القول في تأويل قوله تعالى : ( قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين ( 10 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال قائل من إخوة يوسف : ( لا تقتلوا يوسف ) .
وقيل : إن قائل ذلك" روبيل " ، كان ابن خالة يوسف .
ذكر من قال ذلك :
18799 - حدثنا بشر ، قال ، حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( لا تقتلوا يوسف ) ذكر لنا أنه روبيل ، كان أكبر القوم ، وهو ابن خالة يوسف ، فنهاهم عن قتله . [ ص: 565 ]
18800 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( اقتلوا يوسف ) ، إلى قوله : ( إن كنتم فاعلين ) ، قال : ذكر لي ، والله أعلم ، أن الذي قال ذلك منهم" روبيل " ، الأكبر من بني يعقوب ، وكان أقصدهم فيه رأيا .
18801 - حدثنا الحسن قال ، أخبرنا عبد الرزاق ، قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : ( لا تقتلوا يوسف ) قال : كان أكبر إخوته ، وكان ابن خالة يوسف ، فنهاهم عن قتله .
وقيل : كان قائل ذلك منهم" شمعون " .
ذكر من قال ذلك :
18802 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، في قوله : ( قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف ) قال : هو شمعون .
وقوله : ( وألقوه في غيابة الجب ) يقول وألقوه في قعر الجب ، حيث يغيب خبره .
واختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة : ( غيابات الجب ) على الجماع .
وقرأ ذلك عامة قرأة سائر الأمصار : ( غيابة الجب ) بتوحيد"الغيابة" .
قال أبو جعفر : وقراءة ذلك بالتوحيد أحب إلي .
و"الجب" : بئر . [ ص: 566 ]
وقيل : إنه اسم بئر بيت المقدس .
ذكر من قال ذلك :
18803 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : في : ( غيابة الجب ) ، يقول : بئر ببيت المقدس .
18804 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( غيابة الجب ) قال : بئر ببيت المقدس .
والغيابة : كل شيء غيب شيئا فهو"غيابة" و"الجب" ، البئر غير المطوية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
18805 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في : ( غيابة الجب ) ، في بعض نواحيها : في أسفلها .
18806 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وألقوه في غيابة الجب ) ، يقول : في بعض نواحيها .
18807 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله
18807 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن قال ، قال ابن جريج ابن عباس : ( وألقوه في غيابة الجب ) قال : قالها كبيرهم الذي تخلف . قال : و"الجب" ، بئر بالشأم . [ ص: 567 ]
18809 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( ألقوه في غيابة الجب ) يعني : الركية .
18810 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ ، قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول : "الجب" : البئر .
وقوله : ( يلتقطه بعض السيارة ) يقول : يأخذه بعض مارة الطريق من المسافرين ( إن كنتم فاعلين ) ، يقول : إن كنتم فاعلين ما أقول لكم . فذكر أنه التقطه بعض الأعراب .
18811 - حدثنا القاسم ، قال ، حدثنا الحسين ، قال ، حدثني حجاج ، عن قال ، قال ابن جريج ابن عباس : ( يلتقطه بعض السيارة ) ، قال : التقطه ناس من الأعراب .
وذكر عن أنه قرأ ( تلتقطه بعض السيارة ) بالتاء . الحسن البصري
18812 - حدثني بذلك أحمد بن يوسف قال حدثنا القاسم ، قال ، حدثني حجاج ، عن هارون ، عن ، عن مطر الوراق الحسن .
وكأن الحسن ذهب في تأنيثه"بعض السيارة" إلى أن فعل بعضها فعلها .
والعرب تفعل ذلك في خبر كان عن مضاف إلى مؤنث ، يكون الخبر عن بعضه خبرا عن جميعه ، وذلك كقول الشاعر :
أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال
[ ص: 568 ] فقال : "أخذن مني" ، وقد ابتدأ الخبر عن"المر" ، إذ كان الخبر عن"المر" ، خبرا عن"السنين" ، وكما قال الآخر :
إذا مات منهم سيد قام سيد
فدانت له أهل القرى والكنائس
فقال : "دانت له" ، والخبر عن أهل القرى ، لأن الخبر عنهم كالخبر عن القرى . ومن قال ذلك لم يقل : " فدانت له غلام هند" ، لأن"الغلام" لو ألقي من الكلام لم تدل"هند" عليه ، كما يدل الخبر عن"القرية" على أهلها .
وذلك أنه لو قيل" : فدانت له القرى" ، كان معلوما أنه خبر عن أهلها . وكذلك"بعض السيارة" ، لو ألقي البعض ، فقيل : تلتقطه السيارة ، علم أنه خبر عن البعض أو الكل ، ودل عليه الخبر عن"السيارة" .