القول في تأويل قوله ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت  إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون   ( 163 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : واسأل ، يا محمد ،  هؤلاء اليهود ،  وهم مجاوروك ، عن أمر " القرية التي كانت حاضرة البحر   " ، يقول : كانت بحضرة البحر ، أي بقرب البحر وعلى شاطئه . 
واختلف أهل التأويل فيها .  [ ص: 180 ] 
فقال بعضهم : هي "أيلة" . 
ذكر من قال ذلك : 
15252 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا ابن إدريس  ، عن محمد بن إسحاق  ، عن  داود بن حصين  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر   " ، قال : هي قرية يقال لها " أيلة   " ، بين مدين  والطور   . 
15253 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج  ، عن  ابن جريج  ، عن عبد الله بن كثير  في قوله : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر   " قال : سمعنا أنها أيلة   . 
15254 - حدثني سلام بن سالم الخزاعي  قال ، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي  قال ، حدثنا  ابن جريج  ، عن عكرمة  قال : دخلت على ابن عباس  والمصحف في حجره وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك ، جعلني الله فداك؟ فقال : ويلك ، وتعرف القرية التي كانت حاضرة البحر؟ فقلت : تلك أيلة   ! 
15255 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن أبي بكر الهذلي  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر   " ، قال : هي أيلة   . 
15256 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا عبد الله بن صالح  قال ، حدثني معاوية  ، عن علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس  قال : هي قرية على شاطئ البحر ، بين مصر  والمدينة ،  يقال لها : " أيلة   " .  [ ص: 181 ] 
15257 - حدثنا موسى بن هارون  قال ، حدثنا عمرو  قال ، حدثنا أسباط  ، عن  السدي  قال : هم أهل أيلة  ، القرية التي كانت حاضرة البحر . 
15258 - حدثني الحارث  قال ، حدثنا أبو سعد  ، عن مجاهد  في قوله : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر   " ، قال : أيلة   . 
وقال آخرون : معناه : ساحل مدين   . 
15259 - حدثنا بشر بن معاذ  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد  ، عن قتادة   : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر   " الآية ، ذكر لنا أنها كانت قرية على ساحل البحر ، يقال لها أيلة   . 
وقال آخرون : هي مقنا . 
ذكر من قال ذلك : 
15260 - حدثني يونس  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد  في قوله : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر   " ، قال : هي قرية يقال لها " مقنا   " ، بين مدين  وعينوني   .  [ ص: 182 ] 
وقال آخرون : هي مدين   . 
ذكر من قال ذلك : 
15261 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا سلمة  قال ، حدثني محمد بن إسحاق  ، عن  داود بن الحصين  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  قال : هي قرية بين أيلة  والطور ،  يقال لها " مدين   " . 
قال أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك أن يقال : هي قرية حاضرة البحر وجائز أن تكون أيلة  وجائز أن تكون مدين  وجائز أن تكون مقنا  لأن كل ذلك حاضرة البحر ، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع العذر بأي ذلك من أي ، والاختلاف فيه على ما وصفت . ولا يوصل إلى علم ما قد كان فمضى مما لم نعاينه ، إلا بخبر يوجب العلم . ولا خبر كذلك في ذلك . 
وقوله : " إذ يعدون في السبت   " ، يعني به أهله ، إذ يعتدون في السبت أمر الله ، ويتجاوزونه إلى ما حرمه الله عليهم . 
يقال منه : "عدا فلان أمري" و"اعتدى" ، إذا تجاوزه .  [ ص: 183 ] 
وكان اعتداؤهم في السبت : أن الله كان حرم عليهم السبت ، فكانوا يصطادون فيه السمك . 
" إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا   " ، يقول : إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم الذي نهوا فيه العمل "شرعا" ، يقول : شارعة ظاهرة على الماء من كل طريق وناحية ، كشوارع الطرق ، كالذي : - 
15262 - حدثنا أبو كريب  قال ، حدثنا عثمان بن سعيد ،  عن بشر بن عمارة  ، عن أبي روق  ، عن الضحاك ،  عن ابن عباس   : " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا   " ، يقول : ظاهرة على الماء . 
15263 - حدثني محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس   : "شرعا" ، يقول : من كل مكان . 
وقوله : " ويوم لا يسبتون   " ، يقول : ويوم لا يعظمونه تعظيمهم السبت ، وذلك سائر الأيام غير يوم السبت " لا تأتيهم   " ، الحيتان " كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون   " ، يقول : كما وصفنا لكم من الاختبار والابتلاء الذي ذكرنا ، بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده ، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل صيده " كذلك نبلوهم   " ، ونختبرهم " بما كانوا يفسقون   " ،  [ ص: 184 ] يقول : بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها . 
واختلفت القرأة في قراءة قوله : " ويوم لا يسبتون   " . 
فقرئ بفتح "الياء" من ( يسبتون ) من قول القائل : "سبت فلان يسبت سبتا وسبوتا" ، إذا عظم "السبت" . 
وذكر عن  الحسن البصري  أنه كان يقرأه : ( ويوم لا يسبتون ) بضم الياء . من "أسبت القوم يسبتون" ، إذا دخلوا في "السبت" ، كما يقال : "أجمعنا" ، مرت بنا جمعة ، و"أشهرنا" مر بنا شهر ، و"أسبتنا" ، مر بنا سبت . 
ونصب "يوم" من قوله : " ويوم لا يسبتون   " ، بقوله : "لا تأتيهم" ، لأن معنى الكلام : لا تأتيهم يوم لا يسبتون . 
				
						
						
