وأبو القاسم بن كج والمسعودي والقاضي حسين من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي
واختلف في nindex.php?page=treesubj&link=27144_24995_22682الجمع بين الأذان والإمامة فقال جماعة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إنه يستحب أن لا يفعله ، وقال بعضهم : يكره ، وقال محققوهم وأكثرهم : لا بأس به بل يستحب . قال النووي [ ص: 41 ] وهذا أصح ، وفي nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي مرفوعا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر النهي عن ذلك ، قال الحافظ : لكن سنده ضعيف .
488 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13847الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ورواه أبو داود والترمذي ) . الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12357إبراهيم بن أبي يحيى nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة كلهم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وأخرجه من ذكر المصنف عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وروي أيضا عن أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قال أبو زرعة : حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أصح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . وقال محمد عكسه ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني أنه لم يثبت واحد منهما .
وقال أيضا : لم يسمع nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل هذا الحديث من أبيه إنما سمعه من nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ولم يسمعه nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش من أبي صالح بيقين لأنه يقول فيه نبئت عن أبي صالح ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في المعرفة وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في العلل : رواه سليمان nindex.php?page=showalam&ids=15899وروح بن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=16769ومحمد بن جعفر وغيرهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، قال : وقال أبو بدر عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : حديث عن أبي صالح ، وقال ابن فضيل : عنه عن رجل عن أبي صالح ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : لم يسمع nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش هذا الحديث من أبي صالح ، وصحح حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة جميعا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان وقال : قد سمع أبو صالح هذين الخبرين من nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة جميعا ، وقال ابن عبد الهادي : أخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هذا الإسناد يعني nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيلا عن أبيه نحوا من أربعة عشر حديثا .
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أخرجه أبو العباس السراج وصححه الضياء في المختارة .
وعن أبي أمامة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عند ابن الجوزي في العلل ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وزاد فيه بذلك الإسناد ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=26323قالوا : يا رسول الله لقد تركتنا نتنافس في الأذان بعدك ، فقال : إنه يكون بعدكم قوم سفلتهم مؤذنهم } قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : هذه الزيادة ليست محفوظة وأشار ابن القطان إلى أن nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار وهو المتفرد بها قال الحافظ : وليس كذلك فقد جزم ابن عدي بأنها من أفراد nindex.php?page=showalam&ids=9أبي حمزة وكذا قال الخليلي nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من غير طريق nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار فبرئ من عهدتها .
وأخرجها ابن عدي في ترجمة عيسى بن عبد الله عن يحيى بن عيسى الرملي عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، واتهم بها عيسى وقال : إنما تعرف هذه الزيادة nindex.php?page=showalam&ids=9بأبي حمزة قال ابن القطان nindex.php?page=showalam&ids=9 : أبو حمزة ثقة ولا عيب للإسناد إلا ما ذكر من الانقطاع ، ويجاب عنه بأن الواسطة قد عرفت وهو nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش كما تقدم ، فلا يضر هذا الانقطاع ولا تعد علة ، وأما الانقطاع الثاني بين nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وأبي صالح الذي تقدم فيه قوله عن [ ص: 42 ] رجل فيجاب عنه بأن nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير قد قال عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن أبي صالح ولا أراني إلا قد سمعته منه . وقال إبراهيم بن حميد الرؤاسي : قال nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : وقد سمعته من أبي صالح .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : حدثنا أبو صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني فبينت هذه الطرق أن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش سمعه عن غير أبي صالح ثم سمعه منه . قال اليعمري : والكل صحيح والحديث متصل .
قوله : ( الإمام ضامن ) الضمان في اللغة الكفالة والحفظ والرعاية والمراد أنهم ضمناء على الإسرار بالقراءة والأذكار حكي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم . وقيل : المراد ضمان الدعاء أن يعم القوم به ولا يخص نفسه . وقيل : لأنه يتحمل القيام والقراءة عن المسبوق .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معناه أنه يحفظ على القوم صلاتهم وليس من الضمان الموجب للغرامة
قوله : ( والمؤذن مؤتمن ) قيل : المراد أنه أمين على مواقيت الصلاة . وقيل : أمين على حرم الناس لأنه يشرف على المواضع العالية . والحديث استدل به على فضيلة الأذان وعلى أنه أفضل من الإمامة لأن الأمين أرفع حالا من الضمين ، وقد تقدم الخلاف في ذلك ، ويؤيد قول من قال : إن الإمامة أفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده أموا ولم يؤذنوا وكذا كبار العلماء بعدهم .