[ ص: 261 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله وقد قيل : على أبي بكر ( وأيده بجنود لم تروها ) ، يقول : وقواه بجنود من عنده من الملائكة ، لم تروها أنتم ( وجعل كلمة الذين كفروا ) ، وهي كلمة الشرك ( السفلى ) ، لأنها قهرت وأذلت ، وأبطلها الله تعالى ، ومحق أهلها ، وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب ، والغالب هو الأعلى ( وكلمة الله هي العليا ) ، يقول : ودين الله وتوحيده وقول لا إله إلا الله ، وهي كلمته ( العليا ) ، على الشرك وأهله ، الغالبة ، كما : -
16733 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( وجعل كلمة الذين كفروا السفلى ) ، وهي : الشرك بالله ( وكلمة الله هي العليا ) ، وهي : لا إله إلا الله .
وقوله : ( وكلمة الله هي العليا ) ، خبر مبتدأ ، غير مردود على قوله : ( وجعل كلمة الذين كفروا السفلى ) ، لأن ذلك لو كان معطوفا على "الكلمة" الأولى ، لكان نصبا . [ ص: 262 ]
وأما قوله : ( والله عزير حكيم ) ، فإنه يعني : ( والله عزيز ) ، في انتقامه من أهل الكفر به ، لا يقهره قاهر ، ولا يغلبه غالب ، ولا ينصر من عاقبه ناصر ( حكيم ) ، في تدبيره خلقه ، وتصريفه إياهم في مشيئته .