القول في ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولما رجع موسى إلى قومه من بني إسرائيل ، رجع غضبان أسفا ، لأن الله كان قد أخبره أنه قد فتن قومه ، وأن السامري قد أضلهم ، فكان رجوعه غضبان أسفا لذلك .
و"الأسف" شدة الغضب ، والتغيظ به على من أغضبه ، كما : -
15124 - حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال ، حدثنا عبد السلام بن محمد الحضرمي قال ، حدثني شريح بن يزيد قال ، سمعت نصر بن علقمة يقول : قال أبو الدرداء : قول الله : " غضبان أسفا " ، قال : "الأسف" ، منزلة وراء الغضب ، [ ص: 121 ] أشد من ذلك ، وتفسير ذلك في كتاب الله : ذهب إلى قومه غضبان ، وذهب أسفا .
وقال آخرون في ذلك ما : -
15125 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن : "أسفا" ، قال : حزينا . السدي
15126 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا " ، يقول : "أسفا" ، "حزينا" ، وقال في "الزخرف" : ( فلما آسفونا ) [ سورة الزخرف : 55 ] ، يقول : أغضبونا و"الأسف" ، على وجهين : الغضب ، والحزن .
15127 - حدثنا نصر بن علي قال ، حدثنا سليمان بن سليمان قال ، حدثنا مالك بن دينار قال ، سمعت الحسن يقول في قوله : " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا " ، قال : غضبان حزينا .
وقوله : " قال بئسما خلفتموني من بعدي " ، يقول : بئس الفعل فعلتم بعد فراقي إياكم وأوليتموني فيمن خلفت ورائي من قومي فيكم ، وديني الذي أمركم به ربكم . يقال منه : "خلفه بخير" ، و"خلفه بشر" ، إذا أولاه في أهله أو قومه ومن كان منه بسبيل من بعد شخوصه عنهم ، خيرا أو شرا .
وقوله : " أعجلتم أمر ربكم " ، يقول : أسبقتم أمر ربكم في نفوسكم ، وذهبتم عنه؟ [ ص: 122 ]
يقال منه : "عجل فلان هذا الأمر" ، إذا سبقه و"عجل فلان فلانا" ، إذا سبقه "ولا تعجلني يا فلان" ، لا تذهب عني وتدعني و"أعجلته" : استحثثته .