قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=29أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم .
nindex.php?page=treesubj&link=29018قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=29أم حسب الذين في قلوبهم مرض نفاق وشك ، يعني المنافقين .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=29أن لن يخرج الله أضغانهم الأضغان : ما يضمر من المكروه . واختلف في معناه ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
[ ص: 230 ] غشهم . وقال
ابن عباس : حسدهم . وقال
قطرب : عداوتهم ، وأنشد قول الشاعر :
قل لابن هند ما أردت بمنطق ساء الصديق وشيد الأضغانا
وقيل : أحقادهم . واحدها ضغن . قال :
وذي ضغن كففت النفس عنه
وقد تقدم . وقال
عمرو بن كلثوم :
وإن الضغن بعد الضغن يفشو عليك ويخرج الداء الدفينا
قال
الجوهري : الضغن والضغينة : الحقد . وقد ضغن عليه ( بالكسر ) ضغنا . وتضاغن القوم واضطغنوا : أبطنوا على الأحقاد . واضطغنت الصبي إذا أخذته تحت حضنك . وأنشد
الأحمر :
كأنه مضطغن صبيا
أي : حامله في حجره . وقال
ابن مقبل :
إذا اضطغنت سلاحي عند مغرضها ومرفق كرئاس السيف إذ شسفا
وفرس ضاغن : لا يعطي ما عنده من الجري إلا بالضرب . والمعنى : أم حسبوا أن لن يظهر الله عداوتهم وحقدهم لأهل الإسلام .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولو نشاء لأريناكهم أي لعرفناكهم . قال
ابن عباس : وقد عرفه إياهم في سورة ( التوبة ) تقول العرب : سأريك ما أصنع ، أي : سأعلمك ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105بما أراك الله أي : بما أعلمك .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30فلعرفتهم بسيماهم أي بعلاماتهم .
قال أنس ما خفي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية أحد من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم . وقد كنا في غزاة وفيها سبعة من المنافقين يشك فيهم الناس ، فأصبحوا ذات ليلة وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب ( هذا منافق ) فذلك سيماهم . وقال
ابن زيد : قدر الله إظهارهم وأمر أن يخرجوا من المسجد فأبوا إلا أن يتمسكوا بلا إله إلا الله ، فحقنت دماؤهم ونكحوا وأنكحوا بها .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول أي في فحواه ومعناه . ومنه قول الشاعر :
وخير الكلام ما كان لحنا
أي : ما عرف بالمعنى ولم يصرح به . مأخوذ من اللحن في الإعراب ، وهو الذهاب عن الصواب ، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831182إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من [ ص: 231 ] بعض أي : أذهب بها في الجواب لقوته على تصريف الكلام .
أبو زيد : لحنت له ( بالفتح ) ألحن لحنا إذا قلت له قولا يفهمه عنك ويخفى على غيره . ولحنه هو عني ( بالكسر ) يلحنه لحنا أي : فهمه . وألحنته أنا إياه ، ولاحنت الناس فاطنتهم ، قال
الفزاري :
وحديث ألذه هو مما ينعت الناعتون يوزن وزنا
منطق رائع وتلحن أحيا نا وخير الحديث ما كان لحنا
يريد أنها تتكلم بشيء وهي تريد غيره ، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من فطنتها وذكائها . وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول وقال
القتال الكلابي :
ولقد وحيت لكم لكيما تفهموا ولحنت لحنا ليس بالمرتاب
وقال
مرار الأسدي :
ولحنت لحنا فيه غش ورابني صدودك ترضين الوشاة الأعاديا
قال
الكلبي : فلم يتكلم بعد نزولها عند النبي - صلى الله عليه وسلم - منافق إلا عرفه . وقيل :
كان المنافقون يخاطبون النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلام تواضعوه فيما بينهم ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع ذلك ويأخذ بالظاهر المعتاد ، فنبهه الله تعالى عليه ، فكان بعد هذا يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم . قال
أنس : فلم يخف منافق بعد هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، عرفه الله ذلك بوحي أو علامة عرفها بتعريف الله إياه .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30والله يعلم أعمالكم أي لا يخفى عليه شيء منها .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=29أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=29018قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=29أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ نِفَاقٌ وَشَكٌّ ، يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=29أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ الْأَضْغَانُ : مَا يُضْمَرُ مِنَ الْمَكْرُوهِ . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ :
[ ص: 230 ] غِشَّهُمْ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : حَسَدَهُمْ . وَقَالَ
قُطْرُبٌ : عَدَاوَتَهُمْ ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
قُلْ لِابْنِ هِنْدٍ مَا أَرَدْتُ بِمَنْطِقٍ سَاءَ الصَّدِيقَ وَشَيَّدَ الْأَضْغَانَا
وَقِيلَ : أَحْقَادُهُمْ . وَاحِدُهَا ضِغْنٌ . قَالَ :
وَذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْهُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَقَالَ
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ :
وَإِنَّ الضِّغْنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَفْشُو عَلَيْكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينَا
قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : الضِّغْنُ وَالضَّغِينَةُ : الْحِقْدُ . وَقَدْ ضَغِنَ عَلَيْهِ ( بِالْكَسْرِ ) ضِغْنًا . وَتَضَاغَنَ الْقَوْمُ وَاضْطَغَنُوا : أَبْطَنُوا عَلَى الْأَحْقَادِ . وَاضْطَغَنْتَ الصَّبِيَّ إِذَا أَخَذْتَهُ تَحْتَ حِضْنِكَ . وَأَنْشَدَ
الْأَحْمَرُ :
كَأَنَّهُ مُضْطَغِنٌ صَبِيًّا
أَيْ : حَامِلُهُ فِي حِجْرِهِ . وَقَالَ
ابْنُ مُقْبِلٍ :
إِذَا اضْطَغَنْتُ سِلَاحِي عِنْدَ مَغْرِضِهَا وَمِرْفَقٍ كَرِئَاسِ السَّيْفِ إِذْ شَسَفَا
وَفَرَسٌ ضَاغِنٌ : لَا يُعْطِي مَا عِنْدَهُ مِنَ الْجَرْيِ إِلَّا بِالضَّرْبِ . وَالْمَعْنَى : أَمْ حَسِبُوا أَنْ لَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ عَدَاوَتَهُمْ وَحِقْدَهُمْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ أَيْ لَعَرَّفْنَاكَهُمْ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : وَقَدْ عَرَّفَهُ إِيَّاهُمْ فِي سُورَةِ ( التَّوْبَةِ ) تَقُولُ الْعَرَبُ : سَأُرِيكَ مَا أَصْنَعُ ، أَيْ : سَأُعْلِمُكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ أَيْ : بِمَا أَعْلَمَكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ أَيْ بِعَلَامَاتِهِمْ .
قَالَ أَنَسٌ مَا خَفِيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ أَحَدٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، كَانَ يَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ . وَقَدْ كُنَّا فِي غَزَاةٍ وَفِيهَا سَبْعَةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَشُكُّ فِيهِمُ النَّاسُ ، فَأَصْبَحُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ وَعَلَى جَبْهَةِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَكْتُوبٌ ( هَذَا مُنَافِقٌ ) فَذَلِكَ سِيمَاهُمْ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : قَدَّرَ اللَّهُ إِظْهَارَهُمْ وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِلَا إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ ، فَحُقِنَتْ دِمَاؤُهُمْ وَنَكَحُوا وَأُنْكِحُوا بِهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ أَيْ فِي فَحْوَاهُ وَمَعْنَاهُ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَخَيْرُ الْكَلَامِ مَا كَانَ لَحْنًا
أَيْ : مَا عُرِفَ بِالْمَعْنَى وَلَمْ يُصَرَّحْ بِهِ . مَأْخُوذٌ مِنَ اللَّحْنِ فِي الْإِعْرَابِ ، وَهُوَ الذَّهَابُ عَنِ الصَّوَابِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831182إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ [ ص: 231 ] بَعْضٍ أَيْ : أَذْهَبُ بِهَا فِي الْجَوَابِ لِقُوَّتِهِ عَلَى تَصْرِيفِ الْكَلَامِ .
أَبُو زَيْدٍ : لَحَنْتُ لَهُ ( بِالْفَتْحِ ) أَلْحَنُ لَحْنًا إِذَا قُلْتَ لَهُ قَوْلًا يَفْهَمُهُ عَنْكَ وَيَخْفَى عَلَى غَيْرِهِ . وَلَحِنَهُ هُوَ عَنِّي ( بِالْكَسْرِ ) يَلْحَنُهُ لَحْنًا أَيْ : فَهِمَهُ . وَأَلْحَنْتُهُ أَنَا إِيَّاهُ ، وَلَاحَنْتُ النَّاسَ فَاطَنْتُهُمْ ، قَالَ
الْفَزَارِيُّ :
وَحَدِيثٍ أَلَذُّهُ هُوَ مِمَّا يَنْعَتُ النَّاعِتُونَ يُوزَنُ وَزْنَا
مَنْطِقٌ رَائِعٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَا نًا وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْنًا
يُرِيدُ أَنَّهَا تَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ وَهِيَ تُرِيدُ غَيْرَهُ ، وَتُعَرِّضُ فِي حَدِيثِهَا فَتُزِيلُهُ عَنْ جِهَتِهِ مِنْ فِطْنَتِهَا وَذَكَائِهَا . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَقَالَ
الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ :
وَلَقَدْ وَحَيْتُ لَكُمْ لِكَيْمَا تَفْهَمُوا وَلَحَنْتُ لَحْنًا لَيْسَ بِالْمُرْتَابِ
وَقَالَ
مَرَّارٌ الْأَسَدِيُّ :
وَلَحَنْتُ لَحْنًا فِيهِ غِشٌّ وَرَابَنِي صُدُودُكِ تُرْضِينَ الْوُشَاةَ الْأَعَادِيَا
قَالَ
الْكَلْبِيُّ : فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بَعْدَ نُزُولِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَافِقٌ إِلَّا عَرَفَهُ . وَقِيلَ :
كَانَ الْمُنَافِقُونَ يُخَاطِبُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَلَامٍ تَوَاضَعُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ بِالظَّاهِرِ الْمُعْتَادِ ، فَنَبَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ ، فَكَانَ بَعْدَ هَذَا يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ إِذَا سَمِعَ كَلَامَهُمْ . قَالَ
أَنَسٌ : فَلَمْ يَخْفَ مُنَافِقٌ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، عَرَّفَهُ اللَّهُ ذَلِكَ بِوَحْيٍ أَوْ عَلَامَةٍ عَرَفَهَا بِتَعْرِيفِ اللَّهِ إِيَّاهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ أَيْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا .