القول في تأويل قوله ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   )  
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد ،  لهؤلاء الجهلة من العرب الذين يتعرون عند طوافهم بالبيت ، ويحرمون على أنفسهم ما أحللت لهم من طيبات الرزق : من حرم ، أيها القوم ، عليكم زينة الله التي خلقها لعباده أن تتزينوا بها وتتجملوا بلباسها ، والحلال من رزق الله  [ ص: 396 ] الذي رزق خلقه لمطاعمهم ومشاربهم . 
واختلف أهل التأويل في المعني : ب " الطيبات من الرزق " ، بعد إجماعهم على أن " الزينة " ما قلنا . 
فقال بعضهم : " الطيبات من الرزق " في هذا الموضع ، اللحم . وذلك أنهم كانوا لا يأكلونه في حال إحرامهم . 
ذكر من قال ذلك منهم : 
14534 - حدثني محمد بن الحسين  قال ، حدثنا أحمد بن المفضل  قال ، حدثنا أسباط  ، عن  السدي  في قوله : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   ) ، وهو الودك  . 
14535 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد  في قوله : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   ) ، الذي حرموا على أنفسهم . قال : كانوا إذا حجوا أو اعتمروا ، حرموا الشاة عليهم وما يخرج منها  . 
14536 - وحدثني به يونس  مرة أخرى قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد  في قوله : ( قل من حرم زينة الله   ) إلى آخر الآية ، قال : كان قوم يحرمون ما يخرج من الشاة ، لبنها وسمنها ولحمها ، فقال الله : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   ) ، قال : والزينة من الثياب  . 
14537 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا  حبان بن موسى  قال ، أخبرنا ابن المبارك  ، عن سفيان  ، عن رجل ، عن الحسن  قال : لما بعث الله محمدا  فقال :  [ ص: 397 ]  " هذا نبيي ، هذا خياري ، استنوا به " ، خذوا في سننه وسبيله ، لم تغلق دونه الأبواب ، ولم تقم دونه الحجبة ، ولم يغد عليه بالجفان ، ولم يرجع عليه بها ، وكان يجلس بالأرض ، ويأكل طعامه بالأرض ، ويلعق يده ، ويلبس الغليظ ، ويركب الحمار ، ويردف بعده ، وكان يقول : " من رغب عن سنتي فليس مني  " . قال الحسن : فما أكثر الراغبين عن سنته ، التاركين لها! ثم إن علوجا فساقا ، أكلة الربا والغلول ، قد سفههم ربي ومقتهم ، زعموا أن لا بأس عليهم فيما أكلوا وشربوا ، وزخرفوا هذه البيوت ، يتأولون هذه الآية : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   ) ، وإنما جعل ذلك لأولياء الشيطان ، قد جعلها ملاعب لبطنه وفرجه ، من كلام لم يحفظه سفيان   . 
وقال آخرون : بل عنى بذلك ما كانت الجاهلية تحرم من البحائر والسوائب .  [ ص: 398 ] 
ذكر من قال ذلك : 
14538 - حدثنا بشر بن معاذ  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد  ، عن قتادة   : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   ) ، وهو ما حرم أهل الجاهلية عليهم من أموالهم : البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام  . 
14539 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا عبد الله بن صالح  قال ، حدثني معاوية بن صالح  ، عن علي  ، عن ابن عباس  قوله : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   ) ، قال : إن الجاهلية كانوا يحرمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها ، وهو قول الله : ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا   ) ، [ سورة يونس : 59 ] ، وهو هذا ، فأنزل الله : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق   ) 
				
						
						
