[ ص: 92 ] [ ص: 93 ] [ ص: 94 ] [ ص: 95 ] القول في تفسير السورة التي يذكر فيها التوبة
القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28980_30945_32273تأويل قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين ( 2 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله ) ، هذه براءة من الله ورسوله .
ف"براءة" ، مرفوعة بمحذوف ، وهو "هذه" ، كما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1سورة أنزلناها ) ، [ سورة النور : 1 ] ، مرفوعة بمحذوف هو "هذه" . ولو قال قائل : "براءة" مرفوعة بالعائد من ذكرها في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1إلى الذين عاهدتم ) ، وجعلها كالمعرفة ترفع ما بعدها ، إذ كانت قد صارت بصلتها وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1من الله ورسوله ) ، كالمعرفة ، وصار معنى الكلام : البراءة من الله ورسوله ، إلى الذين عاهدتم من المشركين كان مذهبا غير مدفوعة صحته ، وإن كان القول الأول أعجب إلي؛ لأن من شأن العرب أن يضمروا لكل معاين نكرة كان أو معرفة ذلك المعاين ، "هذا" و"هذه" ، فيقولون عند معاينتهم الشيء الحسن : "حسن والله" ، والقبيح : "قبيح والله" ، يريدون : هذا حسن والله ، وهذا قبيح والله ، فلذلك اخترت القول الأول .
[ ص: 96 ]
وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم ) ، والمعنى : إلى الذين عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين ، لأن العهود بين المسلمين والمشركين عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكن يتولى عقدها إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو من يعقدها بأمره ، ولكنه خاطب المؤمنين بذلك لعلمهم بمعناه ، وأن عقود - النبي صلى الله عليه وسلم - على أمته كانت عقودهم ، لأنهم كانوا لكل أفعاله فيهم راضين ، ولعقوده عليهم مسلمين ، فصار عقده عليهم كعقودهم على أنفسهم ، فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1إلى الذين عاهدتم من المشركين ) ، لما كان من عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده .
وقد اختلف أهل التأويل فيمن برئ الله ورسوله إليه من العهد الذي كان بينه وبين رسول الله من المشركين ، فأذن له في السياحة في الأرض أربعة أشهر .
فقال بعضهم : هم صنفان من المشركين : أحدهما كانت مدة العهد بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل من أربعة أشهر ، وأمهل بالسياحة أربعة أشهر ، والآخر منهما : كانت مدة عهده بغير أجل محدود ، فقصر به على أربعة أشهر ليرتاد لنفسه ، ثم هو حرب بعد ذلك لله ولرسوله وللمؤمنين ، يقتل حيثما أدرك ويؤسر ، إلا أن يتوب .
ذكر من قال ذلك :
16356 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضى الله عنه أميرا على الحاج من سنة تسع ، ليقيم للناس حجهم ، والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم ، فخرج
أبو بكر ومن معه من المسلمين ، ونزلت سورة "براءة" في نقض ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم : أن لا يصد عن البيت أحد جاءه ، وأن لا يخاف أحد في الشهر الحرام . وكان ذلك عهدا عاما بينه وبين الناس من أهل الشرك . وكانت بين
[ ص: 97 ] ذلك عهود بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قبائل من العرب خصائص إلى أجل مسمى ، فنزلت فيه وفيمن تخلف عنه من المنافقين في تبوك ، وفي قول من قال منهم ، فكشف الله فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون ، منهم من سمي لنا ، ومنهم من لم يسم لنا ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) ، أي : لأهل العهد العام من أهل الشرك من العرب (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3أن الله بريء من المشركين ورسوله ) ، أي : بعد هذه الحجة .
وقال آخرون : بل كان إمهال الله - عز وجل - بسياحة أربعة أشهر ، من كان من المشركين بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ، فأما من لم يكن له من رسول الله عهد ، فإنما كان أجله خمسين ليلة ، وذلك عشرون من ذي الحجة والمحرم كله . قالوا : وإنما كان ذلك كذلك ، لأن أجل الذين لا عهد لهم كان إلى انسلاخ الأشهر الحرم ، كما قال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ، الآية [ سورة التوبة : 5 ] . قالوا : والنداء ببراءة ، كان يوم الحج الأكبر ، وذلك يوم النحر في قول قوم ، وفي قول آخرين يوم عرفة ، وذلك خمسون يوما . قالوا : وأما تأجيل الأشهر الأربعة ، فإنما كان لأهل العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من يوم نزلت "براءة" . قالوا : ونزلت في أول شوال ، فكان انقضاء مدة أجلهم ، انسلاخ الأشهر الحرم . وقد كان بعض من يقول هذه المقالة يقول : ابتداء التأجيل كان للفريقين واحدا أعني الذي له العهد ، والذي لا عهد له غير أن أجل الذي كان له عهد كان أربعة أشهر ، والذي لا عهد له انسلاخ الأشهر الحرم ، وذلك انقضاء المحرم .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 98 ]
16357 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، قال : حد الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر ، يسيحون فيها حيثما شاؤوا ، وحد أجل من ليس له عهد ، انسلاخ الأشهر الحرم من يوم النحر إلى انسلاخ المحرم ، فذلك خمسون ليلة ، فإذا انسلخ الأشهر الحرم ، أمره بأن يضع السيف فيمن عاهد .
16358 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قال : لما نزلت (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ) ، إلى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2وأن الله مخزي الكافرين ) ، يقول : براءة من المشركين الذين كان لهم عهد يوم نزلت "براءة" ، فجعل مدة من كان له عهد قبل أن تنزل "براءة" ، أربعة أشهر ، وأمرهم أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر . وجعل مدة المشركين الذين لم يكن لهم عهد قبل أن تنزل "براءة" ، انسلاخ الأشهر الحرم ، وانسلاخ الأشهر الحرم من يوم أذن ببراءة إلى انسلاخ المحرم ، وهي خمسون ليلة : عشرون من ذي الحجة ، وثلاثون من المحرم (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5واقعدوا لهم كل مرصد ) ، يقول : لم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت "براءة" وانسلخ الأشهر الحرم ، ومدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل "براءة" ، أربعة أشهر من يوم أذن ببراءة ، إلى عشر من أول ربيع الآخر ، فذلك أربعة أشهر .
16359 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ قال : حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) . قبل أن تنزل "براءة" ، عاهد ناسا من المشركين من
أهل مكة وغيرهم ، فنزلت : براءة من الله إلى كل أحد ممن كان عاهدك من المشركين ، فإني أنقض العهد الذي بينك وبينهم ، فأؤجلهم أربعة أشهر يسيحون
[ ص: 99 ] حيث شاؤوا من الأرض آمنين . وأجل من لم يكن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد انسلاخ الأشهر الحرم ، من يوم أذن ببراءة ، وأذن بها يوم النحر ، فكان عشرين من ذي الحجة والمحرم ثلاثين ، فذلك خمسون ليلة ، فأمر الله نبيه إذا انسلخ المحرم أن يضع السيف فيمن لم يكن بينه وبين نبي الله صلى الله عليه وسلم عهد ، يقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام . وأمر بمن كان له عهد إذا انسلخ أربعة من يوم النحر ، أن يضع فيهم السيف أيضا ، يقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام ، فكانت مدة من لا عهد بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين ليلة من يوم النحر ، ومدة من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ، أربعة أشهر : من يوم النحر ، إلى عشر يخلون من شهر ربيع الآخر .
16360 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله ) ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3وبشر الذين كفروا بعذاب أليم ) ، قال : ذكر لنا أن
عليا نادى بالأذان ، وأمر على الحاج
أبو بكر رحمة الله عليهما . وكان العام الذي حج فيه المسلمون والمشركون ، ولم يحج المشركون بعد ذلك العام . قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1الذين عاهدتم من المشركين ) ، إلى قوله : ( إلى مدتهم ) ، قال : هم مشركو
قريش ، الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية ، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر ، وأمر الله نبيه أن يوفي بعهدهم إلى مدتهم ، ومن لا عهد له انسلاخ المحرم ، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده ، وأمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله ، ولا يقبل منهم إلا ذلك .
وقال آخرون : كان ابتداء تأخير المشركين أربعة أشهر وانقضاء ذلك لجميعهم ، وقتا واحدا . قالوا : وكان ابتداؤه يوم الحج الأكبر ، وانقضاؤه انقضاء عشر من ربيع الآخر .
ذكر من قال ذلك :
16361 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) ،
[ ص: 100 ] قال : لما نزلت هذه الآية . برئ من عهد كل مشرك ، ولم يعاهد بعدها إلا من كان عاهد ، وأجرى لكل مدتهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، لمن دخل عهده فيها ، من عشر ذي الحجة والمحرم ، وصفر ، وشهر ربيع الأول ، وعشر من ربيع الآخر .
16362 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
أبو معشر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812233بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الموسم سنة تسع ، وبعث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، بثلاثين أو أربعين آية من "براءة" ، فقرأها على الناس ، يؤجل المشركين أربعة أشهر يسيحون في الأرض ، فقرأ عليهم "براءة" يوم عرفة ، أجل المشركين عشرين من ذي الحجة ، والمحرم ، وصفر ، وشهر ربيع الأول ، وعشرا من ربيع الآخر ، وقرأها عليهم في منازلهم ، وقال : لا يحجن بعد عامنا هذا مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان .
16363 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، عشرون من ذي الحجة ، والمحرم ، وصفر ، وربيع الأول ، وعشر من ربيع الآخر . كان ذلك عهدهم الذي بينهم .
16364 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله ) ، إلى أهل العهد :
خزاعة ،
ومدلج ، ومن كان له عهد منهم أو غيرهم . أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من
تبوك حين فرغ ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج ، ثم قال : إنه يحضر المشركون فيطوفون عراة ، فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك ، فأرسل
أبا بكر وعليا رحمة الله عليهما فطافا بالناس بذي المجاز ، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها ، وبالموسم كله ، وآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر ، فهي الأشهر المتواليات : عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون
[ ص: 101 ] من شهر ربيع الآخر ، ثم لا عهد لهم . وآذن الناس كلها بالقتال إلا أن يؤمنوا .
16365 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) ، قال : أهل العهد :
مدلج ، والعرب الذين عاهدهم ، ومن كان له عهد . قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من
تبوك حين فرغ منها وأراد الحج ، ثم قال : إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك ، فأرسل
أبا بكر وعليا رحمة الله عليهما ، فطافا بالناس بذي المجاز ، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها ، وبالموسم كله ، وآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر ، فهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات : عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون من شهر ربيع الآخر ، ثم لا عهد لهم . وآذن الناس كلهم بالقتال إلا أن يؤمنوا ، فآمن الناس أجمعون حينئذ ، ولم يسح أحد . وقال : حين رجع من
الطائف ، مضى من فوره ذلك ، فغزا تبوك ، بعد إذ جاء إلى
المدينة .
وقال آخرون ممن قال : "ابتداء الأجل لجميع المشركين وانقضاؤه كان واحدا" . كان ابتداؤه يوم نزلت "براءة" ، وانقضاء الأشهر الحرم ، وذلك انقضاء المحرم .
ذكر من قال ذلك :
16366 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
الزهري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، قال : نزلت في شوال ، فهذه الأربعة الأشهر : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم .
وقال آخرون : إنما كان تأجيل الله الأشهر الأربعة المشركين في السياحة ، لمن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد مدته أقل من أربعة أشهر ، أما من كان له عهد مدته أكثر من أربعة أشهر ، فإنه أمر صلى الله عليه وسلم أن يتم له عهده إلى مدته .
[ ص: 102 ]
ذكر من قال ذلك :
16367 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر قال : قال
الكلبي : إنما كان الأربعة الأشهر لمن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد دون الأربعة الأشهر ، فأتم له الأربعة ، ومن كان له عهد أكثر من أربعة أشهر ، فهو الذي أمر أن يتم له عهده ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ) ، [ سورة التوبة : 4 ] .
قال
أبو جعفر رحمه الله : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : الأجل الذي جعله الله لأهل العهد من المشركين ، وأذن لهم بالسياحة فيه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، إنما هو لأهل العهد الذين ظاهروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونقضوا عهدهم قبل انقضاء مدته ، فأما الذين لم ينقضوا عهدهم ولم يظاهروا عليه ، فإن الله - جل ثناؤه - أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بإتمام العهد بينه وبينهم إلى مدته بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين ) ، [ سورة التوبة : 4 ]
فإن ظن ظان أن قول الله تعالى ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ، [ سورة التوبة : 5 ] ، يدل على خلاف ما قلنا في ذلك ، إذ كان ذلك ينبئ على أن الفرض على المؤمنين كان بعد انقضاء الأشهر الحرم ، قتل كل مشرك ، فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن ، وذلك أن الآية التي تتلو ذلك تبين عن صحة ما قلنا ، وفساد ما ظنه من ظن أن انسلاخ الأشهر
[ ص: 103 ] الحرم كان يبيح قتل كل مشرك ، كان له عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لم يكن له منه عهد ، وذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ) ، [ سورة التوبة : 7 ] ، فهؤلاء مشركون ، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالاستقامة لهم في عهدهم ، ما استقاموا لهم بترك نقض صلحهم ، وترك مظاهرة عدوهم عليهم .
وبعد ، ففي الأخبار المتظاهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه حين بعث
عليا رحمة الله عليه ببراءة إلى أهل العهود بينه وبينهم ، أمره فيما أمره أن ينادي به فيهم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810563ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته " ، أوضح الدليل على صحة ما قلنا . وذلك أن الله لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بنقض عهد قوم كان عاهدهم إلى أجل فاستقاموا على عهدهم بترك نقضه ، وأنه إنما أجل أربعة أشهر من كان قد نقض عهده قبل التأجيل ، أو من كان له عهد إلى أجل غير محدود ، فأما من كان أجل عهده محدودا ، ولم يجعل بنقضه على نفسه سبيلا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بإتمام عهده إلى غاية أجله مأمورا . وبذلك بعث مناديه ينادي به في أهل الموسم من العرب .
16368 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
قيس ، عن
مغيرة ، عن
الشعبي قال : حدثني
محرر بن أبي هريرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812234كنت مع علي رحمة الله عليه ، حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ينادي ، فكان إذا صحل صوته ناديت ، قلت : بأي شيء كنتم تنادون؟ قال : بأربع : لا يطف بالكعبة عريان ، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد [ ص: 104 ] فعهده إلى مدته ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، ولا يحج بعد عامنا هذا مشرك .
16369 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
عفان قال : حدثنا
قيس بن الربيع قال : حدثنا
الشيباني ، عن
الشعبي قال : أخبرنا
المحرر بن أبي هريرة ، عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810564كنت مع علي رضي الله عنه ، فذكر نحوه إلا أنه قال : ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى أجله .
قال
أبو جعفر : وقد حدث بهذا الحديث
شعبة ، فخالف
قيسا في الأجل .
16370 - فحدثني
يعقوب بن إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=12166ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا
عثمان بن عمر قال : حدثنا
شعبة ، عن
المغيرة ، عن
الشعبي ، عن
المحرر بن أبي هريرة ، عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810565كنت مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة إلى أهل مكة ، فكنت أنادي حتى صحل صوتي ، فقلت : بأي شيء كنت تنادي؟ قال : أمرنا أن ننادي : أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، ومن كان بينه وبين رسول [ ص: 105 ] الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله إلى أربعة أشهر ، فإذا حل الأجل فإن الله بريء من المشركين ورسوله ، ولا يطف بالبيت عريان ، ولا يحج بعد العام مشرك .
قال
أبو جعفر : وأخشى أن يكون هذا الخبر وهما من ناقله في الأجل ، لأن الأخبار متظاهرة في الأجل بخلافه ، مع خلاف
قيس شعبة في نفس هذا الحديث على ما بينته .
16371 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور ، عن
علي رحمة الله عليه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812235أمرت بأربع : أمرت أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك ، ولا يطف رجل بالبيت عريانا ، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مسلمة ، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده .
[ ص: 106 ]
16372 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
زيد بن يثيع قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811529نزلت "براءة" ، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ، ثم أرسل عليا فأخذها منه ، فلما رجع أبو بكر قال : هل نزل في شيء؟ قال : لا ولكني أمرت أن أبلغها أنا أو رجل من أهل بيتي ، فانطلق إلى مكة ، فقام فيهم بأربع : أن لا يدخل مكة مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطف بالكعبة عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدته .
16373 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
زكريا ، عن
أبي إسحاق ، عن
زيد بن يثيع ، عن
علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812236بعثني النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزلت : "براءة" بأربع : أن لا يطف بالبيت عريان ، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة .
16374 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن عبد الأعلى ، عن
معمر ،
[ ص: 107 ] عن
أبي إسحاق ، عن
الحارث ، عن
علي رحمة الله عليه ، قال : بعثت إلى
أهل مكة بأربع ، ثم ذكر الحديث .
16375 - حدثنا
إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا
حسين بن محمد قال : حدثنا
سليمان بن قرم ، عن
الأعمش ، عن
الحكم ، عن
مقسم ، عن
ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811530أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر ببراءة ، ثم أتبعه عليا ، فأخذها منه ، فقال أبو بكر : يا رسول الله حدث في شيء؟ قال : "لا أنت صاحبي في الغار وعلى الحوض ، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي ! وكان الذي بعث به عليا أربعا : لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته .
16376 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
ابن أبي خالد ، عن
عامر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811531بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا رحمة الله عليه ، فنادى : ألا لا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله .
16377 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال : حدثنا
محمد بن إسحاق ، عن
حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف ، عن
أبي جعفر محمد بن علي بن حسين [ ص: 108 ] بن علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811532لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بعث nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رحمة الله عليه ليقيم الحج للناس؛ قيل له : يا رسول الله ، لو بعثت إلى أبي بكر ! فقال : لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي! ثم دعا nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رحمة الله عليه ، فقال : اخرج بهذه القصة من صدر "براءة" ، وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى : أنه nindex.php?page=treesubj&link=30394_30437لا يدخل الجنة كافر ، nindex.php?page=treesubj&link=3295ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطف بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته ، فخرج nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رحمة الله عليه على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء ، حتى أدرك nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق بالطريق ، فلما رآه أبو بكر قال : أمير أو مأمور؟ قال : مأمور ، ثم مضيا ، رحمة الله عليهما ، فأقام أبو بكر للناس الحج ، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية . حتى إذا كان يوم النحر ، قام nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رحمة الله عليه ، فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أيها الناس ، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطف بالبيت عريان ، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو له إلى مدته ، فلم يحج بعد ذلك العام مشرك ، ولم يطف بالبيت عريان ، ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان هذا من "براءة" ، فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام ، وأهل المدة إلى الأجل المسمى .
16378 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812741لما نزلت هذه الآيات إلى رأس أربعين آية ، بعث بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وأمره على الحج ، فلما سار فبلغ [ ص: 109 ] الشجرة من ذي الحليفة ، أتبعه بعلي فأخذها منه ، فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، أنزل في شأني شيء؟ قال : لا ولكن لا يبلغ عني غيري ، أو رجل مني ، أما ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار ، وأنك صاحبي على الحوض؟ قال : بلى ، يا رسول الله! فسار أبو بكر على الحاج ، وعلي يؤذن ببراءة ، فقام يوم الأضحى فقال : لا يقربن المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فله عهده إلى مدته ، وإن هذه أيام أكل وشرب ، وإن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما ، فقالوا : نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطعن والضرب! فرجع المشركون ، فلام بعضهم بعضا وقالوا : ما تصنعون ، وقد أسلمت قريش؟ فأسلموا .
16379 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
أبي إسحاق ، عن
زيد بن يثيع ، عن
علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811533أمرت بأربع : أن لا يقرب البيت بعد العام مشرك ، nindex.php?page=treesubj&link=3537ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده قال
معمر : وقاله
قتادة .
قال
أبو جعفر : فقد أنبأت هذه الأخبار ونظائرها عن صحة ما قلنا ، وأن أجل الأشهر الأربعة إنما كان لمن وصفنا ، فأما من كان عهده إلى مدة معلومة ، فلم يجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين لنقضه ومظاهرة أعدائهم عليهم سبيلا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وفى له بعهده إلى مدته ، عن أمر الله إياه بذلك ، وعلى ذلك دل ظاهر التنزيل ، وتظاهرت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
وأما الأشهر الأربعة ، فإنها كانت أجل من ذكرنا . وكان ابتداؤها يوم
[ ص: 110 ] الحج الأكبر ، وانقضاؤها انقضاء عشر من ربيع الآخر ، فذلك أربعة أشهر متتابعة ، جعل لأهل العهد الذين وصفنا أمرهم ، فيها ، السياحة في الأرض ، يذهبون حيث شاؤوا ، لا يعرض لهم فيها من المسلمين أحد بحرب ولا قتل ولا سلب .
فإن قال قائل : فإذا كان الأمر في ذلك كما وصفت ، فما وجه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ، [ سورة التوبة : 5 ] . وقد علمت أن انسلاخها انسلاخ المحرم ، وقد زعمت أن تأجيل القوم من الله ومن رسوله كان أربعة أشهر ، وإنما بين يوم الحج الأكبر وانسلاخ الأشهر الحرم خمسون يوما أكثره ، فأين الخمسون يوما من الأشهر الأربعة؟
قيل : إن انسلاخ الأشهر الحرم ، إنما كان أجل من لا عهد له من المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأشهر الأربعة لمن له عهد ، إما إلى أجل غير محدود ، وإما إلى أجل محدود قد نقضه ، فصار بنقضه إياه بمعنى من خيف خيانته ، فاستحق النبذ إليه على سواء ، غير أنه جعل له الاستعداد لنفسه والارتياد لها من الأجل الأربعة الأشهر . ألا ترى الله يقول لأصحاب الأشهر الأربعة ، ويصفهم بأنهم أهل عهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله ) ، ووصف المجعول لهم انسلاخ الأشهر الحرم أجلا ، بأنهم أهل شرك لا أهل عهد فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله ) الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إلا الذين عاهدتم من المشركين ) الآية؟ ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ، فأمر بقتل المشركين الذين لا عهد لهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم ، وبإتمام عهد الذين لهم عهد ، إذا لم يكونوا نقضوا عهدهم بالمظاهرة على المؤمنين ، وإدخال النقص فيه عليهم .
فإن قال قائل : وما الدليل على أن ابتداء التأجيل كان يوم الحج الأكبر ،
[ ص: 111 ] دون أن يكون كان من شوال على ما قاله قائلو ذلك؟
قيل له : إن قائلي ذلك زعموا أن التأجيل كان من وقت نزول "براءة" ، وذلك غير جائز أن يكون صحيحا؛ لأن المجعول له أجل السياحة إلى وقت محدود إذا لم يعلم ما جعل له ، ولا سيما مع عهد له قد تقدم قبل ذلك بخلافه ، فكمن لم يجعل له ذلك ، لأنه إذا لم يعلم ما له في الأجل الذي جعل له وما عليه بعد انقضائه ، فهو كهيئته قبل الذي جعل له من الأجل . ومعلوم أن القوم لم يعلموا بما جعل لهم من ذلك ، إلا حين نودي فيهم بالموسم ، وإذا كان ذلك كذلك ، صح أن ابتداءه ما قلنا ، وانقضاءه كان ما وصفنا .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، فإنه يعني : فسيروا فيها مقبلين ومدبرين ، آمنين غير خائفين من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه .
يقال منه : "ساح فلان في الأرض يسيح سياحة وسيوحا وسيحانا .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2واعلموا أنكم غير معجزي الله ) ، فإنه يقول لأهل العهد من الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد قبل نزول هذه الآية : اعلموا ، أيها المشركون ، أنكم إن سحتم في الأرض ، واخترتم ذلك مع كفركم بالله ، على الإقرار بتوحيد وتصديق رسوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2غير معجزي الله ) ، يقول : غير مفيتيه بأنفسكم ، لأنكم حيث ذهبتم وأين كنتم من الأرض ، ففي قبضته وسلطانه ، لا يمنعكم منه وزير ، ولا يحول بينكم وبينه إذا أرادكم بعذاب معقل ولا موئل إلا الإيمان به وبرسوله ، والتوبة من معصيته . يقول : فبادروا عقوبته بتوبة ، ودعوا السياحة التي لا تنفعكم .
[ ص: 112 ]
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2وأن الله مخزي الكافرين ) ، يقول : واعلموا أن الله مذل الكافرين ، ومورثهم العار في الدنيا ، والنار في الآخرة .
[ ص: 92 ] [ ص: 93 ] [ ص: 94 ] [ ص: 95 ] الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا التَّوْبَةَ
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28980_30945_32273تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ( 2 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ، هَذِهِ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .
فَ"بَرَاءَةٌ" ، مَرْفُوعَةٌ بِمَحْذُوفٍ ، وَهُوَ "هَذِهِ" ، كَمَا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا ) ، [ سُورَةُ النُّورِ : 1 ] ، مَرْفُوعَةٌ بِمَحْذُوفٍ هُوَ "هَذِهِ" . وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : "بَرَاءَةٌ" مَرْفُوعَةٌ بِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرِهَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ ) ، وَجَعَلَهَا كَالْمَعْرِفَةِ تَرْفَعُ مَا بَعْدَهَا ، إِذْ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ بِصِلَتِهَا وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ، كَالْمَعْرِفَةِ ، وَصَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ : الْبَرَاءَةُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَانَ مَذْهَبًا غَيْرَ مَدْفُوعَةٍ صِحَّتُهُ ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَعْجَبَ إِلَيَّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ أَنْ يُضْمِرُوا لِكُلِّ مُعَايَنٍ نَكِرَةً كَانَ أَوْ مَعْرِفَةً ذَلِكَ الْمُعَايَنُ ، "هَذَا" وَ"هَذِهِ" ، فَيَقُولُونَ عِنْدَ مُعَايَنَتِهِمُ الشَّيْءَ الْحَسَنَ : "حَسَنٌ وَاللَّهِ" ، وَالْقَبِيحَ : "قَبِيحٌ وَاللَّهِ" ، يُرِيدُونَ : هَذَا حَسَنٌ وَاللَّهِ ، وَهَذَا قَبِيحٌ وَاللَّهِ ، فَلِذَلِكَ اخْتَرْتُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ .
[ ص: 96 ]
وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ ) ، وَالْمَعْنَى : إِلَى الَّذِينَ عَاهَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، لِأَنَّ الْعُهُودَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يَكُنْ يَتَوَلَّى عَقْدَهَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مَنْ يَعْقِدُهَا بِأَمْرِهِ ، وَلَكِنَّهُ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ بِمَعْنَاهُ ، وَأَنَّ عُقُودَ - النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أُمَّتِهِ كَانَتْ عُقُودَهُمْ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لِكُلِّ أَفْعَالِهِ فِيهِمْ رَاضِينَ ، وَلِعُقُودِهِ عَلَيْهِمْ مُسَلِّمِينَ ، فَصَارَ عَقْدُهُ عَلَيْهِمْ كَعُقُودِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، لِمَا كَانَ مِنْ عَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ بَرِئَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَأَذِنَ لَهُ فِي السِّيَاحَةِ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُمْ صِنْفَانِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ : أَحَدُهُمَا كَانَتْ مُدَّةُ الْعَهْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَأُمْهِلَ بِالسِّيَاحَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، وَالْآخَرُ مِنْهُمَا : كَانَتْ مُدَّةُ عَهْدِهِ بِغَيْرِ أَجَلٍ مَحْدُودٍ ، فَقُصِرَ بِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِيَرْتَادَ لِنَفْسِهِ ، ثُمَّ هُوَ حَرْبٌ بَعْدَ ذَلِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ، يُقْتَلُ حَيْثُمَا أُدْرِكَ وَيُؤْسَرُ ، إِلَّا أَنْ يَتُوبَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16356 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ رِضَى اللَّهِ عَنْهُ أَمِيرًا عَلَى الْحَاجِّ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ ، لِيُقِيمَ لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ ، وَالنَّاسُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مِنْ حَجِّهِمْ ، فَخَرَجَ
أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَنَزَلَتْ سُورَةُ "بَرَاءَةٌ" فِي نَقْضِ مَا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَهْدِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ : أَنْ لَا يُصَدَّ عَنِ الْبَيْتِ أَحَدٌ جَاءَهُ ، وَأَنْ لَا يُخَافَ أَحَدٌ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ . وَكَانَ ذَلِكَ عَهْدًا عَامًّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ . وَكَانَتْ بَيْنَ
[ ص: 97 ] ذَلِكَ عُهُودٌ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قَبَائِلٍ مِنَ الْعَرَبِ خَصَائِصَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَنَزَلَتْ فِيهِ وَفِيمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي تَبُوكَ ، وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ ، فَكَشَفَ اللَّهُ فِيهَا سَرَائِرَ أَقْوَامٍ كَانُوا يَسْتَخْفُونَ بِغَيْرِ مَا يُظْهِرُونَ ، مِنْهُمْ مَنْ سُمِّيَ لَنَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسَمَّ لَنَا ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، أَيْ : لِأَهْلِ الْعَهْدِ الْعَامِّ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنَ الْعَرَبِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) ، أَيْ : بَعْدَ هَذِهِ الْحُجَّةِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ إِمْهَالُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِسِيَاحَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، مَنْ كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَهْدٌ ، فَإِنَّمَا كَانَ أَجَلُهُ خَمْسِينَ لَيْلَةً ، وَذَلِكَ عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ كُلِّهِ . قَالُوا : وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ أَجَلَ الَّذِينَ لَا عَهْدَ لَهُمْ كَانَ إِلَى انْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) ، الْآيَةَ [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 5 ] . قَالُوا : وَالنِّدَاءُ بِبَرَاءَةٌ ، كَانَ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ، وَذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ فِي قَوْلِ قَوْمٍ ، وَفِي قَوْلِ آخَرِينَ يَوْمَ عَرَفَةَ ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ يَوْمًا . قَالُوا : وَأَمَّا تَأْجِيلُ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ ، فَإِنَّمَا كَانَ لِأَهْلِ الْعَهْدِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِ نَزَلَتْ "بَرَاءَةٌ" . قَالُوا : وَنَزَلَتْ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ ، فَكَانَ انْقِضَاءُ مُدَّةِ أَجَلِهِمْ ، انْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ . وَقَدْ كَانَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ يَقُولُ : ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ كَانَ لِلْفَرِيقَيْنِ وَاحِدًا أَعْنِي الَّذِي لَهُ الْعَهْدُ ، وَالَّذِي لَا عَهْدَ لَهُ غَيْرَ أَنَّ أَجَلَ الَّذِي كَانَ لَهُ عَهْدٌ كَانَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، وَالَّذِي لَا عَهْدَ لَهُ انْسِلَاخُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَذَلِكَ انْقِضَاءُ الْمُحَرَّمِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
[ ص: 98 ]
16357 - حَدَّثَنَا
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، قَالَ : حَدَّ اللَّهُ لِلَّذِينِ عَاهَدُوا رَسُولَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، يَسِيحُونَ فِيهَا حَيْثُمَا شَاؤُوا ، وَحَدَّ أَجَلَ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ ، انْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى انْسِلَاخِ الْمُحَرَّمِ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ لَيْلَةً ، فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ، أَمَرَهُ بِأَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فِيمَنْ عَاهَدَ .
16358 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ ) ، إِلَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ) ، يَقُولُ : بَرَاءَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ يَوْمَ نَزَلَتْ "بَرَاءَةٌ" ، فَجَعَلَ مُدَّةَ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ "بَرَاءَةٌ" ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . وَجَعَلَ مُدَّةَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَهْدٌ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ "بَرَاءَةٌ" ، انْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَانْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مِنْ يَوْمِ أُذِّنَ بِبَرَاءَةٌ إِلَى انْسِلَاخِ الْمُحَرِّمِ ، وَهِيَ خَمْسُونَ لَيْلَةً : عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَثَلَاثُونَ مِنَ الْمُحَرَّمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ) ، يَقُولُ : لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ وَلَا ذِمَّةٌ مُنْذُ نَزَلَتْ "بَرَاءَةٌ" وَانْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ، وَمُدَّةُ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ "بَرَاءَةٌ" ، أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ أُذِّنَ بِبَرَاءَةٌ ، إِلَى عَشْرٍ مِنْ أَوَّلِ رَبِيعٍ الْآخِرِ ، فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ .
16359 - حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) . قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ "بَرَاءَةٌ" ، عَاهَدَ نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ ، فَنَزَلَتْ : بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ كَانَ عَاهَدَكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَإِنِّي أَنْقُضُ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ ، فَأُؤَجِّلُهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَسِيحُونَ
[ ص: 99 ] حَيْثُ شَاؤُوا مِنَ الْأَرْضِ آمِنِينَ . وَأَجَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ انْسِلَاخُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، مِنْ يَوْمِ أُذِّنَ بِبَرَاءَةٌ ، وَأُذِّنَ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ ، فَكَانَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ ثَلَاثِينَ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ لَيْلَةً ، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِذَا انْسَلَخَ الْمُحَرَّمُ أَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ ، يَقْتُلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ . وَأُمِرَ بِمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ إِذَا انْسَلَخَ أَرْبَعَةٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ ، أَنْ يَضَعَ فِيهِمُ السَّيْفَ أَيْضًا ، يَقْتُلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ ، فَكَانَتْ مُدَّةُ مَنْ لَا عَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسِينَ لَيْلَةً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَمُدَّةُ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ ، أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ : مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ ، إِلَى عَشْرٍ يَخْلُونَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ .
16360 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ، قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ
عَلِيًّا نَادَى بِالْأَذَانِ ، وَأُمِّرَ عَلَى الْحَاجِّ
أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا . وَكَانَ الْعَامَ الَّذِي حَجَّ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ ، وَلَمْ يَحُجَّ الْمُشْرِكُونَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ . قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : ( إِلَى مُدَّتِهِمْ ) ، قَالَ : هُمْ مُشْرِكُو
قُرَيْشٍ ، الَّذِينَ عَاهَدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَكَانَ بَقِيَ مِنْ مُدَّتِهِمْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُوَفِّيَ بِعَهْدِهِمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ ، وَمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ انْسِلَاخُ الْمُحَرَّمِ ، وَنَبَذَ إِلَى كُلِّ ذِي عَهْدِ عَهْدَهُ ، وَأُمِرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا ذَلِكَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ ابْتِدَاءُ تَأْخِيرِ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَانْقِضَاءُ ذَلِكَ لِجَمِيعِهِمْ ، وَقْتًا وَاحِدًا . قَالُوا : وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ، وَانْقِضَاؤُهُ انْقِضَاءَ عَشْرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16361 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ،
[ ص: 100 ] قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . بَرِئَ مِنْ عَهْدِ كُلِّ مُشْرِكٍ ، وَلَمْ يُعَاهِدْ بَعْدَهَا إِلَّا مَنْ كَانَ عَاهَدَ ، وَأَجْرَى لِكُلٍّ مُدَّتَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، لِمَنْ دَخَلَ عَهْدُهُ فِيهَا ، مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ ، وَصَفَرٍ ، وَشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَعَشْرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ .
16362 - حَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812233بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَوْسِمِ سَنَةَ تِسْعٍ ، وَبَعَثَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، بِثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً مِنْ "بَرَاءَةٌ" ، فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ ، يُؤَجِّلُ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَسِيحُونَ فِي الْأَرْضِ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ "بَرَاءَةٌ" يَوْمَ عَرَفَةَ ، أَجَّلَ الْمُشْرِكِينَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمِ ، وَصَفَرٍ ، وَشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَعَشْرًا مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ ، وَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ ، وَقَالَ : لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ عَامِنَا هَذَا مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ .
16363 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَصَفَرٌ ، وَرَبِيعٌ الْأَوَّلُ ، وَعَشْرٌ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ . كَانَ ذَلِكَ عَهْدَهُمُ الَّذِي بَيْنَهُمْ .
16364 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ، إِلَى أَهْلِ الْعَهْدِ :
خُزَاعَةَ ،
وَمُدْلِجٍ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ مِنْهُمْ أَوْ غَيْرِهِمْ . أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
تَبُوكَ حِينَ فَرَغَ ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَّ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُ يَحْضُرُ الْمُشْرِكُونَ فَيَطُوفُونَ عُرَاةً ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَحُجَّ حَتَّى لَا يَكُونَ ذَلِكَ ، فَأَرْسَلَ
أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَطَافَا بِالنَّاسِ بِذِي الْمَجَازِ ، وَبِأَمْكِنَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهَا ، وَبِالْمَوَسِمِ كُلِّهِ ، وَآذَنُوا أَصْحَابَ الْعَهْدِ بِأَنْ يَأْمَنُوا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، فَهِيَ الْأَشْهُرُ الْمُتَوَالِيَاتُ : عِشْرُونَ مِنْ آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى عَشْرٍ يَخْلُونَ
[ ص: 101 ] مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ ، ثُمَّ لَا عَهْدَ لَهُمْ . وَآذَنَ النَّاسَ كُلَّهَا بِالْقِتَالِ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا .
16365 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، قَالَ : أَهْلُ الْعَهْدِ :
مُدْلِجٌ ، وَالْعَرَبُ الَّذِينَ عَاهَدَهُمْ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ . قَالَ : أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
تَبُوكَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا وَأَرَادَ الْحَجَّ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُ يَحْضُرُ الْبَيْتَ مُشْرِكُونَ يَطُوفُونَ عُرَاةً فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَحُجَّ حَتَّى لَا يَكُونَ ذَلِكَ ، فَأَرْسَلَ
أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، فَطَافَا بِالنَّاسِ بِذِي الْمَجَازِ ، وَبِأَمْكِنَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهَا ، وَبِالْمَوْسِمِ كُلِّهِ ، وَآذَنُوا أَصْحَابَ الْعَهْدِ بِأَنْ يَأْمَنُوا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، فَهِيَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْمُنْسَلِخَاتُ الْمُتَوَالِيَاتُ : عِشْرُونَ مِنْ آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى عَشْرٍ يَخْلُونَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ ، ثُمَّ لَا عَهْدَ لَهُمْ . وَآذَنَ النَّاسَ كُلَّهُمْ بِالْقِتَالِ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا ، فَآمَنَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ حِينَئِذٍ ، وَلَمْ يَسِحْ أَحَدٌ . وَقَالَ : حِينَ رَجَعَ مِنْ
الطَّائِفِ ، مَضَى مِنْ فَوْرِهِ ذَلِكَ ، فَغَزَا تَبُوكَ ، بَعْدَ إِذْ جَاءَ إِلَى
الْمَدِينَةِ .
وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ : "ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ وَانْقِضَاؤُهُ كَانَ وَاحِدًا" . كَانَ ابْتِدَاؤُهُ يَوْمَ نَزَلَتْ "بَرَاءَةٌ" ، وَانْقِضَاءُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَذَلِكَ انْقِضَاءُ الْمُحَرَّمِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16366 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، قَالَ : نَزَلَتْ فِي شَوَّالٍ ، فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهَرُ : شَوَّالٌ ، وَذُو الْقِعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا كَانَ تَأْجِيلُ اللَّهِ الْأَشْهُرَ الْأَرْبَعَةَ الْمُشْرِكِينَ فِي السِّيَاحَةِ ، لِمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ مُدَّتُهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، أَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ مُدَّتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنَّهُ أُمِرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتِمَّ لَهُ عَهْدَهُ إِلَى مُدَّتِهِ .
[ ص: 102 ]
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16367 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ قَالَ : قَالَ
الْكَلْبِيُّ : إِنَّمَا كَانَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ لِمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ دُونَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهَرِ ، فَأَتَمَّ لَهُ الْأَرْبَعَةَ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، فَهُوَ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يُتِمَّ لَهُ عَهْدَهُ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ ) ، [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 4 ] .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : الْأَجَلُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِأَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، وَأَذِنَ لَهُمْ بِالسِّيَاحَةِ فِيهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، إِنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ الْعَهْدِ الَّذِينَ ظَاهَرُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَقَضُوا عَهْدَهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ ، فَأَمَّا الَّذِينَ لَمَّ يَنْقُضُوا عَهْدَهُمْ وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِتْمَامِ الْعَهْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) ، [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 4 ]
فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) ، [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 5 ] ، يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ يُنْبِئُ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، قَتْلُ كُلِّ مُشْرِكٍ ، فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي تَتْلُو ذَلِكَ تُبِينُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا ، وَفَسَادِ مَا ظَنَّهُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ انْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ
[ ص: 103 ] الْحُرُمِ كَانَ يُبِيحُ قَتْلَ كُلِّ مُشْرِكٍ ، كَانَ لَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ عَهْدٌ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) ، [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 7 ] ، فَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِقَامَةِ لَهُمْ فِي عَهْدِهِمْ ، مَا اسْتَقَامُوا لَهُمْ بِتَرْكِ نَقْضِ صُلْحِهِمْ ، وَتَرْكِ مُظَاهَرَةِ عَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ .
وَبَعْدُ ، فَفِي الْأَخْبَارِ الْمُتَظَاهِرَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ حِينَ بَعَثَ
عَلِيًّا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِبَرَاءَةٌ إِلَى أَهْلِ الْعُهُودِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، أَمَرَهُ فِيمَا أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ بِهِ فِيهِمْ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810563وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ " ، أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَقْضِ عَهْدِ قَوْمٍ كَانَ عَاهَدَهُمْ إِلَى أَجَلٍ فَاسْتَقَامُوا عَلَى عَهْدِهِمْ بِتَرْكِ نَقْضِهِ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَجَّلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مَنْ كَانَ قَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ قَبْلَ التَّأْجِيلِ ، أَوْ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَحْدُودٍ ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ أَجَلُ عَهْدِهِ مَحْدُودًا ، وَلَمْ يَجْعَلْ بِنَقْضِهِ عَلَى نَفْسِهِ سَبِيلًا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِإِتْمَامِ عَهِدَهُ إِلَى غَايَةِ أَجَلِهِ مَأْمُورًا . وَبِذَلِكَ بَعَثَ مُنَادِيَهُ يُنَادِي بِهِ فِي أَهْلِ الْمَوْسِمِ مِنَ الْعَرَبِ .
16368 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
قَيْسٌ ، عَنْ
مُغِيرَةَ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُحَرَّرُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812234كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي ، فَكَانَ إِذَا صَحِلَ صَوْتُهُ نَادَيْتُ ، قُلْتُ : بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُنَادُونَ؟ قَالَ : بِأَرْبَعٍ : لَا يَطُفْ بِالْكَعْبَةِ عُرْيَانٌ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ [ ص: 104 ] فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ ، وَلَا يَحُجَّ بَعْدَ عَامِنَا هَذَا مُشْرِكٌ .
16369 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا
قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ : حَدَّثَنَا
الشَّيْبَانِيُّ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنَا
الْمُحَرَّرُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810564كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى أَجَلِهِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ
شُعْبَةُ ، فَخَالَفَ
قَيْسًا فِي الْأَجَلِ .
16370 - فَحَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=showalam&ids=12166وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا : حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، عَنِ
الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810565كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَرَاءَةٌ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ ، فَكُنْتُ أُنَادِي حَتَّى صَحِلَ صَوْتِي ، فَقُلْتُ : بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تُنَادِي؟ قَالَ : أُمِرْنَا أَنْ نُنَادِيَ : أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ [ ص: 105 ] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَأَجَلُهُ إِلَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ، وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَلَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ وَهْمًا مِنْ نَاقِلِهِ فِي الْأَجَلِ ، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ مُتَظَاهِرَةٌ فِي الْأَجَلِ بِخِلَافِهِ ، مَعَ خِلَافِ
قَيْسٍ شُعْبَةَ فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا بَيَّنْتُهُ .
16371 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14057الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، عَنْ
عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812235أُمِرْتُ بِأَرْبَعٍ : أُمِرْتُ أَنْ لَا يَقْرَبِ الْبَيْتَ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُفْ رَجُلٌ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا كُلُّ نَفْسٍ مُسْلِمَةٍ ، وَأَنْ يَتِمَّ إِلَى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدُهُ .
[ ص: 106 ]
16372 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيلُ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811529نَزَلَتْ "بَرَاءَةٌ" ، فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فَأَخْذَهَا مِنْهُ ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ : هَلْ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُبَلِّغَهَا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، فَانْطَلَقَ إِلَى مَكَّةَ ، فَقَامَ فِيهِمْ بِأَرْبَعٍ : أَنْ لَا يَدْخُلْ مَكَّةَ مُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِ هَذَا ، وَلَا يَطُفْ بِالْكَعْبَةِ عُرْيَانٌ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ .
16373 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ
زَكَرِيَّا ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ ، عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812236بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَتْ : "بَرَاءَةٌ" بِأَرْبَعٍ : أَنْ لَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَلَا يَقْرَبِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ .
16374 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ
مَعْمَرٍ ،
[ ص: 107 ] عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ
الْحَارِثِ ، عَنْ
عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، قَالَ : بُعِثْتُ إِلَى
أَهْلِ مَكَّةَ بِأَرْبَعٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ .
16375 - حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنِ
الْحَكَمِ ، عَنْ
مِقْسَمٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811530أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ بِبَرَاءَةٌ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ عَلِيًّا ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدَثَ فِيَّ شَيْءٌ؟ قَالَ : "لَا أَنْتَ صَاحِبِي فِي الْغَارِ وَعَلَى الْحَوْضِ ، وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ عَلِيٌّ ! وَكَانَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ عَلِيًّا أَرْبَعًا : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ، وَلَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ .
16376 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ
ابْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
عَامِرٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811531بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَنَادَى : أَلَا لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَاللَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ .
16377 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حَنِيفٍ ، عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ [ ص: 108 ] بْنِ عَلِيٍّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811532لَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ كَانَ بَعَثَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِيُقِيمَ الْحَجَّ لِلنَّاسِ؛ قِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ بَعَثْتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ! فَقَالَ : لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي! ثُمَّ دَعَا nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اخْرُجْ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ صَدْرِ "بَرَاءَةٌ" ، وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ إِذَا اجْتَمَعُوا بِمِنًى : أَنَّهُ nindex.php?page=treesubj&link=30394_30437لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ ، nindex.php?page=treesubj&link=3295وَلَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ ، فَخَرَجَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَضْبَاءِ ، حَتَّى أَدْرَكَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ بِالطَّرِيقِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ : أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ؟ قَالَ : مَأْمُورٌ ، ثُمَّ مَضَيَا ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، فَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ الْحَجَّ ، وَالْعَرَبُ إِذْ ذَاكَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْحَجِّ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ ، قَامَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالَّذِي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ، وَلَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ لَهُ إِلَى مُدَّتِهِ ، فَلَمْ يَحُجَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، ثُمَّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَكَانَ هَذَا مِنْ "بَرَاءَةٌ" ، فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ الْعَامِّ ، وَأَهْلِ الْمُدَّةِ إِلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى .
16378 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812741لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ إِلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ آيَةً ، بَعَثَ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَّرَهُ عَلَى الْحَجِّ ، فَلَمَّا سَارَ فَبَلَغَ [ ص: 109 ] الشَّجَرَةَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، أَتْبَعَهُ بِعَلِيٍّ فَأَخَذَهَا مِنْهُ ، فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَنَزَلَ فِي شَأْنِي شَيْءٌ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ لَا يُبَلِّغُ عَنِّي غَيْرِي ، أَوْ رَجُلٌ مِنِّي ، أَمَا تَرْضَى يَا أَبَا بَكْرٍ أَنَّكَ كُنْتَ مَعِي فِي الْغَارِ ، وَأَنَّكَ صَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ؟ قَالَ : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَسَارَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْحَاجِّ ، وَعَلِيٌّ يُؤَذِّنُ بِبَرَاءَةٌ ، فَقَامَ يَوْمَ الْأَضْحَى فَقَالَ : لَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِ هَذَا ، وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَلَهُ عَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَإِنَّ هَذِهِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ مُسْلِمًا ، فَقَالُوا : نَحْنُ نَبْرَأُ مِنْ عَهْدِكَ وَعَهْدِ ابْنِ عَمِّكَ إِلَّا مِنَ الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ! فَرَجَعَ الْمُشْرِكُونَ ، فَلَامَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَالُوا : مَا تَصْنَعُونَ ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ قُرَيْشٌ؟ فَأَسْلَمُوا .
16379 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ ، عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811533أُمِرْتُ بِأَرْبَعٍ : أَنْ لَا يَقْرَبَ الْبَيْتَ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، nindex.php?page=treesubj&link=3537وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ، وَأَنْ يُتِمَّ إِلَى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ قَالَ
مَعْمَرٌ : وَقَالَهُ
قَتَادَةُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَدْ أَنْبَأَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَنَظَائِرُهَا عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا ، وَأَنَّ أَجَلَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ إِنَّمَا كَانَ لِمَنْ وَصَفْنَا ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ عَهْدُهُ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ، فَلَمْ يَجْعَلْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ لِنَقْضِهِ وَمُظَاهَرَةِ أَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَفَى لَهُ بِعَهْدِهِ إِلَى مُدَّتِهِ ، عَنْ أَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهُ بِذَلِكَ ، وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ ، وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَأَمَّا الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ ، فَإِنَّهَا كَانَتْ أَجَلَ مَنْ ذَكَرْنَا . وَكَانَ ابْتِدَاؤُهَا يَوْمَ
[ ص: 110 ] الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ، وَانْقِضَاؤُهَا انْقِضَاءَ عَشْرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ ، فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَةٌ ، جُعِلَ لِأَهْلِ الْعَهْدِ الَّذِينَ وَصَفْنَا أَمْرَهُمْ ، فِيهَا ، السِّيَاحَةُ فِي الْأَرْضِ ، يَذْهَبُونَ حَيْثُ شَاؤُوا ، لَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ بِحَرْبٍ وَلَا قَتْلٍ وَلَا سَلْبٍ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتَ ، فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) ، [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 5 ] . وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ انْسِلَاخَهَا انْسِلَاخُ الْمُحَرَّمِ ، وَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ تَأْجِيلَ الْقَوْمِ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ رَسُولِهِ كَانَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، وَإِنَّمَا بَيْنَ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَانْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ خَمْسُونَ يَوْمًا أَكْثَرُهُ ، فَأَيْنَ الْخَمْسُونَ يَوْمًا مِنَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ؟
قِيلَ : إِنَّ انْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، إِنَّمَا كَانَ أَجَلَ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ لِمَنْ لَهُ عَهْدٌ ، إِمَّا إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَحْدُودٍ ، وَإِمَّا إِلَى أَجَلٍ مَحْدُودٍ قَدْ نَقَضَهُ ، فَصَارَ بِنَقْضِهِ إِيَّاهُ بِمَعْنَى مَنْ خِيفَ خِيَانَتُهُ ، فَاسْتَحَقَّ النَّبْذَ إِلَيْهِ عَلَى سَوَاءٍ ، غَيْرَ أَنَّهُ جُعِلَ لَهُ الِاسْتِعْدَادُ لِنَفْسِهِ وَالِارْتِيَادُ لَهَا مِنَ الْأَجَلِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهَرِ . أَلَا تَرَى اللَّهَ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ ، وَيَصِفُهُمْ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ عَهْدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ) ، وَوَصَفَ الْمَجْعُولَ لَهُمُ انْسِلَاخُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَجَلًا ، بِأَنَّهُمْ أَهْلُ شِرْكٍ لَا أَهْلُ عَهْدٍ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) الْآيَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الْآيَةَ؟ ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) ، فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا عَهْدَ لَهُمْ بَعْدَ انْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَبِإِتْمَامِ عَهْدِ الَّذِينَ لَهُمْ عَهْدٌ ، إِذَا لَمْ يَكُونُوا نَقَضُوا عَهْدَهُمْ بِالْمُظَاهَرَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِدْخَالِ النَّقْصِ فِيهِ عَلَيْهِمْ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّأْجِيلِ كَانَ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ،
[ ص: 111 ] دُونَ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى مَا قَالَهُ قَائِلُو ذَلِكَ؟
قِيلَ لَهُ : إِنَّ قَائِلِي ذَلِكَ زَعَمُوا أَنَّ التَّأْجِيلَ كَانَ مِنْ وَقْتِ نُزُولِ "بَرَاءَةٌ" ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ أَجْلُ السِّيَاحَةِ إِلَى وَقْتٍ مَحْدُودٍ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا جُعِلَ لَهُ ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ عَهْدٍ لَهُ قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ ، فَكَمَنَ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا لَهُ فِي الْأَجَلِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ وَمَا عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَائِهِ ، فَهُوَ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ مِنَ الْأَجَلِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَعْلَمُوا بِمَا جُعِلَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، إِلَّا حِينَ نُودِيَ فِيهِمْ بِالْمَوْسِمِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، صَحَّ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ مَا قُلْنَا ، وَانْقِضَاءَهُ كَانَ مَا وَصَفْنَا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَسِيرُوا فِيهَا مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ ، آمِنِينَ غَيْرَ خَائِفِينَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَاعِهِ .
يُقَالُ مِنْهُ : "سَاحَ فُلَانٌ فِي الْأَرْضِ يَسِيحُ سِيَاحَةً وَسُيُوحًا وَسَيَحَانًا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ) ، فَإِنَّهُ يَقُولُ لِأَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ : اعْلَمُوا ، أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ ، أَنَّكُمْ إِنْ سِحْتُمْ فِي الْأَرْضِ ، وَاخْتَرْتُمْ ذَلِكَ مَعَ كُفْرِكُمْ بِاللَّهِ ، عَلَى الْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِ وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ) ، يَقُولُ : غَيْرُ مُفِيتِيهِ بِأَنْفُسِكُمْ ، لِأَنَّكُمْ حَيْثُ ذَهَبْتُمْ وَأَيْنَ كُنْتُمْ مِنَ الْأَرْضِ ، فَفِي قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ ، لَا يَمْنَعُكُمْ مِنْهُ وَزِيرٌ ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ إِذَا أَرَادَكُمْ بِعَذَابٍ مَعْقِلٌ وَلَا مَوْئِلٌ إِلَّا الْإِيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ . يَقُولُ : فَبَادِرُوا عُقُوبَتَهُ بِتَوْبَةٍ ، وَدَعُوا السِّيَاحَةَ الَّتِي لَا تَنْفَعُكُمْ .
[ ص: 112 ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=2وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ) ، يَقُولُ : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مُذِلُّ الْكَافِرِينَ ، وَمُورِثُهُمُ الْعَارَ فِي الدُّنْيَا ، وَالنَّارَ فِي الْآخِرَةِ .