القول في تأويل قوله ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله  ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون   ( 188 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد ،  لسائليك عن الساعة : " أيان مرساها ؟   " ( لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا   ) ،  [ ص: 302 ] يقول : لا أقدر على اجتلاب نفع إلى نفسي ، ولا دفع ضر يحل بها عنها إلا ما شاء الله أن أملكه من ذلك ، بأن يقويني عليه ويعينني ( ولو كنت أعلم الغيب   ) ، يقول : لو كنت أعلم ما هو كائن مما لم يكن بعد ( لاستكثرت من الخير   ) ، يقول : لأعددت الكثير من الخير . 
ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الخير " الذي عناه الله بقوله : ( لاستكثرت من الخير    ) . فقال بعضهم : معنى ذلك : لاستكثرت من العمل الصالح . 
ذكر من قال ذلك : 
15494 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  قال : قال  ابن جريج   : قوله : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا   ) قال : الهدى والضلالة ( لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير   ) قال : " أعلم الغيب " ، متى أموت لاستكثرت من العمل الصالح . 
15495 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  ، مثله . 
15496 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  ، في قوله : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء   ) ، : قال : لاجتنبت ما يكون من الشر واتقيته . 
وقال آخرون : معنى ذلك : " ولو كنت أعلم الغيب   " لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة ، ولعرفت الغلاء من الرخص ، واستعددت له في الرخص .  [ ص: 303 ] 
وقوله : ( وما مسني السوء   ) ، يقول : وما مسني الضر ( إن أنا إلا نذير وبشير   ) ، يقول : ما أنا إلا رسول لله أرسلني إليكم ، أنذر عقابه من عصاه منكم وخالف أمره ، وأبشر بثوابه وكرامته من آمن به وأطاعه منكم . 
وقوله : ( لقوم يؤمنون   ) ، يقول : يصدقون بأني لله رسول ، ويقرون بحقيقة ما جئتهم به من عنده . 
				
						
						
