[ ص: 213 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين    ( 28 ) ) 
قال أبو جعفر   : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن المقتول من ابني آدم  أنه قال لأخيه لما قال له أخوه القاتل : لأقتلنك : والله" لئن بسطت إلي يدك   " ، يقول : مددت إلي يدك " لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك " ، يقول : ما أنا بماد يدي إليك " لأقتلك " . 
وقد اختلف في السبب الذي من أجله قال المقتول ذلك لأخيه ، ولم يمانعه ما فعل به . فقال بعضهم : قال ذلك إعلاما منه لأخيه القاتل أنه لا يستحل قتله ، ولا بسط يده إليه بما لم يأذن الله جل وعز له به . 
ذكر من قال ذلك : 
11727 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا عوف ،  عن أبي المغيرة ،  عن عبد الله بن عمرو  أنه قال : وايم الله ، إن كان المقتول لأشد الرجلين ، ولكن منعه التحرج أن يبسط إلى أخيه . 
11728 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي  قال : حدثني عمي  قال : حدثني أبي ،  عن أبيه ،  عن ابن عباس   : " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك   " ، ما أنا بمنتصر ، ولأمسكن يدي عنك .  [ ص: 214 ] 
وقال آخرون : لم يمنعه مما أراد من قتله ، وقال ما قال له مما قص الله في كتابه : [ إلا ] أن الله عز ذكره فرض عليهم أن لا يمتنع من أريد قتله ممن أراد ذلك منه . 
ذكر من قال ذلك : 
11729 - حدثني الحارث  قال : حدثنا عبد العزيز  قال : حدثنا رجل سمع  مجاهدا  يقول في قوله : " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك   " ، قال مجاهد   : كان كتب عليهم ، إذا أراد الرجل أن يقتل رجلا تركه ولا يمتنع منه . 
قال أبو جعفر   : وأولى القولين في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله عز ذكره قد كان حرم عليهم قتل نفس بغير نفس ظلما ، وأن المقتول قال لأخيه : " ما أنا بباسط يدي إليك  إن بسطت إلي يدك " ، لأنه كان حراما عليه من قتل أخيه مثل الذي كان حراما على أخيه القاتل من قتله . فأما الامتناع من قتله حين أراد قتله فلا دلالة على أن القاتل حين أراد قتله وعزم عليه ، كان المقتول عالما بما هو عليه عازم منه ومحاول من قتله ، فترك دفعه عن نفسه . بل قد ذكر جماعة من أهل العلم أنه قتله غيلة ، اغتاله وهو نائم ، فشدخ رأسه بصخرة . فإذ كان ذلك ممكنا ، ولم يكن في الآية دلالة على أنه كان مأمورا بترك منع أخيه من قتله ، يكن جائزا ادعاء ما ليس في الآية ، إلا ببرهان يجب تسليمه . 
وأما تأويل قوله : " إني أخاف الله رب العالمين " فإنه : إني أخاف الله في بسط يدي إليك إن بسطتها لقتلك " رب العالمين " ، يعني : مالك الخلائق كلها أن يعاقبني على بسط يدي إليك . 
				
						
						
