القول في تأويل قوله تعالى : ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين    ( 87 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول ، تعالى ذكره : وأوحينا إلى موسى  وأخيه أن اتخذا لقومكما بمصر  بيوتا . 
يقال منه : " تبوأ فلان لنفسه بيتا " إذا اتخذه . وكذلك تبوأ مصحفا " إذا اتخذه ، " وبوأته أنا بيتا " : إذا اتخذته له . 
( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، يقول : واجعلوا بيوتكم مساجد تصلون فيها .  [ ص: 172 ] 
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) . 
فقال بعضهم في ذلك نحو الذي قلنا فيه . 
ذكر من قال ذلك : 
17793 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان  ، عن حميد  عن عكرمة  عن ابن عباس   : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : مساجد . 
17794 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو نعيم  قال : حدثنا سفيان  عن خصيف  عن عكرمة  عن ابن عباس  قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) قال : أمروا أن يتخذوها مساجد . 
17795 - . . . . قال حدثنا  أبو غسان مالك بن إسماعيل  قال : حدثنا زهير  قال : حدثنا خصيف  عن عكرمة  عن ابن عباس  في قول الله تعالى : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : كانوا يفرقون من فرعون  وقومه أن يصلوا ، فقال لهم : ( اجعلوا بيوتكم قبلة ) ، يقول : اجعلوها مسجدا حتى تصلوا فيها . 
17796 - حدثنا ابن وكيع  وابن حميد  قالا حدثنا جرير  عن منصور  عن إبراهيم :   ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : خافوا ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم . 
17797 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان  عن منصور  عن إبراهيم :   ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) قال : كانوا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم . 
17798 - حدثني المثنى  قال : حدثنا الحماني  قال : حدثنا شبل  عن خصيف  عن عكرمة  عن ابن عباس  في قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم . 
17799 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا ابن عيينة  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد :   ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : كانوا لا يصلون إلا في البيع ، وكانوا لا يصلون إلا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم .  [ ص: 173 ] 
17800 - . . . . قال : حدثنا جرير  عن ليث  عن مجاهد  قال : كانوا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم . 
17801 - قال : حدثنا عبد الله  عن إسرائيل  عن  السدي  عن أبي مالك   : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) قال : كانت بنو إسرائيل  تخاف فرعون  فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد يصلون فيها . 
17802 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد  قال : أخبرنا أبو جعفر  عن الربيع بن أنس  في قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، يقول : مساجد . 
17803 - . . . . قال : حدثنا  أحمد بن يونس  قال : حدثنا إسرائيل  عن منصور  عن إبراهيم :   ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : كانوا يصلون في بيوتهم يخافون . 
17804 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا  زيد بن الحباب  عن أبي سنان  عن الضحاك   : ( أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا   ) ، قال : مساجد . 
17805 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا سفيان  عن منصور  عن إبراهيم  في قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : كانوا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم . 
17806 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : قال أبي اجعلوا في بيوتكم مساجدكم تصلون فيها ، تلك " القبلة " . 
وقال آخرون : معنى ذلك : واجعلوا مساجدكم قبل الكعبة .  [ ص: 174 ] 
ذكر من قال ذلك : 
17807 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا حكام  عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى  عن المنهال  عن سعيد بن جبير  عن ابن عباس   : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) يعني الكعبة   . 
17808 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  في قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين   ) ، قال : قالت بنو إسرائيل  لموسى   : لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة! فأذن الله لهم أن يصلوا في بيوتهم ، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة . 
17809 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  عن  ابن جريج  عن مجاهد  قال : قال ابن عباس  في قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، يقول : وجهوا بيوتكم " مساجدكم " نحو القبلة ، ألا ترى أنه يقول : ( في بيوت أذن الله أن ترفع   )  [ سورة النور : 36 ] . 
17810 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا عبيد الله  عن إسرائيل  عن أبي يحيى  عن مجاهد :   ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : قبل القبلة . 
17811 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  عن  ابن جريج  عن مجاهد :   ( بيوتكم قبلة   ) ، قال : نحو الكعبة ، حين خاف موسى  ومن معه من فرعون  أن يصلوا في الكنائس الجامعة ، فأمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سرا . 
17812 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد :   ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، ثم ذكر مثله سواء . 
17813 - . . . . قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد :   [ ص: 175 ]  ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا   ) ، مساجد . 
17814 - . . . . قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله  عن ورقاء  عن ابن نجيح  عن مجاهد :  في قوله : ( أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا   ) ، قال : مصر   " الإسكندرية " .  
17815 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة  قوله : ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة   ) قال : وذلك حين منعهم فرعون  الصلاة ، فأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم ، وأن يوجهوا نحو القبلة . 
17816 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا محمد بن ثور  عن معمر  عن قتادة   : ( بيوتكم قبلة   ) ، قال : نحو القبلة . 
17817 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا إسحاق  عن أبي سنان  عن الضحاك   : ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا   ) قال : مساجد ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : قبل القبلة . 
وقال آخرون : معنى ذلك : واجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضا . 
ذكر من قال ذلك : 
17818 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا عمران بن عيينة  عن عطاء  عن سعيد بن جبير :   ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، قال : يقابل بعضها بعضا . 
قال أبو جعفر   : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، القول الذي قدمنا بيانه ، وذلك أن الأغلب من معاني " البيوت " وإن كانت المساجد بيوتا البيوت المسكونة ، إذا ذكرت باسمها المطلق دون المساجد . لأن " المساجد " لها اسم هي به معروفة ، خاص لها ، وذلك " المساجد " . فأما " البيوت " المطلقة بغير وصلها بشيء ، ولا إضافتها إلى شيء ، فالبيوت المسكونة .  [ ص: 176 ] 
وكذلك " القبلة " الأغلب من استعمال الناس إياها في قبل المساجد وللصلوات . 
فإذا كان ذلك كذلك ، وكان غير جائز توجيه معاني كلام الله إلا إلى الأغلب من وجوهها المستعمل بين أهل اللسان الذي نزل به ، دون الخفي المجهول ، ما لم تأت دلالة تدل على غير ذلك ولم يكن على قوله : ( واجعلوا بيوتكم قبلة   ) ، دلالة تقطع العذر بأن معناه غير الظاهر المستعمل في كلام العرب لم يجز لنا توجيهه إلى غير الظاهر الذي وصفنا . 
وكذلك القول في قوله ( قبلة ) 
( وأقيموا الصلاة   ) ، يقول ، تعالى ذكره : وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها . . وقوله : ( وبشر المؤمنين   ) يقول جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام : وبشر مقيمي الصلاة المطيعي الله ، يا محمد  المؤمنين بالثواب الجزيل منه . 
				
						
						
