nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فيها تسع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا استدل بعض علماء الشافعية بهذه الآية على أن المحصر في أول الآية العدو لا المرض ، وهذا لا يلزم ، فإن معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فحلق ففدية أي فعليه فدية ، وإذا كان واردا في المرض بلا خلاف كان الظاهر أن أول الآية ورد فيمن ورد فيه وسطها وآخرها ، لاتساق الكلام بعضه على بعض ، وانتظام بعضه ببعض ، ورجوع الإضمار في آخر الآية إلى من خوطب في أولها ، فيجب حمل ذلك على ظاهره حتى يدل الدليل على العدول عنه ، ومما يدل على ما قلناه سبب نزول هذه الآية ، روى الأئمة واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني : ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة nindex.php?page=hadith&LINKID=860951أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 357 ] رآه وقمله يتساقط على وجهه فقال : أيؤذيك هوامك قال نعم . فأمره أن يحلق وهو بالحديبية ، ولم يبين لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة ، فأنزل الله الفدية ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقا بين ستة مساكين ، أو يهدي شاة ، أو يصوم ثلاثة أيام ) . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا اللفظ أيضا ، فقوله : ولم يبين لهم أنهم يحلون بها ، يدل على أنهم ما كانوا على يقين من حصر العدو لهم ، فإذا الموجب للفدية الحلق للأذى والمرض ، والله أعلم .
الثانية : قال
الأوزاعي في
nindex.php?page=treesubj&link=3787المحرم يصيبه أذى في رأسه : إنه يجزيه أن يكفر بالفدية قبل الحلق .
قلت : فعلى هذا يكون المعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك إن أراد أن يحلق ، ومن قدر فحلق ففدية ، فلا يفتدي حتى يحلق ، والله أعلم .
الثالثة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : كل من ذكر النسك في هذا الحديث مفسرا فإنما ذكره بشاة ، وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء ، وأما الصوم والإطعام فاختلفوا فيه ، فجمهور فقهاء المسلمين على أن الصوم ثلاثة أيام ، وهو محفوظ صحيح في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة . وجاء عن
الحسن وعكرمة ونافع قالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=3777_3787الصوم في فدية الأذى عشرة أيام ، والإطعام عشرة مساكين ، ولم يقل أحد بهذا من فقهاء الأمصار ولا أئمة الحديث ، وقد جاء من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
مجاهد عن
عبد الرحمن عن
nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة أنه حدثه
nindex.php?page=hadith&LINKID=860952أنه كان أهل في ذي القعدة ، وأنه قمل رأسه فأتى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوقد تحت قدر له ، فقال له : كأنك يؤذيك هوام رأسك ، فقال أجل . قال : احلق واهد هديا ، فقال : ما أجد هديا . قال : فأطعم ستة مساكين ، فقال : ما أجد . قال : صم ثلاثة أيام . قال
أبو عمر : كان ظاهر هذا الحديث على الترتيب وليس كذلك ، ولو صح هذا كان معناه الاختيار أولا فأولا ، وعامة الآثار عن
nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة [ ص: 358 ] وردت بلفظ التخيير ، وهو نص القرآن ، وعليه مضى عمل العلماء في كل الأمصار وفتواهم ، وبالله التوفيق .
الرابعة : اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=3787الإطعام في فدية الأذى ، فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابهم : الإطعام في ذلك مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور وداود ، وروي عن
الثوري أنه قال في الفدية : من البر نصف صاع ، ومن التمر والشعير والزبيب صاع . وروي عن
أبي حنيفة أيضا مثله ، جعل نصف صاع بر عدل صاع تمر . قال
ابن المنذر : وهذا غلط ; لأن في بعض أخبار
كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860953أن تصدق بثلاثة أصوع من تمر على ستة مساكين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل مرة كما قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، ومرة قال : إن أطعم برا فمد لكل مسكين ، وإن أطعم تمرا فنصف صاع .
الخامسة : ولا يجزي أن يغدي المساكين ويعشيهم في كفارة الأذى حتى يعطي كل مسكين مدين بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ومحمد بن الحسن ، وقال
أبو يوسف : يجزيه أن يغديهم ويعشيهم .
السادسة : أجمع أهل العلم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=3438المحرم ممنوع من حلق شعره وجزه وإتلافه بحلق أو نورة أو غير ذلك إلا في حالة العلة كما نص على ذلك القرآن ، وأجمعوا على وجوب الفدية على من
nindex.php?page=treesubj&link=3473حلق وهو محرم بغير علة ، واختلفوا فيما على من فعل ذلك ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=3473لبس أو تطيب بغير عذر عامدا ، فقال
مالك : بئس ما فعل ! وعليه الفدية ، وهو مخير فيها ، وسواء عنده العمد في ذلك والخطأ ، لضرورة وغير ضرورة ، وقال
أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابهما
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : ليس بمخير إلا في الضرورة ; لأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=3473حلق رأسه عامدا أو لبس عامدا لغير عذر فليس بمخير وعليه دم لا غير .
السابعة : واختلفوا فيمن فعل ذلك ناسيا ، فقال
مالك رحمه الله : العامد والناسي في ذلك سواء في وجوب الفدية ، وهو قول
أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي في هذه المسألة قولان : أحدهما : لا فدية عليه ، وهو قول
داود وإسحاق ، والثاني : عليه الفدية ، وأكثر العلماء يوجبون
nindex.php?page=treesubj&link=3434_3435_3787الفدية على المحرم بلبس المخيط وتغطية الرأس أو بعضه ، ولبس الخفين وتقليم الأظافر ومس الطيب وإماطة الأذى ، وكذلك إذا حلق شعر جسده أو اطلى ، أو حلق مواضع المحاجم ، والمرأة كالرجل في ذلك ، وعليها الفدية في الكحل وإن لم يكن فيه طيب . وللرجل
[ ص: 359 ] أن يكتحل بما لا طيب فيه ،
nindex.php?page=treesubj&link=3787_3469_23401وعلى المرأة الفدية إذا غطت وجهها أو لبست القفازين ، والعمد والسهو والجهل في ذلك سواء ، وبعضهم يجعل عليهما دما في كل شيء من ذلك . وقال
داود : لا شيء عليهما في حلق شعر الجسد .
الثامنة : واختلف العلماء في مواضع الفدية المذكورة ، فقال
عطاء : ما كان من دم
فبمكة ، وما كان من طعام أو صيام فحيث شاء ، وبنحو ذلك قال أصحاب الرأي ، وعن
الحسن أن
nindex.php?page=treesubj&link=3828الدم بمكة ، وقال
طاوس nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي :
nindex.php?page=treesubj&link=3829الإطعام والدم لا يكونان إلا
بمكة ، والصوم حيث شاء ; لأن الصيام لا منفعة فيه
لأهل الحرم ، وقد قال الله سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هديا بالغ الكعبة رفقا لمساكين جيران بيته ، فالإطعام فيه منفعة بخلاف الصيام ، والله أعلم ، وقال
مالك : يفعل ذلك أين شاء ، وهو الصحيح من القول ، وهو قول
مجاهد ، والذبح هنا عند
مالك نسك وليس بهدي لنص القرآن والسنة ، والنسك يكون حيث شاء ، والهدي لا يكون إلا
بمكة ، ومن حجته أيضا ما رواه عن
يحيى بن سعيد في موطئه ، وفيه : فأمر
علي بن أبي طالب رضي الله عنه برأسه - يعني رأس
حسين - فحلق ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا . قال
مالك قال
يحيى بن سعيد : وكان
حسين خرج مع
عثمان في سفره ذلك إلى
مكة ، ففي هذا أوضح دليل على أن فدية الأذى جائز أن تكون بغير
مكة ، وجائز عند
مالك في الهدي إذا نحر في
الحرم أن يعطاه غير
أهل الحرم ; لأن البغية فيه إطعام مساكين المسلمين . قال
مالك : ولما جاز الصوم أن يؤتى به بغير
الحرم جاز إطعام غير
أهل الحرم ، ثم إن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا الآية ، أوضح الدلالة على ما قلناه ، فإنه تعالى لما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ففدية من صيام أو صدقة أو نسك لم يقل في موضع دون موضع ، فالظاهر أنه حيثما فعل أجزأه . وقال : أو نسك فسمى ما يذبح نسكا ، وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ولم يسمه هديا ، فلا يلزمنا أن نرده قياسا على الهدي ، ولا أن نعتبره بالهدي مع ما جاء في ذلك عن
علي ، وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر
كعبا بالفدية ما كان في
الحرم ، فصح أن ذلك كله يكون خارج
الحرم ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مثل هذا في وجه بعيد .
التاسعة : قوله تعالى : أو نسك النسك : جمع نسيكة ، وهي الذبيحة ينسكها العبد لله تعالى ، ويجمع أيضا على نسائك ، والنسك : العبادة في الأصل ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وأرنا مناسكنا أي متعبداتنا ، وقيل : إن أصل النسك في اللغة الغسل ، ومنه نسك ثوبه إذا
[ ص: 360 ] غسله ، فكأن العابد غسل نفسه من أدران الذنوب بالعبادة . وقيل : النسك سبائك الفضة ، كل سبيكة منها نسيكة ، فكأن العابد خلص نفسه من دنس الآثام وسبكها .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فيه ثلاث عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإذا أمنتم قيل : معناه برأتم من المرض ، وقيل : من خوفكم من العدو المحصر ، قاله
ابن عباس وقتادة ، وهو أشبه باللفظ إلا أن يتخيل الخوف من المرض فيكون الأمن منه ، كما تقدم ، والله أعلم .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج الآية . اختلف العلماء من المخاطب بهذا ؟ فقال
عبد الله بن الزبير وعلقمة وإبراهيم : الآية في المحصرين دون المخلى سبيلهم .
nindex.php?page=treesubj&link=3741وصورة المتمتع عند
ابن الزبير : أن يحصر الرجل حتى يفوته الحج ، ثم يصل إلى
البيت فيحل بعمرة ، ثم يقضي الحج من قابل ، فهذا قد تمتع بما بين العمرة إلى حج القضاء ، وصورة المتمتع المحصر عند غيره : أن يحصر فيحل دون عمرة ويؤخرها حتى يأتي من قابل فيعتمر في أشهر الحج ويحج من عامه ، وقال
ابن عباس وجماعة : الآية في المحصرين وغيرهم ممن خلي سبيله .
الثالثة : لا خلاف بين العلماء في أن التمتع جائز على ما يأتي تفصيله ، وأن الإفراد جائز وأن القرآن جائز ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي كلا ولم ينكره في حجته على أحد من أصحابه ، بل أجازه لهم ورضيه منهم ، صلى الله عليه وسلم . وإنما اختلف العلماء فيما كان به رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما في حجته وفي الأفضل من ذلك ، لاختلاف الآثار الواردة في ذلك ، فقال قائلون منهم
مالك : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مفردا ، والإفراد أفضل من القران . قال : والقران أفضل من التمتع ، وفي صحيح
مسلم عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860954خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت عائشة : فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج ، وأهل به ناس معه ، وأهل ناس بالعمرة والحج ، وأهل ناس بعمرة ، وكنت فيمن أهل بالعمرة ، رواه جماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة ، وقال بعضهم فيه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860955وأما أنا فأهل بالحج وهذا نص في موضع الخلاف ، وهو حجة
[ ص: 361 ] من قال
nindex.php?page=treesubj&link=3763بالإفراد وفضله ، وحكى
محمد بن الحسن عن
مالك أنه قال : إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان مختلفان وبلغنا أن
أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر كان في ذلك دلالة على أن الحق فيما عملا به ، واستحب
أبو ثور الإفراد أيضا وفضله على التمتع والقران ، وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المشهور عنه . واستحب آخرون التمتع بالعمرة إلى الحج ، قالوا : وذلك أفضل . وهو مذهب
عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=14171وعبد الله بن الزبير ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : اخترت الإفراد ، والتمتع حسن لا نكرهه . احتج من
nindex.php?page=treesubj&link=3740فضل التمتع بما رواه
مسلم عن
عمران بن حصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ، ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات ، قال رجل برأيه بعد ما شاء ، وروى
الترمذي حدثنا
قتيبة بن سعيد عن
مالك بن أنس عن
ابن شهاب عن
محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=860956سمع nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=190والضحاك بن قيس عام حج nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال الضحاك بن قيس : لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى ، فقال سعد : بئس ما قلت يا بن أخي ! فقال الضحاك : فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك ، فقال سعد : قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه ، هذا حديث صحيح ، وروى
ابن إسحاق عن
الزهري عن
سالم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860957إني لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل . قال : فإن أباك كان ينهى عنها ، فقال : ويلك ! فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به ، أفبقول أبي آخذ ، أم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ! ؟ قم عني . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، وأخرجه
أبو عيسى الترمذي من حديث
صالح بن كيسان عن
ابن شهاب عن
سالم ، وروي عن
ليث عن
طاوس عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860958تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ، وأول من نهى عنها معاوية حديث حسن . قال
أبو عمر : حديث
ليث هذا حديث منكر ، وهو
ليث بن أبي سليم ضعيف ، والمشهور عن
عمر وعثمان أنهما كانا ينهيان عن التمتع ، وإن كان جماعة من أهل العلم قد زعموا أن المتعة التي نهى عنها
عمر وضرب عليها
nindex.php?page=treesubj&link=25649فسخ الحج في العمرة ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=3742التمتع بالعمرة إلى الحج فلا . وزعم من صحح نهي
عمر عن التمتع أنه إنما نهى عنه لينتجع
البيت مرتين أو أكثر في العام حتى تكثر
[ ص: 362 ] عمارته بكثرة الزوار له في غير الموسم ، وأراد إدخال الرفق على
أهل الحرم بدخول الناس تحقيقا لدعوة
إبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ، وقال آخرون : إنما نهى عنها لأنه رأى الناس مالوا إلى التمتع ليسارته وخفته ، فخشي أن يضيع الإفراد والقران وهما سنتان للنبي صلى الله عليه وسلم ، واحتج
أحمد في اختياره التمتع بقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860959لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة . أخرجه الأئمة ، وقال آخرون :
nindex.php?page=treesubj&link=3755القران أفضل ، منهم
أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وبه قال
المزني قال : لأنه يكون مؤديا للفرضين جميعا ، وهو قول
إسحاق . قال
إسحاق :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قارنا ، وهو قول
علي بن أبي طالب ، واحتج من استحب القران وفضله بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
بوادي العقيق يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860960أتاني الليلة آت من ربي فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة ، وروى
الترمذي عن
أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860961لبيك بعمرة وحجة ، وقال : حديث حسن صحيح . قال
أبو عمر : والإفراد إن شاء الله أفضل ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مفردا ، فلذلك قلنا إنه أفضل ; لأن الآثار أصح عنه في إفراده صلى الله عليه وسلم ; ولأن الإفراد أكثر عملا ثم العمرة عمل آخر . وذلك كله طاعة والأكثر منها أفضل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : المفرد أكثر تعبا من المتمتع ، لإقامته على الإحرام وذلك أعظم لثوابه ، والوجه في اتفاق الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمرنا بالتمتع والقران جاز أن يقال : تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال جل وعز :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51ونادى فرعون في قومه ، وقال
عمر بن الخطاب :
رجمنا ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أمر بالرجم .
قلت : الأظهر في
nindex.php?page=treesubj&link=25310حجته عليه السلام القران ، وأنه كان قارنا ، لحديث
عمر وأنس المذكورين ، وفي صحيح
مسلم عن
بكر عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860963سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة معا . قال
بكر : فحدثت بذلك
ابن عمر فقال : لبي بالحج وحده ، فلقيت
أنسا فحدثته بقول
[ ص: 363 ] ابن عمر ، فقال
أنس : ما تعدوننا إلا صبيانا ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860964لبيك عمرة وحجا ، وفي صحيح
مسلم أيضا عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860965أهل النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة وأهل أصحابه بحج ، فلم يحل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من ساق الهدي من أصحابه ، وحل بقيتهم . قال بعض أهل العلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قارنا ، وإذا كان قارنا فقد حج واعتمر ، واتفقت الأحاديث ، وقال
النحاس : ومن أحسن ما قيل في هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بعمرة ، فقال من رآه : تمتع ثم أهل بحجة ، فقال من رآه : أفرد ثم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860966لبيك بحجة وعمرة . فقال من سمعه : قرن ، فاتفقت الأحاديث ، والدليل على هذا أنه لم يرو أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أفردت الحج ولا تمتعت ، وصح عنه أنه قال : قرنت كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
علي أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860967أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : كيف صنعت قلت : أهللت بإهلالك . قال فإني سقت الهدي وقرنت . قال وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860968لو استقبلت من أمري كما استدبرت لفعلت كما فعلتم ولكني سقت الهدي وقرنت . وثبت
nindex.php?page=hadith&LINKID=860969عن حفصة قالت قلت : يا رسول الله ، ما بال الناس قد حلوا من عمرتهم ولم تحلل أنت ؟ قال : إني لبدت رأسي وسقت هديي فلا أحل حتى أنحر ، وهذا يبين أنه كان قارنا ; لأنه لو كان متمتعا أو مفردا لم يمتنع من نحر الهدي .
قلت : ما ذكره
النحاس أنه لم يرو أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أفردت الحج فقد تقدم من رواية
عائشة أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860955وأما أنا فأهل بالحج ، وهذا معناه : فأنا أفرد الحج ، إلا أنه يحتمل أن يكون قد أحرم بالعمرة ، ثم قال : فأنا أهل بالحج ، ومما يبين هذا ما رواه
مسلم عن
ابن عمر ، وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860970وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ، فلم يبق في قوله : فأنا أهل بالحج دليل على الإفراد ، وبقي قوله عليه السلام : فإني قرنت ، وقول
أنس خادمه إنه سمعه يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860966لبيك بحجة وعمرة معا نص صريح في القران لا يحتمل التأويل ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : إنما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة لأنه علم أنه ليس بحاج بعدها .
[ ص: 364 ] الرابعة : وإذا مضى القول في الإفراد والتمتع والقران وأن كل ذلك جائز بإجماع
nindex.php?page=treesubj&link=3741فالتمتع بالعمرة إلى الحج عند العلماء على أربعة أوجه ، منها وجه واحد مجتمع عليه ، والثلاثة مختلف فيها . فأما الوجه المجتمع عليه فهو التمتع المراد بقول الله جل وعز :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي وذلك أن يحرم الرجل بعمرة في أشهر الحج - على ما يأتي بيانها - وأن يكون من أهل الآفاق ، وقدم
مكة ففرغ منها ثم أقام حلالا
بمكة إلى أن أنشأ الحج منها في عامه ذلك قبل رجوعه إلى بلده ، أو قبل خروجه إلى ميقات أهل ناحيته ، فإذا فعل ذلك كان متمتعا وعليه ما أوجب الله على المتمتع ، وذلك ما استيسر من الهدي ، يذبحه ويعطيه للمساكين
بمنى أو
بمكة ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام ، وسبعة إذا رجع إلى بلده - على ما يأتي - وليس له
nindex.php?page=treesubj&link=2534صيام يوم النحر بإجماع من المسلمين ، واختلف في صيام أيام التشريق على ما يأتي .
فهذا إجماع من أهل العلم قديما وحديثا في المتعة ، ورابطها ثمانية شروط : الأول : أن
nindex.php?page=treesubj&link=3747يجمع بين الحج والعمرة . الثاني : في سفر واحد . الثالث : في عام واحد . الرابع : في أشهر الحج . الخامس : تقديم العمرة . السادس : ألا يمزجها ، بل يكون
nindex.php?page=treesubj&link=3750إحرام الحج بعد الفراغ من العمرة . السابع : أن
nindex.php?page=treesubj&link=27284تكون العمرة والحج عن شخص واحد . الثامن :
nindex.php?page=treesubj&link=3751أن يكون من غير أهل مكة . وتأمل هذه الشروط فيما وصفنا من حكم التمتع تجدها .
والوجه الثاني من وجوه التمتع بالعمرة إلى الحج : القران ، وهو أن يجمع بينهما في إحرام واحد فيهل بهما جميعا في أشهر الحج أو غيرها ، يقول : لبيك بحجة وعمرة معا ، فإذا قدم
مكة طاف لحجته وعمرته طوافا واحدا وسعى سعيا واحدا ، عند من رأى ذلك ، وهم
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابهما
وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وهو مذهب
عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح والحسن ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، لحديث
عائشة رضي الله عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860971خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأهللنا بعمرة . . . الحديث . وفيه : وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=860972وقال صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة يوم النفر ولم تكن طافت بالبيت وحاضت : يسعك طوافك لحجك وعمرتك في رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860973يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك . أخرجه
مسلم - أو طاف طوافين وسعى سعيين ، عند من رأى ذلك ، وهو
أبو حنيفة وأصحابه
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ، وروي عن
علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وبه قال
الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ، واحتجوا
[ ص: 365 ] بأحاديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=860974عن علي عليه السلام أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل . أخرجهما
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه وضعفها كلها ، وإنما جعل القران من باب التمتع ; لأن القارن يتمتع بترك النصب في السفر إلى العمرة مرة وإلى الحج أخرى ، ويتمتع بجمعهما ، ولم يحرم لكل واحد من ميقاته ، وضم الحج إلى العمرة ، فدخل تحت قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ، وهذا وجه من التمتع لا خلاف بين العلماء في جوازه .
وأهل المدينة لا يجيزون الجمع بين العمرة والحج إلا بسياق الهدي ، وهو عندهم بدنة لا يجوز دونها . ومما يدل على أن القران تمتع قول
ابن عمر : إنما جعل القران لأهل الآفاق ، وتلا قول الله جل وعز :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام فمن كان من حاضري
المسجد الحرام وتمتع أو قرن لم يكن عليه دم قران ولا تمتع . قال
مالك : وما سمعت أن مكيا قرن ، فإن فعل لم يكن عليه هدي ولا صيام ، وعلى قول
مالك جمهور الفقهاء في ذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873عبد الملك بن الماجشون : إذا قرن المكي الحج مع العمرة كان عليه دم القران من أجل أن الله إنما أسقط عن
أهل مكة الدم والصيام في التمتع .
والوجه الثالث من التمتع : هو الذي توعد عليه
عمر بن الخطاب وقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما : متعة النساء ومتعة الحج . وقد تنازع العلماء في جواز هذا بعد هلم جرا ، وذلك أن يحرم الرجل بالحج حتى إذا دخل
مكة فسخ حجه في عمرة ، ثم حل وأقام حلالا حتى يهل بالحج يوم التروية ، فهذا هو الوجه الذي تواردت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم ; فيه أنه أمر أصحابه في حجته من لم يكن معه هدي ولم يسقه وقد كان أحرم بالحج أن يجعلها عمرة . وقد أجمع العلماء على تصحيح الآثار بذلك عنه صلى الله عليه وسلم ولم يدفعوا شيئا منها ، إلا أنهم اختلفوا في القول بها والعمل لعلل فجمهورهم على ترك العمل بها ; لأنها عندهم خصوص خص بها رسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في حجته تلك . قال
أبو ذر : ( كانت المتعة لنا في الحج خاصة ) أخرجه
مسلم ، وفي رواية عنه أنه قال : ( لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة ، يعني متعة النساء ومتعة الحج ) والعلة في الخصوصية ووجه الفائدة
[ ص: 366 ] فيها ما قاله
ابن عباس رضي الله عنه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=860975كانوا يرون nindex.php?page=treesubj&link=3747أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفرا ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسلخ صفر ، حلت العمرة لمن اعتمر ، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم فقالوا : يا رسول الله ، أي الحل ؟ قال : الحل كله . أخرجه
مسلم ، وفي المسند الصحيح
لأبي حاتم عن
ابن عباس قال : ( والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك ، فإن هذا الحي من
قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون : إذا عفا الوبر ، وبرأ الدبر ، وانسلخ صفر ، حلت العمرة لمن اعتمر ، فقد كانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة ، فما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
عائشة إلا لينقض ذلك من قولهم ) ففي هذا دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فسخ الحج في العمرة ليريهم أن العمرة في أشهر الحج لا بأس بها ، وكان ذلك له ولمن معه خاصة ; لأن الله عز وجل قد أمر بإتمام الحج والعمرة كل من دخل فيها أمرا مطلقا ، ولا يجب أن يخالف ظاهر كتاب الله إلا إلى ما لا إشكال فيه من كتاب ناسخ أو سنة مبينة . واحتجوا بما ذكرناه عن
أبي ذر وبحديث
الحارث بن بلال عن أبيه قال قلنا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860976يا رسول الله ، فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة ؟ قال : بل لنا خاصة ، وعلى هذا جماعة فقهاء
الحجاز والعراق والشام ، إلا شيئا يروى عن
ابن عباس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل . قال
أحمد : لا أرد تلك الآثار الواردة المتواترة الصحاح في فسخ الحج في العمرة بحديث
الحارث بن بلال عن أبيه وبقول
أبي ذر . قال : ولم يجمعوا على ما قال
أبو ذر ، ولو أجمعوا كان حجة ، قال : وقد خالف
ابن عباس أبا ذر ولم يجعله خصوصا ، واحتج
أحمد بالحديث الصحيح ، حديث
جابر الطويل في الحج ، وفيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860977لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله ، ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال : ( دخلت العمرة في الحج - مرتين - لا بل لأبد أبد ) لفظ
مسلم ، وإلى هذا والله أعلم مال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حيث ترجم [ باب من لبى بالحج وسماه ] وساق حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860978قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول : لبيك بالحج ، فأمرنا [ ص: 367 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلناها عمرة ، وقال قوم : إن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحلال كان على وجه آخر ، وذكر
مجاهد ذلك الوجه ، وهو أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا فرضوا الحج أولا ، بل أمرهم أن يهلوا مطلقا وينتظروا ما يؤمرون به ، وكذلك أهل
علي باليمن ، وكذلك كان إحرام النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدل عليه قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860979لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وجعلتها عمرة فكأنه خرج ينتظر ما يؤمر به ويأمر أصحابه بذلك ، ويدل على ذلك قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860980أتاني آت من ربي في هذا الوادي المبارك وقال قل حجة في عمرة .
والوجه الرابع من المتعة : متعة المحصر ومن صد عن
البيت ، ذكر
يعقوب بن شيبة قال حدثنا
أبو سلمة التبوذكي حدثنا
وهيب حدثنا
إسحاق بن سويد قال سمعت
عبد الله بن الزبير وهو يخطب يقول : أيها الناس ، إنه والله ليس التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون ، ولكن التمتع أن يخرج الرجل حاجا فيحبسه عدو أو أمر يعذر به حتى تذهب أيام الحج ، فيأتي
البيت فيطوف ويسعى بين
الصفا والمروة ، ثم يتمتع بحله إلى العام المستقبل ثم يحج ويهدي .
وقد مضى القول في حكم المحصر وما للعلماء في ذلك مبينا ، والحمد لله . فكان من مذهبه أن المحصر لا يحل ولكنه يبقى على إحرامه حتى يذبح عنه الهدي يوم النحر ، ثم يحلق ويبقى على إحرامه حتى يقدم مكة فيتحلل من حجه بعمل عمرة ، والذي ذكره
ابن الزبير خلاف عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي بعد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وأتموا الحج والعمرة لله ولم يفصل في حكم الإحصار بين الحج والعمرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين أحصروا
بالحديبية حلوا وحل ، وأمرهم بالإحلال .
واختلف العلماء أيضا
nindex.php?page=treesubj&link=3739لم سمي المتمتع متمتعا ، فقال
ابن القاسم : لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت إنشائه الحج . وقال غيره : سمي متمتعا لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين ، وذلك أن حق العمرة أن تقصد بسفر ، وحق الحج كذلك ، فلما تمتع بإسقاط أحدهما ألزمه الله هديا ، كالقارن الذي يجمع بين الحج والعمرة في سفر واحد ، والوجه الأول أعم ، فإنه يتمتع بكل ما يجوز للحلال أن يفعله ، وسقط عنه السفر بحجه من بلده ، وسقط عنه الإحرام من ميقاته في الحج ، وهذا هو الوجه الذي كرهه
عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وقالا أو قال أحدهما : يأتي أحدكم منى وذكره يقطر منيا ، وقد أجمع المسلمون على جواز هذا ، وقد قال جماعة من العلماء : إنما كرهه
عمر لأنه أحب أن يزار
البيت في العام
[ ص: 368 ] مرتين : مرة في الحج ، ومرة في العمرة ، ورأى الإفراد أفضل ، فكان يأمر به ويميل إليه وينهى عن غيره استحبابا ، ولذلك قال : افصلوا بين حجكم وعمرتكم ، فإنه أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج .
الخامسة : اختلف العلماء فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=3749اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ومنزله ثم حج من عامه ، فقال الجمهور من العلماء : ليس بمتمتع ، ولا هدي عليه ولا صيام ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : هو متمتع وإن رجع إلى أهله ، حج أو لم يحج . قال لأنه كان يقال : عمرة في أشهر الحج متعة ، رواه
هشيم عن
يونس عن
الحسن ، وقد روي عن
يونس عن
الحسن : ليس عليه هدي . والصحيح القول الأول ، هكذا ذكر
أبو عمر " حج أو لم يحج " ولم يذكره
ابن المنذر . قال
ابن المنذر : وحجته ظاهر الكتاب قول عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ولم يستثن : راجعا إلى أهله وغير راجع ، ولو كان لله جل ثناؤه في ذلك مراد لبينه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مثل قول
الحسن . قال
أبو عمر : وقد روي عن
الحسن أيضا في هذا الباب قول لم يتابع عليه أيضا ، ولا ذهب إليه أحد من أهل العلم ، وذلك أنه قال : من اعتمر بعد يوم النحر فهي متعة ، وقد روي عن
طاوس قولان هما أشد شذوذا مما ذكرنا عن
الحسن أحدهما : أن من
nindex.php?page=treesubj&link=3747اعتمر في غير أشهر الحج ثم أقام حتى دخل وقت الحج ، ثم حج من عامه أنه متمتع . هذا لم يقل به أحد من العلماء غيره ، ولا ذهب إليه أحد من فقهاء الأمصار ، وذلك - والله أعلم - أن شهور الحج أحق بالحج من العمرة ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=3955العمرة جائزة في السنة كلها ، والحج إنما موضعه شهور معلومة ، فإذا جعل أحد العمرة في أشهر الحج فقد جعلها في موضع كان الحج أولى به ، إلا أن الله تعالى قد رخص في كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمل العمرة في أشهر الحج للمتمتع وللقارن ولمن شاء أن يفردها ، رحمة منه ، وجعل فيه ما استيسر من الهدي ، والوجه الآخر قاله في المكي إذا تمتع من مصر من الأمصار فعليه الهدي ، وهذا لم يعرج عليه ، لظاهر قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام والتمتع الجائز عند جماعة العلماء ما أوضحناه بالشرائط التي ذكرناها ، وبالله توفيقنا .
السادسة : أجمع العلماء على
nindex.php?page=treesubj&link=3751أن رجلا من غير أهل مكة لو قدم مكة معتمرا في أشهر الحج عازما على الإقامة بها ثم أنشأ الحج من عامه فحج أنه متمتع ، عليه ما على المتمتع ، وأجمعوا في
nindex.php?page=treesubj&link=3751المكي يجيء من وراء الميقات محرما بعمرة ، ثم ينشئ الحج من مكة وأهله [ ص: 369 ] بمكة ولم يسكن سواها أنه لا دم عليه ، وكذلك إذا سكن غيرها وسكنها وكان له فيها أهل وفي غيرها ، وأجمعوا على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=3751إن انتقل من مكة بأهله ثم قدمها في أشهر الحج معتمرا فأقام بها حتى حج من عامه أنه متمتع .
السابعة : واتفق
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابهم
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور على أن المتمتع يطوف لعمرته
بالبيت ويسعى بين
الصفا والمروة ، وعليه بعد أيضا طواف آخر لحجه وسعي بين
الصفا والمروة ، وروي عن
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس أنه يكفيه سعي واحد بين
الصفا والمروة ، والأول المشهور ، وهو الذي عليه الجمهور ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=3758طواف القارن فقد تقدم .
الثامنة : واختلفوا فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=27981أنشأ عمرة في غير أشهر الحج ثم عمل لها في أشهر الحج ، فقال
مالك : عمرته في الشهر الذي حل فيه ، يريد إن كان حل منها في غير أشهر الحج فليس بمتمتع ، وإن كان حل منها في أشهر الحج فهو متمتع إن حج من عامه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي :
nindex.php?page=treesubj&link=28114إذا طاف بالبيت في الأشهر الحرم للعمرة فهو متمتع إن حج من عامه ، وذلك أن العمرة إنما تكمل بالطواف
بالبيت ، وإنما ينظر إلى كمالها ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ، وقال
قتادة وأحمد وإسحاق : عمرته للشهر الذي أهل فيه ، وروي معنى ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، وقال
طاوس : عمرته للشهر الذي يدخل فيه
الحرم ، وقال أصحاب الرأي : إن طاف لها ثلاثة أشواط في رمضان ، وأربعة أشواط في شوال فحج من عامه أنه متمتع ، وإن طاف في رمضان أربعة أشواط ، وفي شوال ثلاثة أشواط لم يكن متمتعا ، وقال
أبو ثور : إذا دخل في العمرة في غير أشهر الحج فسواء أطاف لها في رمضان أو في شوال لا يكون بهذه العمرة متمتعا ، وهو معنى قول
أحمد وإسحاق : عمرته للشهر الذي أهل فيه .
التاسعة : أجمع أهل العلم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=27634لمن أهل بعمرة في أشهر الحج أن يدخل عليها الحج ما لم يفتتح الطواف بالبيت ، ويكون قارنا بذلك ، يلزمه ما يلزم القارن الذي أنشأ الحج والعمرة معا . واختلفوا في إدخال الحج على العمرة بعد أن افتتح الطواف ، فقال
مالك : يلزمه ذلك ويصير قارنا ما لم طوافه ، وروي مثله عن
أبي حنيفة ، والمشهور عنه أنه لا يجوز إلا قبل الأخذ في الطواف ، وقد قيل : له أن يدخل الحج على العمرة ما لم يركع ركعتي الطواف ، وكل ذلك قول
مالك وأصحابه ، فإذا طاف المعتمر شوطا واحدا لعمرته ثم أحرم بالحج صار قارنا ، وسقط عنه باقي عمرته ولزمه دم القران ، وكذلك من أحرم بالحج في أضعاف طوافه أو بعد فراغه منه قبل ركوعه ، وقال بعضهم : له أن يدخل الحج على العمرة ما لم يكمل السعي بين
الصفا والمروة . قال
أبو عمر : وهذا كله شذوذ عند أهل العلم ، وقال
أشهب : إذا طاف
[ ص: 370 ] لعمرته شوطا واحدا لم يلزمه الإحرام به ولم يكن قارنا ، ومضى على عمرته حتى يتمها ثم يحرم بالحج ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وبه قال
أبو ثور .
العاشرة : واختلفوا في إدخال العمرة على الحج ، فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وإسحاق : لا تدخل العمرة على الحج ، ومن أضاف العمرة إلى الحج فليست العمرة بشيء ، قاله
مالك ، وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو المشهور عنه
بمصر ، وقال
أبو حنيفة وأصحابه
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في القديم : يصير قارنا ، ويكون عليه ما على القارن ما لم يطف بحجته شوطا واحدا ، فإن طاف لم يلزمه ; لأنه قد عمل في الحج . قال
ابن المنذر : وبقول
مالك أقول في هذه المسألة .
الحادية عشرة : قال
مالك : من أهدى هديا للعمرة وهو متمتع لم يجز ذلك ، وعليه هدي آخر لمتعته ; لأنه إنما يصير متمتعا إذا أنشأ الحج بعد أن حل من عمرته ، وحينئذ يجب عليه الهدي ، وقال
أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وإسحاق : لا ينحر هديه إلا يوم النحر ، وقال
أحمد : إن قدم المتمتع قبل العشر طاف وسعى ونحر هديه ، وإن قدم في العشر لم ينحر إلا يوم النحر ، وقاله
عطاء وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يحل من عمرته إذا طاف وسعى ، ساق هديا أو لم يسقه .
الثانية عشرة : واختلف
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في المتمتع يموت ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا أحرم بالحج وجب عليه دم المتعة إذا كان واجدا لذلك ، حكاه
الزعفراني عنه ، وروى
ابن وهب عن
مالك أنه سئل عن المتمتع يموت بعد ما يحرم بالحج
بعرفة أو غيرها ، أترى عليه هديا ؟ قال : من مات من أولئك قبل أن يرمي جمرة العقبة فلا أرى عليه هديا ، ومن رمى الجمرة ثم مات فعليه الهدي . قيل له : من رأس المال أو من الثلث ؟ قال : بل من رأس المال .
الثالثة عشرة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فما استيسر من الهدي تقدم الكلام فيه .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فِيهَا تِسْعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا اسْتَدَلَّ بَعْضُ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ الْعَدُوُّ لَا الْمَرَضُ ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ ، فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ أَيْ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ ، وَإِذَا كَانَ وَارِدًا فِي الْمَرَضِ بِلَا خِلَافٍ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ وَرَدَ فِيمَنْ وَرَدَ فِيهِ وَسَطَهَا وَآخِرَهَا ، لِاتِّسَاقِ الْكَلَامِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ ، وَانْتِظَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ ، وَرُجُوعِ الْإِضْمَارِ فِي آخِرِ الْآيَةِ إِلَى مَنْ خُوطِبَ فِي أَوَّلِهَا ، فَيَجِبُ حَمْلٌ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْعُدُولِ عَنْهُ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، رَوَى الْأَئِمَّةُ وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269لِلدَّارَقُطْنِيِّ : ( عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=167كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=860951أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ ص: 357 ] رَآهُ وَقَمْلُهُ يَتَسَاقَطُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ : أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ قَالَ نَعَمْ . فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً ، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) . خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا ، فَقَوْلُهُ : وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مَا كَانُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حَصْرِ الْعَدُوِّ لَهُمْ ، فَإِذَا الْمُوجِبُ لِلْفِدْيَةِ الْحَلْقُ لِلْأَذَى وَالْمَرَضِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِيَةُ : قَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3787الْمُحْرِمِ يُصِيبُهُ أَذًى فِي رَأْسِهِ : إِنَّهُ يُجْزِيهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْفِدْيَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ .
قُلْتُ : فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ ، وَمَنْ قَدَرَ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ ، فَلَا يَفْتَدِي حَتَّى يَحْلِقَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّالِثَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : كُلُّ مَنْ ذَكَرَ النُّسُكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِشَاةٍ ، وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ، وَأَمَّا الصَّوْمُ وَالْإِطْعَامُ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَهُوَ مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=167كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ . وَجَاءَ عَنِ
الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَنَافِعٍ قَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=3777_3787الصَّوْمُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى عَشَرَةُ أَيَّامٍ ، وَالْإِطْعَامُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِهَذَا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَلَا أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ، وَقَدْ جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ
مُجَاهِدٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=167كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=860952أَنَّهُ كَانَ أَهَلَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، وَأَنَّهُ قَمِلَ رَأْسُهُ فَأَتَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : كَأَنَّكَ يُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ ، فَقَالَ أَجَلْ . قَالَ : احْلِقْ وَاهْدِ هَدْيًا ، فَقَالَ : مَا أَجِدُ هَدْيًا . قَالَ : فَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ، فَقَالَ : مَا أَجِدُ . قَالَ : صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : كَانَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا كَانَ مَعْنَاهُ الِاخْتِيَارَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا ، وَعَامَّةُ الْآثَارِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=167كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ [ ص: 358 ] وَرَدَتْ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ ، وَهُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ ، وَعَلَيْهِ مَضَى عَمَلُ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ الْأَمْصَارِ وَفَتْوَاهُمْ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
الرَّابِعَةُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3787الْإِطْعَامِ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى ، فَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمُ : الْإِطْعَامُ فِي ذَلِكَ مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11956أَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ ، وَرُوِيَ عَنِ
الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْفِدْيَةِ : مِنَ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ ، وَمِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ صَاعٌ . وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا مِثْلَهُ ، جَعَلَ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ عَدْلَ صَاعِ تَمْرٍ . قَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَهَذَا غَلَطٌ ; لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَخْبَارِ
كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860953أَنْ تَصَّدَّقَ بِثَلَاثَةِ أُصُوعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَرَّةً كَمَا قَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ، وَمَرَّةً قَالَ : إِنْ أَطْعَمَ بُرًّا فَمُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، وَإِنْ أَطْعَمَ تَمْرًا فَنِصْفُ صَاعٍ .
الْخَامِسَةُ : وَلَا يُجْزِي أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ وَيُعَشِّيَهُمْ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى حَتَّى يُعْطِيَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبِذَلِكَ قَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَقَالَ
أَبُو يُوسُفَ : يُجْزِيهِ أَنْ يُغَدِّيَهِمْ وَيُعَشِّيَهِمْ .
السَّادِسَةُ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3438الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ حَلْقِ شَعْرِهِ وَجَزِّهِ وَإِتْلَافِهِ بِحَلْقٍ أَوْ نَوْرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا فِي حَالَةِ الْعِلَّةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3473حَلَقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِغَيْرِ عِلَّةٍ ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3473لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَامِدًا ، فَقَالَ
مَالِكٌ : بِئْسَ مَا فَعَلَ ! وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهَا ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ الْعَمْدُ فِي ذَلِكَ وَالْخَطَأُ ، لِضَرُورَةٍ وَغَيْرِ ضَرُورَةٍ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ : لَيْسَ بِمُخَيَّرٍ إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3473حَلَقَ رَأْسَهُ عَامِدًا أَوْ لَبِسَ عَامِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَيْسَ بِمُخَيَّرٍ وَعَلَيْهِ دَمٌ لَا غَيْرَ .
السَّابِعَةُ : وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِيًا ، فَقَالَ
مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
دَاوُدَ وَإِسْحَاقَ ، وَالثَّانِي : عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُوجِبُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=3434_3435_3787الْفِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِلُبْسِ الْمَخِيطِ وَتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ أَوْ بَعْضِهِ ، وَلُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَتَقْلِيمِ الْأَظَافِرِ وَمَسِّ الطِّيبِ وَإِمَاطَةِ الْأَذَى ، وَكَذَلِكَ إِذَا حَلَقَ شَعْرَ جَسَدِهِ أَوِ اطَّلَى ، أَوْ حَلَقَ مَوَاضِعَ الْمَحَاجِمِ ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي ذَلِكَ ، وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ فِي الْكُحْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ . وَلِلرَّجُلِ
[ ص: 359 ] أَنْ يَكْتَحِلَ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3787_3469_23401وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْفِدْيَةُ إِذَا غَطَّتْ وَجْهَهَا أَوْ لَبِسَتِ الْقُفَّازَيْنِ ، وَالْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالْجَهْلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ عَلَيْهِمَا دَمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ
دَاوُدُ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي حَلْقِ شَعْرِ الْجَسَدِ .
الثَّامِنَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَوَاضِعِ الْفِدْيَةِ الْمَذْكُورَةِ ، فَقَالَ
عَطَاءٌ : مَا كَانَ مِنْ دَمٍ
فَبِمَكَّةَ ، وَمَا كَانَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ صِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ ، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ ، وَعَنِ
الْحَسَنِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3828الدَّمَ بِمَكَّةَ ، وَقَالَ
طَاوُسٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=3829الْإِطْعَامُ وَالدَّمُ لَا يَكُونَانِ إِلَّا
بِمَكَّةَ ، وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ ; لِأَنَّ الصِّيَامَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ
لِأَهْلِ الْحَرَمِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ رِفْقًا لِمَسَاكِينَ جِيرَانِ بَيْتِهِ ، فَالْإِطْعَامُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِخِلَافِ الصِّيَامِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقَالَ
مَالِكٌ : يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْنَ شَاءَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ ، وَهُوَ قَوْلُ
مُجَاهِدٍ ، وَالذَّبْحُ هُنَا عِنْدَ
مَالِكٍ نُسُكٌ وَلَيْسَ بِهَدْيٍ لِنَصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ، وَالنُّسُكُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ ، وَالْهَدْيُ لَا يَكُونُ إِلَّا
بِمَكَّةَ ، وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي مُوَطَّئِهِ ، وَفِيهِ : فَأَمَرَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَأْسِهِ - يَعْنِي رَأْسَ
حُسَيْنٍ - فَحَلَقَ ثُمَّ نَسَكَ عَنْهُ بِالسُّقْيَا فَنَحَرَ عَنْهُ بَعِيرًا . قَالَ
مَالِكٌ قَالَ
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : وَكَانَ
حُسَيْنٌ خَرَجَ مَعَ
عُثْمَانَ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ إِلَى
مَكَّةَ ، فَفِي هَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ فِدْيَةَ الْأَذَى جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ
مَكَّةَ ، وَجَائِزٌ عِنْدَ
مَالِكٍ فِي الْهَدْيِ إِذَا نَحَرَ فِي
الْحَرَمِ أَنْ يُعْطَاهُ غَيْرَ
أَهْلِ الْحَرَمِ ; لِأَنَّ الْبُغْيَةَ فِيهِ إِطْعَامُ مَسَاكِينَ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ
مَالِكٌ : وَلَمَّا جَازَ الصَّوْمُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ بِغَيْرِ
الْحَرَمِ جَازَ إِطْعَامُ غَيْرِ
أَهْلِ الْحَرَمِ ، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا الْآيَةَ ، أَوْضَحَ الدَّلَالَةَ عَلَى مَا قُلْنَاهُ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ لَمْ يَقُلْ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُمَا فَعَلَ أَجْزَأَهُ . وَقَالَ : أَوْ نُسُكٌ فَسَمَّى مَا يُذْبَحُ نُسُكًا ، وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ وَلَمْ يُسَمِّهِ هَدْيًا ، فَلَا يَلْزَمُنَا أَنْ نَرُدَّهُ قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ ، وَلَا أَنْ نَعْتَبِرَهُ بِالْهَدْيِ مَعَ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ
عَلِيٍّ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ
كَعْبًا بِالْفِدْيَةِ مَا كَانَ فِي
الْحَرَمِ ، فَصَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ يَكُونُ خَارِجَ
الْحَرَمِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ مِثْلُ هَذَا فِي وَجْهٍ بَعِيدٍ .
التَّاسِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : أَوْ نُسُكٌ النُّسُكُ : جَمْعُ نَسِيكَةٍ ، وَهِيَ الذَّبِيحَةُ يَنْسُكُهَا الْعَبْدُ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى نِسَائِكَ ، وَالنُّسُكُ : الْعِبَادَةُ فِي الْأَصْلِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا أَيْ مُتَعَبَّدَاتِنَا ، وَقِيلَ : إِنَّ أَصْلَ النُّسُكِ فِي اللُّغَةِ الْغُسْلُ ، وَمِنْهُ نَسَكَ ثَوْبَهُ إِذَا
[ ص: 360 ] غَسَلَهُ ، فَكَأَنَّ الْعَابِدَ غَسَلَ نَفْسَهُ مِنْ أَدْرَانِ الذُّنُوبِ بِالْعِبَادَةِ . وَقِيلَ : النُّسُكُ سَبَائِكُ الْفِضَّةِ ، كُلُّ سَبِيكَةٍ مِنْهَا نَسِيكَةٌ ، فَكَأَنَّ الْعَابِدَ خَلَّصَ نَفْسَهُ مِنْ دَنَسِ الْآثَامِ وَسَبَكَهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فِيهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِذَا أَمِنْتُمْ قِيلَ : مَعْنَاهُ بَرَأْتُمْ مِنَ الْمَرَضِ ، وَقِيلَ : مِنْ خَوْفِكُمْ مِنَ الْعَدُوِّ الْمُحْصِرِ ، قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِاللَّفْظِ إِلَّا أَنْ يَتَخَيَّلَ الْخَوْفَ مِنَ الْمَرَضِ فَيَكُونُ الْأَمْنُ مِنْهُ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ الْآيَةَ . اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَنِ الْمُخَاطَبِ بِهَذَا ؟ فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلْقَمَةُ وَإِبْرَاهِيمُ : الْآيَةُ فِي الْمُحْصَرِينَ دُونَ الْمُخَلَّى سَبِيلُهُمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=3741وَصُورَةُ الْمُتَمَتِّعِ عِنْدَ
ابْنِ الزُّبَيْرِ : أَنْ يُحْصَرَ الرَّجُلُ حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ ، ثُمَّ يَصِلَ إِلَى
الْبَيْتِ فَيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ يَقْضِيَ الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ ، فَهَذَا قَدْ تَمَتَّعَ بِمَا بَيْنَ الْعُمْرَةِ إِلَى حَجِّ الْقَضَاءِ ، وَصُورَةُ الْمُتَمَتِّعِ الْمُحْصَرِ عِنْدَ غَيْرِهِ : أَنْ يُحْصَرَ فَيَحِلُّ دُونَ عُمْرَةٍ وَيُؤَخِّرُهَا حَتَّى يَأْتِيَ مِنْ قَابِلٍ فَيَعْتَمِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ، وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ : الْآيَةُ فِي الْمُحْصَرِينَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ خُلِّيَ سَبِيلَهُ .
الثَّالِثَةُ : لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ التَّمَتُّعَ جَائِزٌ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ ، وَأَنَّ الْإِفْرَادَ جَائِزٌ وَأَنَّ الْقُرْآنَ جَائِزٌ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ كُلًّا وَلَمْ يُنْكِرْهُ فِي حَجَّتِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، بَلْ أَجَازَهُ لَهُمْ وَرَضِيَهُ مِنْهُمْ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا كَانَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا فِي حَجَّتِهِ وَفِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ ، لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ
مَالِكٌ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفْرِدًا ، وَالْإِفْرَادُ أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَانِ . قَالَ : وَالْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنَ التَّمَتُّعِ ، وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860954خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أُرَادَّ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَجٍّ ، وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860955وَأَمَّا أَنَا فَأُهِلُّ بِالْحَجِّ وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ ، وَهُوَ حُجَّةٌ
[ ص: 361 ] مَنْ قَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=3763بِالْإِفْرَادِ وَفَضْلِهِ ، وَحَكَى
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ وَبَلَغَنَا أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ عَمِلَا بِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ وَتَرَكَا الْآخَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا عَمِلَا بِهِ ، وَاسْتَحَبَّ
أَبُو ثَوْرٍ الْإِفْرَادَ أَيْضًا وَفَضَّلَهُ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ . وَاسْتَحَبَّ آخَرُونَ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، قَالُوا : وَذَلِكَ أَفْضَلُ . وَهُوَ مَذْهَبُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=14171وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : اخْتَرْتُ الْإِفْرَادَ ، وَالتَّمَتُّعُ حَسَنٌ لَا نَكْرَهُهُ . احْتَجَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3740فَضَّلَ التَّمَتُّعَ بِمَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ - وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ بَعْدَ مَا شَاءَ ، وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا
قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=860956سَمِعَ nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ nindex.php?page=showalam&ids=190وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجِّ nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ : لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ سَعْدٌ : بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا بْنَ أَخِي ! فَقَالَ الضَّحَّاكُ : فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ سَعْدٌ : قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ ، هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَرَوَى
ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ
الزُّهْرِيِّ عَنْ
سَالِمٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860957إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَسَأَلَهُ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، فَقَالَ ابْنِ عُمَرَ : حَسَنٌ جَمِيلٌ . قَالَ : فَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَنْهَى عَنْهَا ، فَقَالَ : وَيْلَكَ ! فَإِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَقَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِهِ ، أَفَبِقَوْلِ أَبِي آخُذُ ، أَمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! ؟ قُمْ عَنِّي . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَأَخْرَجَهُ
أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
سَالِمٍ ، وَرُوِيَ عَنْ
لَيْثٍ عَنْ
طَاوُسٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860958تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ، وَأَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ حَدِيثٌ حَسَنٌ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : حَدِيثُ
لَيْثٍ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ ، وَهُوَ
لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ
عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا كَانَا يَنْهَيَانِ عَنِ التَّمَتُّعِ ، وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْمُتْعَةَ الَّتِي نَهَى عَنْهَا
عُمَرُ وَضَرَبَ عَلَيْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=25649فَسْخَ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3742التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَلَا . وَزَعَمَ مَنْ صَحَّحَ نَهْي
عُمَرُ عَنِ التَّمَتُّعِ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِيُنْتَجَعَ
الْبَيْتُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْعَامِ حَتَّى تَكْثُرَ
[ ص: 362 ] عِمَارَتُهُ بِكَثْرَةِ الزُّوَّارِ لَهُ فِي غَيْرِ الْمَوْسِمِ ، وَأَرَادَ إِدْخَالَ الرِّفْقِ عَلَى
أَهْلِ الْحَرَمِ بِدُخُولِ النَّاسِ تَحْقِيقًا لِدَعْوَةِ
إِبْرَاهِيمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ، وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهُ رَأَى النَّاسَ مَالُوا إِلَى التَّمَتُّعِ لِيَسَارَتِهِ وَخِفَّتِهِ ، فَخَشِيَ أَنْ يَضِيعَ الْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ وَهُمَا سُنَّتَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاحْتَجَّ
أَحْمَدُ فِي اخْتِيَارِهِ التَّمَتُّعَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860959لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً . أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ ، وَقَالَ آخَرُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=3755الْقِرَانُ أَفْضَلُ ، مِنْهُمْ
أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ، وَبِهِ قَالَ
الْمُزَنِيُّ قَالَ : لِأَنَّهُ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضَيْنِ جَمِيعًا ، وَهُوَ قَوْلُ
إِسْحَاقَ . قَالَ
إِسْحَاقُ :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِنًا ، وَهُوَ قَوْلُ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَاحْتَجَّ مَنِ اسْتَحَبَّ الْقِرَانَ وَفَضَّلَهُ بِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860960أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ ، وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860961لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَالْإِفْرَادُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَفْضَلُ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفْرِدًا ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّهُ أَفْضَلَ ; لِأَنَّ الْآثَارَ أَصَحُّ عَنْهُ فِي إِفْرَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَلِأَنَّ الْإِفْرَادَ أَكْثَرُ عَمَلًا ثُمَّ الْعُمْرَةُ عَمَلٌ آخَرُ . وَذَلِكَ كُلُّهُ طَاعَةٌ وَالْأَكْثَرُ مِنْهَا أَفْضَلُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : الْمُفْرِدُ أَكْثَرُ تَعَبًا مِنَ الْمُتَمَتِّعِ ، لِإِقَامَتِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ وَذَلِكَ أَعْظَمُ لِثَوَابِهِ ، وَالْوَجْهُ فِي اتِّفَاقِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَنَا بِالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ جَازَ أَنْ يُقَالَ : تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ، وَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ :
رَجَمْنَا وَرَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالرَّجْمِ .
قُلْتُ : الْأَظْهَرُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=25310حَجَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْقِرَانُ ، وَأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا ، لِحَدِيثِ
عُمَرَ وَأَنْسٍ الْمَذْكُورَيْنِ ، وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
بَكْرٍ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860963سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا . قَالَ
بَكْرٌ : فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ
ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ : لَبِّي بِالْحَجِّ وَحْدَهُ ، فَلَقِيتُ
أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ
[ ص: 363 ] ابْنِ عُمَرَ ، فَقَالَ
أَنَسٍ : مَا تَعُدُّونَنَا إِلَّا صِبْيَانًا ! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860964لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا ، وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860965أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ ، فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ . قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِنًا ، وَإِذَا كَانَ قَارِنًا فَقَدْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ ، وَاتَّفَقَتِ الْأَحَادِيثُ ، وَقَالَ
النَّحَّاسُ : وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، فَقَالَ مَنْ رَآهُ : تَمَتَّعَ ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ ، فَقَالَ مَنْ رَآهُ : أَفْرَدَ ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860966لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ . فَقَالَ مَنْ سَمِعَهُ : قَرَنَ ، فَاتَّفَقَتِ الْأَحَادِيثُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : أَفْرَدْتُ الْحَجَّ وَلَا تَمَتَّعْتُ ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قَرَنْتُ كَمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ عَنْ
عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860967أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي : كَيْفَ صَنَعْتَ قُلْتُ : أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِكَ . قَالَ فَإِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ . قَالَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860968لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي كَمَا اسْتَدْبَرْتُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ وَلَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ . وَثَبَتَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=860969عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا بَالُ النَّاسِ قَدْ حَلُّوا مِنْ عُمْرَتِهِمْ وَلَمْ تَحْلِلَّ أَنْتَ ؟ قَالَ : إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَسُقْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَوْ مُفْرِدًا لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ نَحْرِ الْهَدْيِ .
قُلْتُ : مَا ذَكَرَهُ
النَّحَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَفْرَدْتُ الْحَجَّ فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ
عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860955وَأَمَّا أَنَا فَأُهِلَّ بِالْحَجِّ ، وَهَذَا مَعْنَاهُ : فَأَنَا أُفْرِدُ الْحَجَّ ، إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ، ثُمَّ قَالَ : فَأَنَا أُهِلُّ بِالْحَجِّ ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا مَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ ، وَفِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860970وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ، فَلَمْ يَبْقَ فِي قَوْلِهِ : فَأَنَا أُهِلُّ بِالْحَجِّ دَلِيلٌ عَلَى الْإِفْرَادِ ، وَبَقِيَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَإِنِّي قَرَنْتُ ، وَقَوْلُ
أَنَسٍ خَادِمِهِ إِنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860966لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي الْقِرَانِ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : إِنَّمَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَاجٍّ بَعْدَهَا .
[ ص: 364 ] الرَّابِعَةُ : وَإِذَا مَضَى الْقَوْلُ فِي الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِإِجْمَاعٍ
nindex.php?page=treesubj&link=3741فَالتَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ، مِنْهَا وَجْهٌ وَاحِدٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ ، وَالثَّلَاثَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا . فَأَمَّا الْوَجْهُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ فَهُوَ التَّمَتُّعُ الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَذَلِكَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ - عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهَا - وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ ، وَقَدِمَ
مَكَّةَ فَفَرَغَ مِنْهَا ثُمَّ أَقَامَ حَلَالًا
بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْهَا فِي عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ ، أَوْ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى مِيقَاتِ أَهْلِ نَاحِيَتِهِ ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَعَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ ، وَذَلِكَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، يَذْبَحُهُ وَيُعْطِيهِ لِلْمَسَاكِينَ
بِمِنًى أَوْ
بِمَكَّةَ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ - عَلَى مَا يَأْتِي - وَلَيْسَ لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=2534صِيَامُ يَوْمِ النَّحْرِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَاخْتُلِفَ فِي صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى مَا يَأْتِي .
فَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي الْمُتْعَةِ ، وَرَابِطُهَا ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ : الْأَوَّلُ : أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3747يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ . الثَّانِي : فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ . الثَّالِثُ : فِي عَامٍ وَاحِدٍ . الرَّابِعُ : فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ . الْخَامِسُ : تَقْدِيمُ الْعُمْرَةِ . السَّادِسُ : أَلَّا يَمْزُجَهَا ، بَلْ يَكُونُ
nindex.php?page=treesubj&link=3750إِحْرَامُ الْحَجِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعُمْرَةِ . السَّابِعُ : أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27284تَكُونَ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ . الثَّامِنُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3751أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ . وَتَأَمَّلْ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِيمَا وَصَفْنَا مِنْ حُكْمِ التَّمَتُّعِ تَجِدْهَا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وُجُوهِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ : الْقِرَانُ ، وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي إِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَيُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرهَا ، يَقُولُ : لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا ، فَإِذَا قَدِمَ
مَكَّةَ طَافَ لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا وَسَعَى سَعْيًا وَاحِدًا ، عِنْدَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ ، وَهُمْ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا
وَإِسْحَاقُ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=36وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ ، لِحَدِيثِ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860971خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ . . . الْحَدِيثَ . وَفِيهِ : وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=860972وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=25لِعَائِشَةَ يَوْمَ النَّفْرِ وَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَحَاضَتْ : يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ فِي رِوَايَةٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860973يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ . أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ - أَوْ طَافَ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ ، عِنْدَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ ، وَهُوَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَبِهِ قَالَ
الشَّعْبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَاحْتَجُّوا
[ ص: 365 ] بِأَحَادِيثَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=860974عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَسَعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ . أَخْرَجَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَضَعَّفَهَا كُلَّهَا ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الْقِرَانُ مِنْ بَابِ التَّمَتُّعِ ; لِأَنَّ الْقَارِنَ يَتَمَتَّعُ بِتَرْكِ النَّصَبِ فِي السَّفَرِ إِلَى الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَإِلَى الْحَجِّ أُخْرَى ، وَيَتَمَتَّعُ بِجَمْعِهِمَا ، وَلَمْ يُحْرِمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مِيقَاتِهِ ، وَضَمَّ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ ، فَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، وَهَذَا وَجْهُ مِنَ التَّمَتُّعِ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِهِ .
وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ لَا يُجِيزُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ إِلَّا بِسِيَاقِ الْهَدْيِ ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ بَدَنَةٌ لَا يَجُوزُ دُونَهَا . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِرَانَ تَمَتُّعٌ قَوْلُ
ابْنِ عُمَرَ : إِنَّمَا جُعِلَ الْقِرَانُ لِأَهْلِ الْآفَاقِ ، وَتَلَا قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَنْ كَانَ مِنْ حَاضِرِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَتَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمُ قِرَانٍ وَلَا تَمَتُّعٍ . قَالَ
مَالِكٌ : وَمَا سَمِعْتُ أَنَّ مَكِّيًّا قَرَنَ ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَلَا صِيَامٌ ، وَعَلَى قَوْلِ
مَالِكٍ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12873عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ : إِذَا قَرَنَ الْمَكِّيُّ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ كَانَ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَسْقَطَ عَنْ
أَهْلِ مَكَّةَ الدَّمَ وَالصِّيَامَ فِي التَّمَتُّعِ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ التَّمَتُّعِ : هُوَ الَّذِي تَوَعَّدَ عَلَيْهِ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَ : مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا : مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الْحَجِّ . وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ هَذَا بَعْدُ هَلُمَّ جَرَّا ، وَذَلِكَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ حَتَّى إِذَا دَخَلَ
مَكَّةَ فَسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ ، ثُمَّ حَلَّ وَأَقَامَ حَلَالًا حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ، فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي تَوَارَدَتْ بِهِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فِي حَجَّتِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَلَمْ يَسُقْهُ وَقَدْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً . وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَصْحِيحِ الْآثَارِ بِذَلِكَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَدْفَعُوا شَيْئًا مِنْهَا ، إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْقَوْلِ بِهَا وَالْعَمَلِ لِعِلَلٍ فَجُمْهُورُهُمْ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهَا ; لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ خُصُوصٌ خَصَّ بِهَا رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي حَجَّتِهِ تِلْكَ . قَالَ
أَبُو ذَرٍّ : ( كَانَتِ الْمُتْعَةُ لَنَا فِي الْحَجِّ خَاصَّةً ) أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ ، وَفِي رِوَايَةِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا تَصْلُحُ الْمُتْعَتَانِ إِلَّا لَنَا خَاصَّةً ، يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ وَمُتْعَةَ الْحَجِّ ) وَالْعِلَّةِ فِي الْخُصُوصِيَّةِ وَوَجْهُ الْفَائِدَةِ
[ ص: 366 ] فِيهَا مَا قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=860975كَانُوا يَرَوْنَ nindex.php?page=treesubj&link=3747أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ : إِذَا بَرَأَ الدَّبَرُ ، وَعَفَا الْأَثَرُ ، وَانْسَلَخَ صَفَرُ ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً ، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ الْحِلِّ ؟ قَالَ : الْحِلُّ كُلُّهُ . أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ ، وَفِي الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ
لِأَبِي حَاتِمٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( وَاللَّهِ مَا أَعْمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَائِشَةَ فِي ذِي الْحَجَّةِ إِلَّا لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَمْرَ أَهْلِ الشِّرْكِ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ
قُرَيْشٍ وَمَنْ دَانَ دِينَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : إِذَا عَفَا الْوَبَرُ ، وَبَرَّأَ الدَّبَرُ ، وَانْسَلَخَ صَفَرُ ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ ، فَقَدْ كَانُوا يُحْرِمُونَ الْعُمْرَةَ حَتَّى يَنْسَلِخَ ذُو الْحِجَّةِ ، فَمَا أَعْمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَائِشَةَ إِلَّا لِيُنْقَضَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ ) فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا فَسَخَ الْحَجَّ فِي الْعُمْرَةِ لِيُرِيَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا بَأْسَ بِهَا ، وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ خَاصَّةً ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِيهَا أَمْرًا مُطْلَقًا ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخَالِفَ ظَاهِرَ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا إِلَى مَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ مِنْ كِتَابٍ نَاسِخٍ أَوْ سُنَّةٍ مُبَيَّنَةٍ . وَاحْتَجُّوا بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ
أَبِي ذَرٍّ وَبِحَدِيثِ
الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْنَا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860976يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فُسِخَ الْحَجُّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً ؟ قَالَ : بَلْ لَنَا خَاصَّةً ، وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ
الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ ، إِلَّا شَيْئًا يُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ . قَالَ
أَحْمَدُ : لَا أَرُدُّ تِلْكَ الْآثَارَ الْوَارِدَةَ الْمُتَوَاتِرَةَ الصِّحَاحَ فِي فَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ بِحَدِيثِ
الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ وَبِقَوْلِ
أَبِي ذَرٍّ . قَالَ : وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى مَا قَالَ
أَبُو ذَرٍّ ، وَلَوْ أَجْمَعُوا كَانَ حُجَّةً ، قَالَ : وَقَدْ خَالَفَ
ابْنُ عَبَّاسٍ أَبَا ذَرٍّ وَلَمْ يَجْعَلْهُ خُصُوصًا ، وَاحْتَجَّ
أَحْمَدُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، حَدِيثِ
جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ ، وَفِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860977لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكُ بْنُ جُعْشُمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى وَقَالَ : ( دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ - مَرَّتَيْنِ - لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ ) لَفْظُ
مُسْلِمٍ ، وَإِلَى هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ حَيْثُ تَرْجَمَ [ بَابَ مَنْ لَبَّى بِالْحَجِّ وَسَمَّاهُ ] وَسَاقَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860978قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقُولُ : لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ ، فَأَمَرَنَا [ ص: 367 ] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً ، وَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْلَالِ كَانَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ ، وَذَكَرَ
مُجَاهِدٌ ذَلِكَ الْوَجْهَ ، وَهُوَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانُوا فَرَضُوا الْحَجَّ أَوَّلًا ، بَلْ أَمَرَهُمْ أَنْ يُهِلُّوا مُطْلَقًا وَيَنْتَظِرُوا مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ ، وَكَذَلِكَ أَهَلَّ
عَلِيٌّ بِالْيَمَنِ ، وَكَذَلِكَ كَانَ إِحْرَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860979لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَكَأَنَّهُ خَرَجَ يَنْتَظِرُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَيَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=860980أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقَالَ قُلْ حَجَّةً فِي عُمْرَةٍ .
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنَ الْمُتْعَةِ : مُتْعَةُ الْمُحْصَرِ وَمَنْ صُدَّ عَنْ
الْبَيْتِ ، ذَكَرَ
يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا
أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ حَدَّثَنَا
وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ وَاللَّهُ لَيْسَ التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ كَمَا تَصْنَعُونَ ، وَلَكِنِ التَّمَتُّعُ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ حَاجًّا فَيَحْبِسُهُ عَدُوٌّ أَوْ أَمْرٌ يُعْذَرُ بِهِ حَتَّى تَذْهَبَ أَيَّامُ الْحَجِّ ، فَيَأْتِي
الْبَيْتَ فَيَطُوفُ وَيَسْعَى بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، ثُمَّ يَتَمَتَّعُ بِحِلِّهِ إِلَى الْعَامِ الْمُسْتَقْبِلِ ثُمَّ يَحُجُّ وَيُهْدِي .
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي حُكْمِ الْمُحْصَرِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مُبَيِّنًا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُحْصَرَ لَا يَحِلُّ وَلَكِنَّهُ يَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يُذْبَحَ عَنْهُ الْهَدْي يَوْمَ النَّحْرِ ، ثُمَّ يَحْلِقُ وَيَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَقْدَمَ مَكَّةَ فَيَتَحَلَّلُ مِنْ حَجِّهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ
ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلَافَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بَعْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي حُكْمِ الْإِحْصَارِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حِينَ أُحْصِرُوا
بِالْحُدَيْبِيَةِ حَلُّوا وَحَلَّ ، وَأَمَرَهُمْ بِالْإِحْلَالِ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا
nindex.php?page=treesubj&link=3739لِمَ سُمِّيَ الْمُتَمَتِّعُ مُتَمَتِّعًا ، فَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِكُلِ مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ فِعْلُهُ مِنْ وَقْتِ حِلِّهِ فِي الْعُمْرَةِ إِلَى وَقْتِ إِنْشَائِهِ الْحَجَّ . وَقَالَ غَيْرُهُ : سُمِّيَ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْعُمْرَةِ أَنْ تُقْصَدَ بِسَفَرٍ ، وَحَقَّ الْحَجِّ كَذَلِكَ ، فَلَمَّا تَمَتَّعَ بِإِسْقَاطِ أَحَدِهِمَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ هَدْيًا ، كَالْقَارِنِ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَعَمُّ ، فَإِنَّهُ يَتَمَتَّعُ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لِلْحَلَالِ أَنْ يَفْعَلَهُ ، وَسَقَطَ عَنْهُ السَّفَرُ بِحَجِّهِ مِنْ بَلَدِهِ ، وَسَقَطَ عَنْهُ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ فِي الْحَجِّ ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي كَرِهَهُ
عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَقَالَا أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : يَأْتِي أَحَدُكُمْ مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ هَذَا ، وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : إِنَّمَا كَرِهَهُ
عُمَرُ لِأَنَّهُ أَحَبُّ أَنْ يُزَارَ
الْبَيْتُ فِي الْعَامِ
[ ص: 368 ] مَرَّتَيْنِ : مَرَّةً فِي الْحَجِّ ، وَمَرَّةً فِي الْعُمْرَةِ ، وَرَأَى الْإِفْرَادَ أَفْضَلَ ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِهِ وَيَمِيلُ إِلَيْهِ وَيَنْهَى عَنْ غَيْرِهِ اسْتِحْبَابًا ، وَلِذَلِكَ قَالَ : افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ ، فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ .
الْخَامِسَةُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3749اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَمَنْزِلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ : لَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا صِيَامَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : هُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ، حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ . قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ يُقَالُ : عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتْعَةٌ ، رَوَاهُ
هُشَيْمٌ عَنْ
يُونُسَ عَنِ
الْحَسَنِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
يُونُسَ عَنِ
الْحَسَنِ : لَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ . وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ، هَكَذَا ذَكَرَ
أَبُو عُمَرَ " حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ " وَلَمْ يَذْكُرْهُ
ابْنُ الْمُنْذِرِ . قَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَحَجَّتُهُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ قَوْلُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ : رَاجِعًا إِلَى أَهْلِهِ وَغَيْرَ رَاجِعٍ ، وَلَوْ كَانَ لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي ذَلِكَ مُرَادٌ لَبَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلُ قَوْلِ
الْحَسَنِ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ أَيْضًا ، وَلَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : مَنِ اعْتَمَرَ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَهِيَ مُتْعَةٌ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
طَاوُسٍ قَوْلَانِ هُمَا أَشَدُّ شُذُوذًا مِمَّا ذَكَرْنَا عَنِ
الْحَسَنِ أَحَدُهُمَا : أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3747اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتَ الْحَجِّ ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ . هَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُهُ ، وَلَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ، وَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ شُهُورَ الْحَجِّ أَحَقُّ بِالْحَجِّ مِنَ الْعُمْرَةِ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3955الْعُمْرَةَ جَائِزَةٌ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا ، وَالْحَجُّ إِنَّمَا مَوْضِعُهُ شُهُورٌ مَعْلُومَةٌ ، فَإِذَا جَعَلَ أَحَدٌ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَدْ جَعَلَهَا فِي مَوْضِعٍ كَانَ الْحَجُّ أَوْلَى بِهِ ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ رَخَّصَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَمَلِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِلْمُتَمَتِّعِ وَلِلْقَارِنِ وَلِمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْرِدَهَا ، رَحْمَةً مِنْهُ ، وَجَعَلَ فِيهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ قَالَهُ فِي الْمَكِّيِّ إِذَا تَمَتَّعَ مِنْ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ ، وَهَذَا لَمْ يُعَرَّجْ عَلَيْهِ ، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالتَّمَتُّعُ الْجَائِزُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ مَا أَوْضَحْنَاهُ بِالشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا .
السَّادِسَةُ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=3751أَنَّ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ لَوْ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَازِمًا عَلَى الْإِقَامَةِ بِهَا ثُمَّ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَحَجَّ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ ، عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ ، وَأَجْمَعُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3751الْمَكِّيِّ يَجِيءُ مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ يُنْشِئُ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ وَأَهْلُهُ [ ص: 369 ] بِمَكَّةَ وَلَمْ يَسْكُنْ سِوَاهَا أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا سَكَنَ غَيْرَهَا وَسَكَنَهَا وَكَانَ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ وَفِي غَيْرِهَا ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=3751إِنِ انْتَقَلَ مِنْ مَكَّةَ بِأَهْلِهِ ثُمَّ قَدِمَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُعْتَمِرًا فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ .
السَّابِعَةُ : وَاتَّفَقَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَطُوفُ لِعُمْرَتِهِ
بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَعَلَيْهِ بَعْدُ أَيْضًا طَوَافٌ آخَرُ لِحَجِّهِ وَسَعْي بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَرُوِيَ عَنْ
عَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ أَنَّهُ يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3758طَوَافُ الْقَارِنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ .
الثَّامِنَةُ : وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27981أَنْشَأَ عُمْرَةً فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ عَمِلَ لَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، فَقَالَ
مَالِكٌ : عُمْرَتُهُ فِي الشَّهْرِ الَّذِي حَلَّ فِيهِ ، يُرِيدُ إِنْ كَانَ حَلَ مِنْهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ ، وَإِنْ كَانَ حَلَ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=28114إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لِلْعُمْرَةِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا تَكْمُلُ بِالطَّوَافِ
بِالْبَيْتِ ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى كَمَالِهَا ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14152وَالْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16438وَابْنِ شُبْرُمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ : عُمْرَتُهُ لِلشَّهْرِ الَّذِي أَهَلَّ فِيهِ ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَقَالَ
طَاوُسٌ : عُمْرَتُهُ لِلشَّهْرِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ
الْحَرَمَ ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : إِنْ طَافَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فِي رَمَضَانَ ، وَأَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فِي شَوَّالَ فَحَجَّ مِنْ عَامِهِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ ، وَإِنْ طَافَ فِي رَمَضَانَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ ، وَفِي شَوَّالٍ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا ، وَقَالَ
أَبُو ثَوْرٍ : إِذَا دَخَلَ فِي الْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَسَوَاءٌ أَطَافَ لَهَا فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي شَوَّالٍ لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الْعُمْرَةِ مُتَمَتِّعًا ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ
أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ : عُمْرَتُهُ لِلشَّهْرِ الَّذِي أَهَلَّ فِيهِ .
التَّاسِعَةُ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27634لِمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا الْحَجُّ مَا لَمْ يَفْتَتِحِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ ، وَيَكُونُ قَارِنًا بِذَلِكَ ، يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْقَارِنَ الَّذِي أَنْشَأَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَعًا . وَاخْتَلَفُوا فِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ الطَّوَافَ ، فَقَالَ
مَالِكٌ : يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَصِيرُ قَارِنًا مَا لَمَّ طَوَافَهُ ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالْمَشْهُورَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا قَبْلَ الْأَخْذِ فِي الطَّوَافِ ، وَقَدْ قِيلَ : لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ مَا لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَوْلُ
مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ، فَإِذَا طَافَ الْمُعْتَمِرُ شَوْطًا وَاحِدًا لِعُمْرَتِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ صَارَ قَارِنًا ، وَسَقَطَ عَنْهُ بَاقِي عُمْرَتِهِ وَلَزِمَهُ دَمُ الْقِرَانِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي أَضْعَافِ طَوَافِهِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ مَا لَمْ يُكْمِلِ السَّعْيَ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَهَذَا كُلُّهُ شُذُوذٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : إِذَا طَافَ
[ ص: 370 ] لِعُمْرَتِهِ شَوْطًا وَاحِدًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا ، وَمَضَى عَلَى عُمْرَتِهِ حَتَّى يُتِمَّهَا ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ ، وَبِهِ قَالَ
أَبُو ثَوْرٍ .
الْعَاشِرَةُ : وَاخْتَلَفُوا فِي إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ ، فَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ : لَا تَدْخُلُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ ، وَمَنْ أَضَافَ الْعُمْرَةَ إِلَى الْحَجِّ فَلَيْسَتِ الْعُمْرَةُ بِشَيْءٍ ، قَالَهُ
مَالِكٌ ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ
بِمِصْرَ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ : يَصِيرُ قَارِنًا ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْقَارِنِ مَا لَمْ يَطُفْ بِحَجَّتِهِ شَوْطًا وَاحِدًا ، فَإِنْ طَافَ لَمْ يَلْزَمْهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ فِي الْحَجِّ . قَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَبِقَوْلِ
مَالِكٍ أَقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : قَالَ
مَالِكٌ : مَنْ أَهْدَى هَدْيًا لِلْعُمْرَةِ وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ لِمُتْعَتِهِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا إِذَا أَنْشَأَ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ : لَا يَنْحَرُ هَدْيَهُ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ ، وَقَالَ
أَحْمَدُ : إِنْ قَدِمَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ الْعَشْرِ طَافَ وَسَعَى وَنَحَرَ هَدْيَهُ ، وَإِنْ قَدِمَ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَنْحَرْ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ ، وَقَالَهُ
عَطَاءٌ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ إِذَا طَافَ وَسَعَى ، سَاقَ هَدْيًا أَوْ لَمْ يَسُقْهُ .
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : وَاخْتَلَفَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمُتَمَتِّعِ يَمُوتُ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ إِذَا كَانَ وَاجِدًا لِذَلِكَ ، حَكَاهُ
الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ ، وَرَوَى
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُتَمَتِّعِ يَمُوتُ بَعْدَ مَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ
بِعَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا ، أَتَرَى عَلَيْهِ هَدْيًا ؟ قَالَ : مَنْ مَاتَ مِنْ أُولَئِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ هَدْيًا ، وَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ . قِيلَ لَهُ : مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنَ الثُّلُثِ ؟ قَالَ : بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ .
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ .