[ ص: 476 ] القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_31756_19785nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ( 191 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك تعالى ذكره : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ويتفكرون في خلق السماوات والأرض " قائلين : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ربنا ما خلقت هذا باطلا " ، فترك ذكر"قائلين" ، إذ كان فيما ظهر من الكلام دلالة عليه .
وقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ما خلقت هذا باطلا " يقول : لم تخلق هذا الخلق عبثا ولا لعبا ، ولم تخلقه إلا لأمر عظيم من ثواب وعقاب ومحاسبة ومجازاة ، وإنما قال : "ما خلقت هذا باطلا" ولم يقل : "ما خلقت هذه ، ولا هؤلاء" ، لأنه أراد ب"هذا" ، الخلق الذي في السماوات والأرض . يدل على ذلك قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191سبحانك فقنا عذاب النار " ، ورغبتهم إلى ربهم في أن يقيهم عذاب الجحيم . ولو كان المعني بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ما خلقت هذا باطلا " ، السموات والأرض ، لما كان لقوله عقيب ذلك : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191فقنا عذاب النار " ، معنى مفهوم . لأن"السموات والأرض" أدلة على بارئها ، لا على الثواب والعقاب ، وإنما الدليل على الثواب والعقاب ، الأمر والنهي .
وإنما وصف جل ثناؤه : " أولي الألباب " الذين ذكرهم في هذه الآية : أنهم إذا رأوا المأمورين المنهيين قالوا : "يا ربنا لم تخلق هؤلاء باطلا عبثا سبحانك" ، يعني : تنزيها لك من أن تفعل شيئا عبثا ، ولكنك خلقتهم لعظيم من الأمر ، لجنة أو نار .
ثم فزعوا إلى ربهم بالمسألة أن يجيرهم من عذاب النار ، وأن لا يجعلهم ممن عصاه وخالف أمره ، فيكونوا من أهل جهنم .
[ ص: 476 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_31756_19785nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( 191 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " قَائِلِينَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا " ، فَتَرَكَ ذِكْرَ"قَائِلِينَ" ، إِذْ كَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلَامِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ .
وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا " يَقُولُ : لَمْ تَخْلُقْ هَذَا الْخَلْقَ عَبَثًا وَلَا لَعِبًا ، وَلَمْ تَخْلُقْهُ إِلَّا لِأَمْرٍ عَظِيمٍ مِنْ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ وَمُحَاسَبَةٍ وَمُجَازَاةٍ ، وَإِنَّمَا قَالَ : "مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا" وَلَمْ يَقِلْ : "مَا خَلَقْتَ هَذِهِ ، وَلَا هَؤُلَاءِ" ، لِأَنَّهُ أَرَادَ بِ"هَذَا" ، الْخَلْقَ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " ، وَرَغْبَتُهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ فِي أَنْ يَقِيَهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ . وَلَوْ كَانَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا " ، السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ، لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ عَقِيبَ ذَلِكَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " ، مَعْنًى مَفْهُومٌ . لِأَنَّ"السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ" أَدِلَّةٌ عَلَى بَارِئِهَا ، لَا عَلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ، وَإِنَّمَا الدَّلِيلُ عَلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ، الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ .
وَإِنَّمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : " أُولِي الْأَلْبَابِ " الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : أَنَّهُمْ إِذَا رَأَوُا الْمَأْمُورِينِ الْمَنْهِيِّينِ قَالُوا : "يَا رَبَّنَا لَمْ تَخْلُقْ هَؤُلَاءِ بَاطِلًا عَبَثًا سُبْحَانَكَ" ، يَعْنِي : تَنْزِيهًا لَكَ مِنْ أَنْ تَفْعَلَ شَيْئًا عَبَثًا ، وَلَكِنَّكَ خَلَقْتَهُمْ لِعَظِيمٍ مِنَ الْأَمْرِ ، لِجَنَّةٍ أَوْ نَارٍ .
ثُمَّ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِالْمَسْأَلَةِ أَنْ يُجِيرَهُمْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ، وَأَنْ لَا يَجْعَلَهُمْ مِمَّنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ ، فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ جَهَنَّمَ .