[ ص: 84 ] قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين  
قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم   قيل : هو افتتاح كلام ، كما تقول : أصلحك الله وأعزك ورحمك كان كذا وكذا . وعلى هذا التأويل يحسن الوقف على قوله : عفا الله عنك  ، حكاه مكي  والمهدوي  والنحاس    . وأخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقا . وقيل : المعنى عفا الله عنك ما كان من ذنبك في أن أذنت لهم ، فلا يحسن الوقف على قوله : عفا الله عنك  على هذا التقدير ، حكاه المهدوي  واختاره النحاس    . ثم قيل : في الإذن قولان : الأول : لم أذنت لهم  في الخروج معك ، وفي خروجهم بلا عدة ونية صادقة فساد . الثاني : - لم أذنت لهم  في القعود لما اعتلوا بأعذار ، ذكرها القشيري  قال : وهذا عتاب تلطف إذ قال : عفا الله عنك    . وكان عليه السلام أذن من غير وحي نزل فيه . قال قتادة  وعمرو بن ميمون    : ثنتان فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمر بهما : إذنه لطائفة من المنافقين في التخلف عنه ولم يكن له أن يمضي شيئا إلا بوحي ، وأخذه من الأسارى الفدية فعاتبه الله كما تسمعون   . قال بعض العلماء : إنما بدر منه ترك الأولى فقدم الله العفو على الخطاب الذي هو في صورة العتاب . 
قوله تعالى حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين  أي ليتبين لك من صدق ممن نافق . قال ابن عباس    : وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يومئذ يعرف المنافقين وإنما عرفهم بعد نزول سورة ( التوبة ) . وقال مجاهد    : هؤلاء قوم قالوا : نستأذن في الجلوس فإن أذن لنا جلسنا وإن لم يؤذن لنا جلسنا . وقال قتادة    : نسخ هذه الآية بقوله في سورة " النور " : فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم    . ذكره النحاس  في معاني القرآن له . 
				
						
						
